الثورة – معد عيسى:
ما إن تصل ميناء بانياس ناقلة غاز حتى تهلل مواقع التواصل والصفحات للخبر موزعة الأمل بانتهاء أزمة الغاز، بالمقابل نقلت أول أمس بعض الصفحات خبراً عن تفاقم أزمة الغاز المنزلي في إدلب، والسؤال ما هو واقع الغاز في سوريا وما هي الاحتياجات؟ وهل الأسعار الحالية في السوق الموازية واقعية.
تحتاج سوريا حوالى 1500 طن من غاز الـ(LPG) المعروف بالغاز المنزلي أو غاز البروبان والرقم ينخفض صيفاً لأنه يُستخدم شتاءً في التدفئة المنزلية وفي المطاعم والمقاهي، وقبل أن نتحدث عن مصادر الغاز المنزلي لا بد من الإشارة إلى الفرق بين الغاز المنزلي والغاز الطبيعي، فالغاز المنزلي يُستخلص من الغاز الطبيعي عبر ما يُسمى عملية “تسييل” الغاز حيث يتم فصل البروبان عن بقية العناصر الأخرى بدرجة حرارة منخفضة تصل إلى 150 درجة تحت الصفر، وتختلف نسبة البروبان بين بئر غازي وآخر، وهذا يلعب دوراً في الكميات المُستخلصة من الغاز المنزلي.
ما سبق ضروري للتوضيح لأن الكثير من الناس كانوا يتساءلون عندما يتم وضع بئر غاز بالخدمة عن مصير هذا الغاز ولماذا تستمر الأزمة؟.
مصادر الغاز المنزلي
يُنتج الغاز المنزلي في سوريا من عدة مصادر، أهمها مصافي النفط ومن معامل الغاز، وكانت سوريا قبل الأحداث تُنتج كفايتها (800) طن يومياً، وتقوم بتصدير كميات قليلة إلى بعض دول الجوار ولكن بعد سيطرة “قسد” على معمل غاز ” كونكو” في دير الزور، وتمركز القوات الأمريكية في المعمل خرج المعمل من الخدمة وخسرت الدولة السورية 3 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، و450 طناً من الغاز المنزلي (LPG) التي كان يُنتجها المعمل وكان ذلك بداية أزمة الغاز المنزلي في سوريا.
أسعار مرتفعة
تُنتج سوريا اليوم 200 طن غاز منزلي من مصفاة بانياس (عشرة آلاف جرة غاز) ومثلها من مصفاة حمص، وحوالى 180 طناً من معمل غاز حيان، و70 طناً من معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى بإجمالي 650 طناً، وهو يعادل نصف الحاجة ويُغطى الباقي بالاستيراد، ولكن التحدي اليوم أكبر من ذلك بكثير مع توقف مصفاتي بانياس وحمص لتوقف توريد النفط من إيران، وبالتالي أصبح أمام الإدارة الجديدة تحدي تأمين 80% من الاستيراد وعليه لا تكفي الباخرة التي وصلت ميناء بانياس بالأمس لأكثر من ثلاثة أيام.
إسطوانات مُخالفة
الغاز المنزلي المتوفر حالياً في الأسواق قسم كبير منه يأتي عن طريق دول الجوار (لبنان، تركيا والأردن)، ولكن بأسعار مرتفعة، حيث يزيد سعر الإسطوانة (10 كيلو) عن 17دولاراً على سعر المركزي، فيما سعّرتها وزارة النفط وتبيعها بـ 12 دولاراً، وبالتالي لا بد من ضبط سعر السوق الموازي ليتقارب مع السعر الرسمي مع الإشارة إلى أن سعر الدولار والبنزين والمازوت في السوق الموازي أقل من السعر الرسمي فما السبب في أن سعر الغاز المنزلي أعلى؟
الحل لأزمة الغاز المنزلي في سوريا أن تقوم شركات خاصة بإنشاء وحدات تعبئة وتوزيع للغاز المنزلي، بالتوازي مع استمرار عمل وحدات شركة محروقات بالعمل وتحديثها، ولاسيما أقسام صيانة إسطوانات الغاز مع دخول عدد كبير من الإسطوانات تهريباً، من دون ضبط للمواصفة وعامل الأمان والسلامة، ما يجعلها خطراً في المنازل والمطاعم.
الأزمة إلى انحسار
لاشك أن أزمة الغاز ستأخذ طريقها للانحسار مع عودة نفط المنطقة الشرقية، وبدء عمل المصافي وإنتاجها للغاز المنزلي (400 طن يومياً)، كما أنه بانتهاء فصل الشتاء ينخفض الاستهلاك بشكل كبير مما يُقلل من الحاجة إلى الاستيراد، ويبقى الأمل الأكبر بعودة معمل غاز (كونكو) للعمل كونه أكبر مُنتج للغاز المنزلي في سوريا بـ450 طناً، ما يعادل 45 ألف اسطوانة غاز يومياً.
أخيراً..
تحديات كبيرة وكثيرة تواجهها الإدارة الجديدة للبلاد، ولكن أكبرها وأعقدها ملف المشتقات النفطية التي تُعتبر محرك الطاقة لكل مناحي الحياة، ولاسيما الكهرباء والنقل والزراعة، ويبقى الأمل بعودة النفط السوري إلى إدارة الدولة ليعم الجميع ويقلل من تحديات المواطن والدولة معاً.
#صحيفة_الثورة