الثورة – حسين صقر:
إدارة الحدود العاطفية ومساحة المشاعر التي يمكن التحرك في إطارها، غالباً ما يخضع للعقل الذي يعتبر مصدر التشريع عند الإنسان وأساس التفكير، أي بمعنى أن العقل يجب أن يتحكم في العاطفة التي تحاول أن تطغى عليه، من أجل الوصول إلى ما يسمى الانفصال العاطفي.
ولهذا لا يعني الأخير بالضرورة تجنب التعاطف، ولكنه بدلاً من ذلك يسمح للشخص بالمساحة العقلانية اللازمة لاختيار ما إذا كان سيتأثر، أو يتم التلاعب له من قبل هذه المشاعر أو تلك، وقد تشمل الأمثلة التي يستخدم فيها هذا المصطلح بمعنى إيجابي طريقة التحكم بعواطفه، وتجنب المستويات العاطفية من المشاركة المرتبطة بالأشخاص الذين يطالبون بالمشاعر بطريقة مفرطة.
ولتوضيح فكرة الانفصال العاطفي تواصلت “الثورة” مع الاختصاصية النفسية والباحثة في علوم الطاقة ربا خير الله، والتي قالت: يمكن اعتماد الانفصال العاطفي لمساعدة بعض الأشخاص في جزء من الحالات التي اعتاد أصحابها عادة معينة، أو يريدون بالمقابل التهرب من عادات أخرى أقرب للروتينية، مثل حالة ربة منزل من تجاهل طلبات الزوج الخاصة باتباع نظام غذائي معين، أو تناول أدوية معينة خاصة بها، أو رغبتها بالتواصل مع شخص اعتادت سماع صوته رغم التزامها مع أسرة، أو مساعدة شخص على ذات الشيء أو منعه من الذهاب إلى المقهى الذي اعتاد رؤية أصحابه فيه.
برود عاطفي
وأضافت خير الله: يمكن أيضاً أن يستخدم الانفصال العاطفي لوصف ما يعتبر في كثير من الأحيان “التخدر العاطفي” أو “البرود العاطفي”، أي المفارقة، وتبدد الشخصية، وهذا النوع من الخدر العاطفي هو انقطاع أو انفصال عن العاطفة، وغالباً ما يستخدم كمهارة للتكيف أو البقاء على قيد الحياة خلال أحداث الطفولة الصادمة مثل سوء المعاملة أو الإهمال الشديد، ومع مرور الوقت ومع الكثير من الاستخدام، يمكن أن يصبح طبيعة ثانية عند التعامل مع الضغوطات يوماً بعد يوم.
وأوضحت أن الانفصال العاطفي غالباً ما ينشأ عن الصدمة النفسية، وهو عنصر مكون في العديد من اضطرابات التوتر والقلق، حيث يكون الشخص، رغم وجوده الجسدي، موجوداً بعقله ومشاعره في مكان آخر، بمعنى أنه “ليس موجودا بشكل كامل جسدياً ووجدانياً”، وهو ما يجعله في بعض الأحيان يبدو كما لو كان مشغولاً، وبالتالي، فإن هذا الانفصال ليس واضحاً في كثير من الأحيان كما في الأعراض النفسية الأخرى، وغالباً ما يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة أنظمة عاطفية متراكبة قد يكون لديهم صعوبة في كونه أحد أفراد الأسرة المحبة، وقد يتجنبون الأنشطة والأماكن والأشخاص المرتبطة بأية أحداث صادمة تعرضوا لها.
مشكلات في الذاكرة
ونوهت الاختصاصية النفسية بأن فارقاً يمكن أن يؤدي أيضاً إلى عدم الاهتمام من بعض الأشخاص، وهو ما يتسبب بمشكلات في الذاكرة وفي الحالات القصوى فقدانها.
وهناك في بعض الحالات يصاحب ذلك تفكك وتبدد الشخصية، نظراً لعودة الأحداث إلى تلك الذاكرة وسيطرتها على التفكير، وهو اضطراب ما بعد الصدمة، أي أن الشخص يعيش اللحظات التي كان رائعاً مع غيره في وقت لم يلق منهم معاملة جيدة.
العلاج
وتحدثت خير الله عن طريقة للعلاج وهي مضادات الاكتئاب، لكن يجب عدم أخذها لفترة طويلة، لأنها تسبب مضاعفات أخرى، وفي هذه الحالة، غالبا ما يكون الشخص المعني غير قادر على البكاء، حتى لو كان يريد ذلك.
وأضافت يعد الاكتئاب سبباً من أسباب الانفصال العاطفي، حيث كثيراً ما يريد الشخص المكتئب الانزواء على نفسه وعدم مشاركة غيره ألمه وبالتالي فهو لا يريد مشاركة آلام الآخرين، فينفصل عن العالم الخارجي، ولهذا لابد من البحث عن طريقة لانخراطه مع المحيط، وبالتالي تقليل القلق والتوتر اللذين يعاني منهما، والابتعاد عن اللوم والانتقاد وإضعاف الشخصية، وعدم التعامل معه بقسوة، مثل التعذيب وإساءة المعاملة، والهرب والنفور منه.
وختمت الباحثة، وبالنظر إلى هذه التعاريف المختلفة، فإن قرار ما إذا كان الانفصال العاطفي في أي مجموعة معينة من الظروف يعتبر موقفاً عقلياً إيجابياً أو سلبيا هو قرار شخصي، وبالتالي قرار قد لا يوافق عليه أشخاص مختلفون، أو يمكن أن يتصرفونه ولا يسمونه هكذا.
#صحيفة_الثورة