الثورة – سمر رقية:
بعد الارتفاع الكبير في أسعار الألبسة والأحذية، بالتوازي مع انخفاض الدخل وتراجع صرف الليرة في عهد النظام البائد وما تركه من مشكلات معيشية كبيرة، لم يكن أمام ذوي الدخل المحدود إلا خيار البالة لشراء ما هو ضروري لسترة أولادهم وما يقيهم من برد الشتاء القارس، أمام انعدام الخيارات الأخرى.
جودة متفاوتة
اللافت الآن، وبعد التحرير، أن بسطات الألبسة قد افترشت أرصفة طرطوس ومداخل حدائقها، وأبواب كراجاتها، وكل متر يتسع لكومة ألبسة أو أحذية بعشوائية لافتة، حيث تجد تفاوتاً كبيراً في سوية البضائع المطروحة، تبدأ من الألبسة المستهلكة، ولا تنتهي بالأحذية التي بعضها ينافس في جودته ما هو جديد، لكن لكل معروض زبونه- كما يخبرك صاحب البسطة، فالمعروضات الجيدة قد تنافس الجديد في الأسعار، وربما أكثر بآلاف الليرات ولكن رواد البضائع الغالية الثمن قليلون جداً، والفقراء أصلاً لا ينظرون لها حتى .
على قد لحافك مد رجليك
وفي استطلاع لصحيفة الثورة، فإن زبائن البسطات تلك وأغلبهم من النساء يبحثون بين أكوام الألبسة ويعاينوها بسطة بسطة وبعد تمتعهم بمعاينة البضائع الغالية، يعدن إلى الأرخص، حيث القطعة تبدأ بعشرة آلاف ولا تتجاوز الثلاثين ألف ليرة سورية للجاكيت الذي يباع جديد “بالمئة وخمسين ألفاً، وهناك ألبسة الأطفال تباع كل ثلاث قطع بعشرة آلاف وفي آخر النهار يزداد العدد إلى أربع قطع، وكذلك الألبسة الداخلية.
وهناك سيدات بتن زبائن يومية لهذه البسطات، لذا لهن حظوة أخرى بأن تأخذ الواحدة منهن قطعة زيادة فوق مشترياتها، أو يحسم لها مبلغاً من المال لقطعة أجود من غيرها والتعليل لذلك بأنها زبونة دائمة.
سيدات أخريات أكدن أنه صحيح اسمها بالة وألبسة مستعملة، لكن بالنسبة لنا ولكثير من في حالنا، يراها غالية ولا نستطيع شراء حاجة أولادنا ونعمل بالمثل القائل “على قد لحافك مد رجليك”،لان هذا الدخل المحدود مقسم مصاريف دراسة وأدوية ومعيشة الخ.. وليس فقط لشراء الألبسة مهما كان نوعها.
إيجابيات
عدد من المواطنين الذين التقيناهم، أشاروا إلى أن إيجابيات انتشار البالة في الأسواق أكثر من سلبياته، فبغض النظر عن الانتشار غير المنظم للباعة وتسببهم ببعض العراقيل المرورية وإحداث ازدحامات والعشوائية الواضحة والأصوات، أصبح بمقدور ذوي الدخل المحدود أو الأقل أن يجدوا كسوة لهم ولأسرهم بأرخص الأسعار وبما يتناسب مع دخلهم.
السيدة سوسن إبراهيم أشارت إلى أن شراء الملابس من أسواق البالة في عهد النظام البائد كان حلماً صعب المنال، فشراء أي قطعة ملابس مهما كانت بسيطة كانت تكلف نصف الراتب وربما أكثر، أما الآن فأصبح بمقدور المواطنين تأمين كسوة ذات نوعية جيدة وبأسعار مناسبة، فسعر الكنزة النسائية مثلاً يبدأ من 10 آلاف ليرة، وسعر بنطال الجينز يتراوح بين 20 إلى 40 ألفاً، وسعر البيجامات يتراوح بين 20إلى 35 ألفاً، وسعر القطعة الواحدة عشرة آلاف، ومن النوع الجيد، مشيرة إلى أن الأسعار تنخفض بشكل يومي تقريباً بسبب المنافسة بين البسطات.
المواطنة ربا أم حسن، أكدت أن انتشار البالة تسبب بإحداث منافسة مع الملابس ذات الصناعة المحلية، إذ اضطر تجار الملابس الجديدة إلى تخفيض أسعارهم والإعلان عن عروض متنوعة وحسومات مختلفة بين الحين والآخر ،وهذا أمر جيد.
من جهته أكد محمود عمار أن تأمين الكسوة لم يعد صعباً، كما كان سابقاً، إذ بمقدور الأهل تأمين كسوة لأولادهم وبأسعار تناسب دخلهم، مضيفاً: استطعت أن أؤمن كسوة لطفلي “بيجاما وبنطال جينز وجاكيت وكنزة شتوية” من هذه البسطات، فقط بمبلغ مئة ألف ليرة، علماً أن جميع هذه المشتريات مقبولة والأهم أن الفقير بات قادراً على أن يشتري لأولاده كسوتهم بعد أن عجز لسنوات عدة عن شراء جورب واحد في عهد النظام البائد.
إقبال جيد ومقبول
من جهته، أوضح نعيم أبو علي- صاحب بسطة بالة، أن هناك إقبالاً كبيراً من المواطنين على شراء ملابس البالة وأغلبهم من الفقراء والمساكين، هذا جيد يخدمنا ويخدم الفقراء مثلنا، لكن لا بد من قول كلمة الحق مهما كان، هناك بالمقابل محال الألبسة الجديدة في الشوارع الراقية من المدينة وقفت مبيعاتها خلال تلك الفترة بسبب وجود ألبسة البالة الجيدة وبأسعار تناسب كل من يحتاجها.
#صحيفة_الثورة