الثورة- ترجمة هبه علي
حمص، سوريا، صورته منتشرة في كل مكان في سوريا، فهي مطبوعة على أعلام البلاد الجديدة، وعلى السترات الصوفية، وعلى جوانب الحافلات.
صوته، غير المدرب وغير المفلتر، موجود في كل مكان أيضاً: يستخدم في نغمات الهاتف المحمول ويصدر من مكبرات الصوت.
اسمه عبد الباسط الساروت، حارس مرمى المنتخب الوطني لكرة القدم للشباب، وفي سن التاسعة عشرة أصبح أحد أشهر المتظاهرين ضد نظام الأسد الاستبدادي في سوريا.
والآن فقط، بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بالقوة في كانون الأول الماضي، أصبح من الممكن عزف أغاني الساروت علناً في سوريا، فالأطفال، بعضهم ولد أثناء الثورة والذين حفظوا كلمات أغانيه سراً، يغنون أغانيه بفرح في الشوارع.
كاتب الأغنية هو أيمن المصري، 52 عاماً، وهو غير معروف إلى حد كبير في سوريا، على الرغم من شعبية أغانيه.
قبل اندلاع الثورة، كان المصري يبيع قطع غيار السيارات ويمتلك مصنعاً للكعك، وعندما بدأت الاحتجاجات المناهضة للنظام في عام 2011، انغمس في تنظيم المظاهرات .
كان عاشقاً للموسيقى وكاتباً هاوياً وبدأ أيضاً في تأليف القصائد لعدد من الناشطين والمغنين في مسقط رأسه حمص، إحدى أوائل المدن التي انتفضت ضد نظام الأسد.
إذا كان الساروت قديس الثورة، فإن المصري هو كاتبها، حيث كتب كل أغاني وترانيم المغني التي بلغ عددها نحو 130 أغنية.
وأصبحت أغنيتهم الأكثر شهرة “جنة، جنة، جنة” نشيداً احتجاجياً يمكن أن يحرك آلاف المتظاهرين في وقت واحد، ومع تزايد شهرة الرجلين، ازداد الخطر الذي يواجهانه، فقد حاولت قوات النظام عدة مرات اغتيال الرجلين.
ويقول المصري: إنهما لم يقضيا أكثر من بضع ليال في مكان واحد، حيث كانا محميين من قبل سوريين متعاطفين كانوا يخاطرون بالاعتقال لمساعدتهما.
في عام 2012، بدأت قوات الأسد حصار حمص، وكانت المدينة معروفة بأنها معقل لبعض أقدم وأشرس المقاومة ضد نظام الأسد، ورداً على ذلك، استهدفت قوات النظام – بمساعدة الغارات الجوية الروسية – المدينة بقصف شرس ومعارك حضرية من شارع إلى شارع .
وقد فر معظم المدنيين بعد أن دمرت الضربات المدفعية ما يقدر بنحو 60% من المباني وتناقصت إمدادات الغذاء، وكان المغني وكاتب الأغاني من بين سكان حمص الذين اختاروا البقاء، والانسحاب إلى الأزقة الضيقة في مدينة حمص القديمة.
ويقول خالد: إن الساروت كان يدعو باستمرار أن يموت وهو يقاتل، وبحلول نهاية الحرب، كان والده وأربعة من إخوته الخمسة قد قُتلوا وهم يقاتلون النظام.
في عام 2019، تحققت أمنية الساروت، يقول محمد الساروت (24 عاماً) ابن شقيق المغني الذي انضم إلى صفوف الثوار إلى جانب عمه في شمال سوريا: “كنت آخر شخص رآه حياً وودّعه، كان خارجاً، وقلت له: كن حذراً؛ هناك طائرة بدون طيار في السماء”، وبعد فترة وجيزة، أصيب المغني بجروح بالغة في ضربة.
وكان خالد زميله السابق بين العسكريين الذين نقلوه إلى مستشفى في تركيا لتلقي العلاج، لكن الساروت توفي متأثراً بجراحه في اليوم التالي عن عمر ناهز 27 عاما.
يدفن خالد وجهه بين يديه عندما يفكر في اللحظات الأخيرة في حياة صديقه، حيث يختلط حزنه بالفرح عندما شهد في كانون الأول الماضي نهاية النظام الذي ضحوا بالكثير من أجل إسقاطه.
“يوجد فصل كامل من هذه القصة لا يزال مفقودًا”، يقول خالد: “عبد الباسط مفقود”.
المصدر-NPR
#صحيفة_الثورة