الثورة – فؤاد العجيلي:
قال عضو الهيئة التدريسية في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور رائد حاج سليمان: إن الحديث كثر في الأيام الماضية حول الإعلان الدستوري من حيث الإيجابيات والسلبيات، وكذلك الفلسفة الدستورية الحاكمة له، معتقداً أن نقطة الفلسفة الدستورية الحاكمة جرى مقاربتها مقاربة سطحية إلى حد ما، وبالتالي من المفيد إعادة النظر والمحاولة في القراءة، بغية الاستفادة من ذلك في المستقبل حين وضع دستور دائم للبلاد.
الإعلان الدستوري اعتمد على نظام الحكم الرئاسي
وأضاف الدكتور حاج سليمان في حديث خاص لصحيفة الثورة: لقد اعتمد الإعلان الدستوري على نظام الحكم الرئاسي، وهذا النظام مطبق في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1789، ويتميز بمجموعة من الخصائص:
1- الفصل التام بين السلطات الثلاث.
2- السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية وهي أحادية الرأس.
3- السلطات متوازنة من حيث الصلاحيات والقوة، ولا تستطيع أي منها حل الأخرى.
4- ربط صلاحيات السلطة التشريعية بالتنفيذية، وصلاحيات السلطة التنفيذية بالتشريعية
5- استقلالية السلطة القضائية عن التنفيذية.
وأشار إلى وجوب مناقشة هذه الخصائص لجهة توافرها من عدمه في الإعلان الدستوري، وأيضاً مدى تناسبها والحالة السورية في حال اقتضت الضرورة، حيث يتضح بالنسبة للخاصية الأولى والمتمثلة بالفصل التام بين السلطات أنها متوفرة في الإعلان الدستوري في المادة 2 حين نصت صراحة على ذلك، وفي مواد الباب الثالث كاملة، ولكن يبقى استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية منوط بتنفيذ المادة47 ونصها: “تنظم آليات عملها واختصاصها بقانون”، فإذا جاء القانون المذكور بعدم قدرة رئيس الجمهورية على عزل أعضاء المحكمة الدستورية العليا بعد تعيينهم من قبله، نكون إزاء فصل بين السلطات.
إحداث منصب رئيس مجلس الوزراء ضرورة
أما فيما يتعلق بالخاصية الثانية ومؤداها أن السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية، وهي أحادية الرأس، فنجد أنها- بحسب سليمان، متوفرة في المواد من 31 حتى 42، وأعتقد بأنها غير مناسبة لسوريا في هذه المرحلة على الأقل، فسوريا بلد غير مستقر سياسياً، والرأي العام أصبح عاملأً مؤثراً ومحدداً في الحياة السياسية، فإذا طالب الشارع بإسقاط الحكومة يعني إسقاط رأس الدولة أيضاً.
ويرى سليمان من الأجدى إحداث منصب رئيس مجلس الوزراء، حتى يبقى الرئيس الضامن لوحدة البلاد وعدم انتشار الفوضى.
وأضاف سليمان: فيما يتعلق بالخاصية الثالثة، وهي موضوع توازن القوة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا تستطيع أي منهما حل الأخرى، أيضاً متوفرة في الإعلان الدستوري، فالرئيس لا يستطيع حل البرلمان، بالرغم من أنه له الحق في تعيين ثلث أعضائه (طبعاً هذا لتعذر إجراء الانتخابات) ولا يستطيع البرلمان إقالة الرئيس أو حكومته من منصبهم.
ترجيح السلطة التنفيذية
ويشير سليمان إلى أن الخاصية الرابعة، وفحواها ربط صلاحيات السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، وصلاحيات السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية، نجد أن الرئيس يستطيع الاعتراض على مشاريع القوانين التي يقرها مجلس الشعب وفق منطوق المادة 39، أما صلاحيات الرئيس لا تستوجب موافقة مجلس الشعب عليها، كتعيين الوزراء والسفراء، وبالتالي الإعلان أعطى رجحاناً للسلطة التنفيذية على التشريعية.
مراعاة الفصل بين السلطات
وختم الدكتور حاج سليمان: ومن خلال قراءة في الفلسفة الدستورية الحاكمة فإن الإعلان الدستوري راعى إلى حد كبير مبدأ الفصل بين السلطات، ولكن التطبيق يبقى هو المعيار الأساس.