هدايا المعلّمين.. عادةٌ اجتماعيّةٌ ترهق الأسر الفقيرة

الثورة – جاك وهبه:
يعدّ عيد المعلّم مناسبةً سنويةً تحتفي بها المجتمعات تكريماً لدور المعلّمين في بناء الأجيال وتشكيل مستقبل الطلاب، ورغم أن هذا اليوم يحمل رمزيةً كبيرةً تعبّر عن الامتنان والتّقدير، إلا أنه في بعض المدارس تحول إلى عبءٍ اجتماعيٍّ واقتصاديٍّ، نتيجة انتشار ظاهرة تقديم الهدايا للمعلمين، والتي باتت تثير الجدل حول مدى عدالتها وأثرها على البيئة التعليمية.

بين التّقدير والتّكاليف

في كثير من المدارس، اعتاد الطلاب على تقديم هدايا متفاوتة القيمة لمعلميهم كنوع من التعبير عن التقدير، وبمرور الوقت، أصبحت هذه العادة جزءاً من تقاليد الاحتفال بعيد المعلم، إلا أن تفاوت القدرة المالية بين الطلاب خلق فجوة واضحة، حيث يجد بعضهم أنفسهم في موقف محرج إذا لم يتمكنوا من تقديم الهدايا، خاصة في ظل الظّروف الاقتصادية الصّعبة التي تعاني منها بعض الأسر، وقد أصبح تقديم الهدايا أشبه بعرفٍ اجتماعيٍّ، ويتسابق بعض الطلاب في اختيار هدايا متميزة، مما يعزز مفاهيم التفاوت الطبقي داخل المدرسة بدلاً من أن يكون يوم المعلّم مناسبةً موحدة تحتفي بالمساواة والاحترام المشترك، كما أن بعض المعلمين، رغم تقديرهم للفتة الطلاب، قد يشعرون بالإحراج من تلقي الهدايا، خاصة عندما تكون ذات قيمة مرتفعة، مما قد يؤدي إلى إحساس غير مريح بالالتزام تجاه الطلاب الذين قدموا الهدايا مقارنة بغيرهم.

بين المنع والتّجاهل

في محاولة لضبط هذه الظاهرة، لجأت بعض المدارس إلى فرض قرارات صارمة تمنع تقديم الهدايا للمعلمين، حفاظاً على مبدأ المساواة بين الطلاب، على اعتبار أن الهدف من عيد المعلم ليس تحويله إلى مناسبة مادية، بل جعله يوماً يعكس قيمة المعلم واحترام جهوده من دون ضغوط اجتماعية أو مالية على الطلاب وأسرهم، ومع ذلك، لا تزال بعض المدارس تتجاهل هذه القضية وتترك الباب مفتوحاً أمام الطلاب وأسرهم، مما يسمح باستمرار هذه العادة، وما يترتب عليها من ضغوطٍ نفسيّةٍ وماليةٍ على الطلاب الأقل قدرة، مع الإشارة إلى أنّ هذا التجاهل يؤدي في بعض الأحيان إلى خلق بيئة تنافسية غير صحية بين الطلاب، بدلاً من أن يكون العيد مناسبة لتعزيز الروابط الإيجابية بين المعلم وطلابه.

طرقٌ بديلةٌ

يرى التربويون أن تقدير المعلم لا ينبغي أن يكون مشروطاً بعطاء مادي، بل يمكن التعبير عنه بطرق أكثر شمولية وإنصافاً، فبدلاً من تقديم الهدايا، يمكن للطلاب كتابة رسائل شكر بخط اليد تعبر عن امتنانهم وتقديرهم لدور معلميهم، مما يضفي طابعاً شخصياً وأكثر صدقاً على الاحتفال، ومن الحلول البديلة أيضاً، تنظيم فعاليات مدرسية رسمية يكرم فيها المعلمون بشكل جماعي، بحيث يشعر الجميع بالتقدير من دون استثناء أو تفريق، إلى جانب ذلك، يمكن إقامة أنشطة طلابية مثل: العروض المسرحية أو الفقرات الشعرية التي تحتفي بجهود المعلمين بطريقة فنية وتعليمية، ومن خلال هذه الأساليب، يصبح عيد المعلم مناسبة حقيقية للتعبير عن الامتنان بطريقة عادلة وشاملة، بعيداً عن أي أعباء مالية قد تثقل كاهل بعض الأسر.

العدالة والمساواة

ختاماً.. إنّ عيد المعلم هو مناسبة يجب أن تبقى نقية من المظاهر المادية، لتعكس جوهر العلاقة بين المعلم والطالب القائم على الاحترام والتقدير المتبادل، ومع تزايد الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها العديد من الأسر، يصبح الالتزام بمبادئ العدالة والمساواة في الاحتفاء بهذه المناسبة أمراً ضرورياً، لذلك، من واجب المدارس توجيه الطلاب وأولياء الأمور نحو طرقٍ بديلةٍ وأكثر إنصافاً لتكريم المعلمين، بعيداً عن الضغوط المالية أو الاجتماعية، حتى يبقى عيد المعلم يوماً للاحتفاء بالقيم التربوية السامية، وليس مظهراً للتمييز الاجتماعي داخل البيئة التعليمية.

آخر الأخبار
تفجير كنيسة مار إلياس.. قراءة في رمزية المكان وتوقيت الهجوم ومآلاته تفجير الدويلعة يوحّد السوريين: دم واحد في وجه الإرهاب دول عربية وأجنبية تدين التفجير الإرهابي بدمشق: هدفه زرع الفتنة وزعزعة الاستقرار الرسوم العجمية بأياد سورية ماهرة  سوريا: الهجوم الإرهابي بحق كنيسة مار الياس محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني محامو درعا يستنكرون العملية الإجرامية بحق كنسية مار إلياس بريد حلب يطلق خدمة "شام كاش" لتخفيف العبء عن المواطنين حلاق لـ"الثورة": زيادة الرواتب إيجابية على مفاصل الاقتصاد   تفعيل قنوات التواصل والتنسيق مع الدول المستضيفة للاجئين  ضحايا بهجوم إرهابي استهدف كنيسة مار إلياس في الدويلعة تفجير إرهابي يستهدف كنيسة مار إلياس في دمشق ويخلّف أكثر من 20 ضحية "مطرقة منتصف الليل"... حين قررت واشنطن إسقاط سقف النووي الإيراني زيادة الرواتب بنسبة 200 بالمئة.. توقيت استثنائي تحسن القدرة الشرائية وتحد من البطالة   خبير اقتصادي لـ " الثورة":  الانتعاش الاقتصادي يسير في طريقه الصحيح  يعيد الألق لصناعتها.. "حلب تنهض"… مرحلة جديدة من النهوض الصناعي زيادة الرواتب 200%.. خطوة تعزز العدالة الاجتماعية وتحفز الاقتصاد الوطني  تأهيل المكتبة الوقفية في حلب بورشة عمل بإسطنبول الشيباني وفيدان يؤكدان أهمية مواصلة التنسيق الثنائي   غلاء أجور النقل هاجس يؤرق الجميع.. 50 بالمئة من طلاب جامعة حمص أوقفوا تسجيلهم تأثيرات محتملة جراء الأحداث على الاقتصادات والتجارة