الثورة – غصون سليمان:
إلى أمهات الوجع السوري اللواتي استوطن الحزن قلوبهن، وتاهت الفرحة في زوايا الأمكنة المعتمة تبحث عن ذكرى هنا وهناك.. علّها تبصر قصاصة ورق أو قطعة قماش بقيت متناثرة تحت سراديب القهر والدمار على امتداد جغرافية الوطن.
هي الأم التي كانت ومازالت وستبقى عنوان الوجود والخصب والفرح والأمل، المزروعة في كل قلب، والحاضرة في كل ضمير ووجدان حي، كرمز لأول معلم ووطن صغير، فيه نشأنا وكبرنا وتعلمنا وحلمنا بالضفاف التي ترسو عليها طموحاتنا.
قد يصعب التوصيف اليوم ونحن في حضرة عيد ست الحبايب، حيث كانت تستنفر العوائل السورية قبل أيام من المناسبة في التحضير على أعلى المستويات المادية والمعنوية بما يليق بأس المجتمع الفاعلة والمنفعلة، المؤثرة والمتأثرة فيه، كرد لبعض الجميل وعرفان بصنيع ما قدمته أمهاتنا رغم تباين أعمارهن في مختلف الظروف القاسية.
لكن للأسف ومع سطوة الحروب وزعزعة استقرار أمن البلاد على مدى أربعة عشر عاماً، وما شهدته من ويلات الفقد للأبناء والآباء والأمهات والزوجات والإخوة والأخوات كلهم على السواء، بات البحث عن ذرة تفاؤل وفسحة أمل كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، في هذا العالم المجنون الذي أساء توجيه البوصلة نحو الهدف الصحيح، فكان لانحرافها في غير اتجاه تأثير كارثي على الحجر والشجر والبشر من دون استيعاب لحجم العمى السياسي الذي أفقد المجتمع مظلة أمنه وأمانه.
نأمل من الله أن يكون القادم من الأيام أكثر رحمة ومحبة وتسامحاً وصفحاً، وتصفو فيه القلوب صغيرها وكبيرها وتلتقي الأفئدة على موائد الأمهات الباقيات على قيد الانتظار..
كل عام وسوريا بأهلها وناسها بألف خير ورحمة.