الثورة – عبد الحميد غانم:
اعتمد التقدم البشري على تبني التكنولوجيات التحويلية، وكما حفزت اللغة تقدم الحضارة، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم فرصة فريدة لدفع الإمكانات البشرية.
وإذا كان للتاريخ أي دليل، فإن أولئك الذين يتبنون هذا الابتكار سوف يقودون المستقبل.
تعزيز الذكاء البشري
يمثل الذكاء الاصطناعي لحظة مهمة في تطور البشر، حيث يقدم طرقاً جديدة لمعالجة المعلومات وتوليدها والتصرف بناءً عليها على نطاق غير مسبوق.
إن قدرة الذكاء الاصطناعي على تعزيز الذكاء البشري والإنتاجية وصنع القرار هائلة، وخاصة الفوائد الاقتصادية التي يجنيها البشر فوحدها مذهلة.
مساهمته في السوق
ومن المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بتريليونات الدولارات في الأسواق العالمية على مدى العقد المقبل، مما يعزز موجات جديدة من الرخاء للدول التي تنجح في دمجه.
ومن تسريع اكتشاف الأدوية إلى تحسين سلاسل التوريد، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على تبسيط العمليات المعقدة سيكون لها آثار عميقة على كل من الشركات والمستهلكين.
وعلى العكس من ذلك، فإن البلدان التي تتخلف في تطوير الذكاء الاصطناعي قد تجد نفسها في وضع تنافسي غير مؤات، وخاصة في مجال الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي.
خطر التردد
وبينما يعمل تبني الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل الصناعات العالمية، فإن الدول التي تتردد في تبنيه تخاطر بالتخلف ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل وأيضاً في مجال السيادة التكنولوجية.
ويؤكد السباق المستمر بين الولايات المتحدة والصين للسيطرة على الذكاء الاصطناعي على أهميته الاستراتيجية، ولكن على الرغم من هذه الفرص، يبدو أن الولايات المتحدة مترددة، وإن التدقيق التنظيمي للذكاء الاصطناعي الخوارزمي – وهو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي الذي يرتبط بالقواعد المستمدة من أنماط البيانات والتدريب السابق لتحليل المعلومات وتقديم التوصيات – آخذ في الارتفاع.
استخداماته
في حين أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يخلق محتوى جديداً، يعد جديداً نسبياً، فقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي الخوارزمي منذ فترة طويلة في صناعات تتراوح من الخدمات اللوجستية إلى التمويل، وتحسين استراتيجيات التسعير وزيادة الكفاءة.
وتعتمد شركات مثل أمازون وول مارت على التسعير القائم على الذكاء الاصطناعي لضبط الأسعار ديناميكياً، في حين يستفيد المستهلكون من انخفاض الأسعار على السلع والخدمات الأقل طلباً.
ويعد الذكاء الاصطناعي الحسابي أمراً بالغ الأهمية أيضاً في قطاعات مثل الطاقة، حيث يساعد على موازنة شبكات الكهرباء، وفي الزراعة، حيث يعمل على تحسين استخدام المياه وإنتاجية المحاصيل.
وعلى الرغم من كفاءتها، فإن المخاوف التنظيمية لا تزال قائمة، وغالباً ما تستند إلى أسوأ السيناريوهات بدلاً من الأدلة الواقعية على الضرر.
صنع القرار
ومن عجيب المفارقات أن حكومة الولايات المتحدة نفسها تبنت الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار. تستخدم الوكالات الفيدرالية الذكاء الاصطناعي لتسعير الطرق ذات الرسوم، والكشف عن المدفوعات الاحتيالية، وتقييم مخاطر الانتحار بين المحاربين القدامى، وتسريع مطالبات العجز في الضمان الاجتماعي.
تقليل الأخطاء
وتوضح هذه التطبيقات كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الكفاءة، ويقلل الأخطاء البشرية، ويحسن النتائج لملايين المواطنين. ومع ذلك، تقوم الهيئات التنظيمية الآن باستطلاع آراء تطبيقات القطاع الخاص، وخاصة في مجال تسعير الفنادق والإيجارات، حيث أشارت وزارة العدل إلى مخاوف أوسع نطاقاً بشأن دور الذكاء الاصطناعي في نماذج التسعير.
تساؤلات حرجة
وتثير هذه المفارقة – حيث يتم الاحتفاء بالذكاء الاصطناعي في الاستخدام العام ولكن يُخشى منه في المؤسسات الخاصة – تساؤلات حرجة حول ما إذا كانت القواعد التنظيمية مدفوعة بالمنطق الاقتصادي أو المخاوف السياسية.
وقد سلطت التحديات القانونية الضوء بالفعل على نقاط الضعف في موقف الحكومة. وفي تقييم موقف الحكومة، واجه القضاة صعوبة في التعامل مع حقيقة أن الشركات كانت حرة في تجاهل توصيات التسعير الخاصة ببرنامج الذكاء الاصطناعي.
حتى أن العديد من الولايات منعت الحكومات المحلية من سن قوانين التحكم في الإيجارات بسبب آثارها الاقتصادية طويلة المدى، لكن الحد من الذكاء الاصطناعي الخوارزمي من شأنه أن يفعل الشيء نفسه تقريباً.
وهناك من يجازف بتكرار هذه الأخطاء السياسية ــ الحد من كفاءة السوق والإضرار بالمستهلكين في نهاية المطاف بدلاً من حمايتهم.