الثورة- أسماء الفريح:
في خطوة مفاجئة وبعد نحو يوم من دخول فرض تعريفات جمركية أميركية حيّز التنفيذ على عشرات الشركاء التجاريين، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق العديد من الرسوم الجديدة لمدة 90 يوماً، وزيادتها على الصين مجدداً، فيما عزت وسائل إعلام أميركية القرار إلى التداعيات الاقتصادية التي قد تكون كارثية وأسوأ من المتوقع.
ترامب كتب على مواقع التواصل الاجتماعي: “سمحت بتعليق مؤقت لمدة 90 يوماً، ورسوم مضادة مخفّضة بشكل كبير خلال تلك الفترة بنسبة 10 بالمئة، تدخل حيّز التنفيذ فوراً، فيما أشار إلى أنه سيرفع الرسوم الجمركية على الواردات من الصين إلى 125 بالمئة من 104 بالمئة الذي دخل حيّز التنفيذ أمس.
ووفق تحليل في شبكة ” CNN” فإن أسواق المال تنفست الصعداء بهذا الإعلان، مبيناً أن الساري الآن هو إما أن الفريق الاقتصادي لترامب كان يخادع عندما وعد بأن الرسوم الجمركية المتبادلة باقية، أو أن الخبراء الاقتصاديين في البيت الأبيض رأوا بوادر حالة طوارئ آنية ناشئة – سوق سندات متعثر إلى جانب سوق أسهم متعثرة – وأدركوا أن الانهيار الاقتصادي الكامل أمر وارد.
وأشار إلى أن حالة الطوارئ الاقتصادية ليست سوى واحدة من مجموعة من حالات الطوارئ والسلطات الطارئة التي تستشهد بها إدارة ترامب لتبرير أفعالها.
وذكر ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر لـ “CNN” أن القلق المتزايد داخل وزارة الخزانة الأميركية بشأن تطورات سوق السندات كان عاملاً محورياً في قرار ترامب إيقاف نظام الرسوم الجمركية “المتبادلة”، وتابعت الشبكة أن وزير الخزانة سكوت بيسنت أثار هذه المخاوف مباشرةً مع ترامب أمس في اجتماع سبق إعلان الإيقاف، ليؤكد القلق الكبير الذي أعرب عنه المسؤولون الاقتصاديون في البيت الأبيض الذين أطلعوا الرئيس الأميركي على تسارع وتيرة البيع في سوق سندات الخزانة في وقت سابق.
كما ركزت الاتصالات الهاتفية مع كبار مستشاري البيت الأبيض من حلفاء رئيسيين في مجتمع الأعمال بشكل متزايد على التطورات المقلقة في سوق السندات، حيث دافعوا عن تراجع ترامب.
وأفاد اثنان من المصادر، لـ CNN، أن ترامب لم يتخذ قراراً بإيقاف معدلات الرسوم الجمركية الجديدة المثيرة للجدل عندما كان ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي حول سوق الأسهم صباح الأربعاء.
وقال ترامب للصحفيين: “سوق السندات في حالة حرجة للغاية، كنت أراقبه.. سوق السندات الآن رائع.. لكن نعم، رأيت الليلة الماضية حيث بدأ الناس يشعرون ببعض القلق”.
وكان واضحاً حرص ترامب على نسب الفضل لنفسه في مكاسب سوق الأسهم الأربعاء دون ذكر الخسائر القياسية التي بلغت تريليون دولار خلال الأسبوع الماضي، وقال: “إنها أكبر زيادة في تاريخ سوق الأسهم، هذا أمر جيد جداً”، مضيفا: “إذا استمريتم على هذا المنوال، فستعودون إلى ما كانت عليه قبل أربعة أسابيع”.
واعتبر ترامب أن مصداقيته لم تتآكل بسبب الصدمة، وقال: “يجب التحلي بالمرونة، أعتقد أن الأسواق المالية تتغير، انظروا إلى مدى تغيرها اليوم.
“وأصرّ وزير الخزانة بيسنت ومسؤولون آخرون على أن قرار تعليق الرسوم الجمركية الجديدة على جميع الدول باستثناء الصين لم يكن تراجعاً؛ بل اعتبروا هذه الخطوة جزءاً لا يتجزأ من خطة ترامب الشاملة لجلب الدول إلى طاولة المفاوضات.
وتسبب قرار ترامب السابق في فرض تعريفات جديدة بضربة قوية للأسواق العالمية، كما خسرت أسواق الأسهم تريليونات الدولارات خلال الأسبوع الماضي، وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات.
ورأى ترامب في وقت سابق أن الرسوم الجمركية ستساعد في إعادة بناء قاعدة صناعية تضاءلت على مدى عقود في ظلّ التجارة الحرة، وأبدى استعداده للتفاوض بشأن إزالة تلك الحواجز مع الشركاء التجاريين على أساس كل دولة على حدة، متجاهلاً تراجع الأسواق، حيث كتب على مواقع التواصل قائلاً: “اطمئنوا! كلّ شيء سيسير على ما يرام.. ستكون الولايات المتحدة أكبر وأفضل من أي وقت مضى!”.
و رفعت الصين الرسوم على الواردات من الولايات المتحدة من 34 إلى 84 بالمئة، بعد ساعات من تطبيق ترامب رسوماً جمركية مضادة بلغت 104 بالمئة على السلع الصينية، فيما أعلنت اليابان وكندا أنهما ستتعاونان لتحقيق استقرار النظام المالي العالمي، وهي “المهمة” التي كانت الولايات المتحدة تتولى عادةً مسؤوليتها في أوقات الأزمات.
هذا وسجل اليوان الصيني تراجعاً في التعاملات المحلية إلى 7,3518 للدولار وذلك في أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ الأزمة المالية العالمية أواخر 2007، مع خفض البنك المركزي توقعاته لجلسة التداول السادسة على التوالي، في ظلّ تصاعد التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة.
ومن شأن ضعف اليوان أن يجعل الصادرات الصينية أرخص، ويخفف من تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد، ومع ذلك، يقول محللون وخبراء اقتصاد: إن الانخفاض الحاد قد يزيد من ضغط تدفقات رأس المال غير المرغوب فيها، ويهدد الاستقرار المالي.
وقالت مصادر مطلعة لرويترز: إن البنك المركزي الصيني لن يسمح بانخفاضات حادة في قيمة اليوان، وإنه أصدر تعليماته للبنوك الحكومية الكبرى بخفض مشترياتها من الدولار.