الثورة- منهل إبراهيم:
لا تبدو أي من أزمات المنطقة المعقّدة متجهة نحو حلول في المدى المنظور، ملفات متشابكة لا تجد سبيلاً إلى فكها بسبب عدم وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، ورغم وجود جهود جبّارة تبذل من أطراف عدة عربية ودولية لبلوغ تسوية شاملة تنهي الصراع.
ومنذ عودة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من واشنطن، ازداد الحديث عن ضغوط أميركية على “تل أبيب”، للتوجه إلى صفقة عاجلة في قطاع غزة، تمهّد الطريق لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، حيث يُتوقّع أن يعلن من السعودية، بشكل خاص، انطلاق مرحلة جديدة من “الاستقرار” في الشرق الأوسط.
ويؤكد محللون أن الولايات المتحدة “تضغط من أجل صفقة شاملة تؤدي إلى استعادة جميع الأسرى، كجزء من تحرّك أوسع في الشرق الأوسط يشمل إنهاء الحرب في غزة، ويبدو أن المفاوضات الجارية مع إيران بشأن الملف النووي “ليست منفصلة عن هذا التحرّك، بل تشكّل أحد أركانه الأساسية ضمن خطة شاملة”.
وفي الوقت الذي تعيش فيه المنطقة توترات سياسية وعسكرية، يرى مراقبون أن هذه الأزمة قد تسفر عن فرصة لتحقيق تسوية ما بين مختلف الأطراف، سواء لتلبية مصالحها، أولتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المحقة بدولة خاصة به يستحقها.
البروفيسور جيفري ساكس، رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة (SDSN)، وسيبيل فارس المستشارة الأولى لمنطقة الشرق الأوسط في الشبكة، كشفا النقاب عن “خطة للسلام تم عرضها بالفعل على كبار الشخصيات على مستوى وزراء الخارجية والدبلوماسيين، وحتى رؤساء الدول السابقين والحاليين في الشرق الأوسط وأنحاء العالم والأمم المتحدة، وحتى في “إسرائيل”، وأتت الاستجابة إيجابية، دون استثناء تقريباً، حيث تم نشرها باللغة الإنكليزية، وترجمتها للعربية”.
وأضافا في مقال مشترك نشره موقع “زمن إسرائيل”، أن “التغيرات الاستراتيجية التي تشهدها المنطقة في العام الأخير جعلت الخطة أكثر أهمية من أي وقت مضى، بل إنها جعلت تحقيقها أكثر واقعية من الماضي”.
وأشارا إلى أن “بدء إيران لحوار مع الولايات المتحدة، إذا نجح سيقتلع الأساس لمواجهة عسكرية مع إسرائيل، ويبدو أن دونالد ترامب مهتم بالتجارة مع الشرق الأوسط، وليس الحرب فيه، مما قد يؤدي في نهاية المطاف لتغيير في الدعم الأمريكي الطويل الأمد لمعارضة إقامة دولة فلسطينية، ومن شأن هذا التغيير أن يسمح بإبرام صفقة كبرى، من شأنها أن تؤدي لإنشاء الدولة الفلسطينية”.
وحذرا من أن “كل ذلك يحصل بينما تزداد المعارضة العالمية لأفعال الاحتلال: جيشه ومستوطنيه، في غزة والضفة، وتعتبرها العديد من البلدان جرائم حرب، مقابل تنامي الدعم الدولي للحل غير القابل للنقاش المتمثل بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ومن المتوقع أن تؤدي الأحكام المتوقعة في المحاكم الدولية في لاهاي لتعزيز وتكثيف المعارضة الدولية للاحتلال، وتزيد من إلحاح إيجاد حل لإنهائه”.
وأوضحا أنه “من المقرر أن يعقد مؤتمر في حزيران/ يونيو المقبل، حيث ستعلن دول إضافية اعترافها بدولة فلسطين، وفي ضوء كل هذا، فإن خطتنا أصبحت أكثر أهمية وواقعية من أي وقت مضى، خاصة عقب إعلان القاهرة في 4 مارس، والمؤتمر الدولي القادم حول فلسطين في حزيران/ يونيو”.
وكشفا أن “النقاط اللازمة التي تشكل أساس السلام الشامل في الشرق الأوسط، تتمثل بالتنفيذ الكامل لاتفاقيات وقف إطلاق النار، وخطط إطلاق سراح الأسرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما فيها فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، واتفاق عالمي على حل الدولتين نتيجة “مؤتمر الأمم المتحدة الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين” في حزيران/ يونيو 2025، وقبول دولة فلسطين كعضو دائم رقم 194 في الأمم المتحدة في حزيران/ يونيو 2025، ضمن الحدود المعترف بها دولياً في 1967 وعاصمتها شرقي القدس”.
وأضافا أن “النقاط تتعلق بقبول دولة فلسطين عضواً في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة الإعمار في أيلول/ سبتمبر 2025، والتنمية وإنشاء صندوق لإعادة الإعمار وإعادة إعمار غزة كما دعا إعلان القاهرة، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ووقف جميع الأعمال العدائية، بما فيها إزالة التمويل، ونزع سلاح الكيانات المتحاربة من غير الدول، واحترام والاعتراف بسيادة كل دولة في المنطقة، وسلامة أراضيها، واستقلالها السياسي”.
ويؤكد محللون وأوساط دبلوماسية عربية وغربية أن “غزة” هي مدخل التسوية الشاملة في المنطقة التي ينتظرها الأطراف جميعاً لبناء مواقفهم وقراراتهم استناداً إلى نتائجها، وعبرها سيُطبق حل الدولتين، مع نتنياهو أو من دونه، ويد إيران ستُرفع عن القضية الفلسطينية.
