أداة حاسمة في مواجهة الانهيار الاقتصادي.. خبيرة تنموية لـ”الثورة”: المشاريع الزراعية الصغيرة تعاني نقص التمويل
الثورة – رولا عيسى:
غابت السياسات والخطط الموجهة لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن المشهد الاقتصادي في سوريا، على الرغم من أنها العمود الفقري لتحسين الواقع المعيشي.
وبعد الاتفاق الموقع عليه من قبل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP، والمصرف المركزي لمنح قروض التمويل الأصغر لأربعة مصارف بقيمة 2.9 مليون دولار، تلتفت الأنظار نحو أهمية توجيه القروض إلى مكانها الصحيح.
وفي هذا المقال ومقالات قادمة، نفرد أهم التحديات التي يعاني منها قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة والبداية من القطاع الزراعي.
تقول الخبيرة التنموية- رئيس مجلس أمناء مؤسسة حقولنا للمشاريع الزراعية والحيوانية المستدامة الدكتورة زبيدة قبلان: تعاني المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سوريا من نقص التمويل، وصعوبة الحصول على قروض لشراء المعدات أو المدخلات الزراعية بسبب الأوضاع الاقتصادية.
تدهور البنية التحتية
وتشير في حديثها لصحيفة الثورة إلى تدهور البنية التحتية، انهيار شبكات الري، نقص الوقود لتشغيل المضخات، وعدم وجود مخازن تبريد، ناهيك عن القيود المفروضة على الاستيراد، صعوبة استيراد البذور المُحسنة، الأسمدة، أو الأدوية البيطرية بسبب العقوبات، وأخيراً تغير المناخ، والجفاف المتكرر وندرة المياه تُهدد استدامة المشاريع.
الحاجة للتمويل الأصغر
وحول آليات الدعم المطلوبة تقول الدكتورة قبلان: ثمة حاجة ضرورية إلى التمويل الأصغر عبر توفير قروض ميسرة لصغار المزارعين من خلال منظمات محلية أو دولية. كذلك الحاجة للتدريب والتكنولوجيا عبر نشر تقنيات زراعية بسيطة (كزراعة الأسطح، الزراعة الحافظة)، وتدريب على إدارة المشاريع، وتعزيز التعاونيات من خلال دعم تكوين تعاونيات زراعية لتجميع الموارد وتحسين التسويق، وفق ما ذكرت الدكتورة قبلان.
إعادة التأهيل
الأمر الآخر المهم- بحسب الخبيرة التنموية- هو إعادة تأهيل البنية التحتية عبر إصلاح الآبار، أنظمة الري، وتوفير مستودعات تخزين، ودعم القطاع البيطري، توفير اللقاحات والأدوية للثروة الحيوانية لخفض نسبة النفوق.
أداة حاسمة
وتعتبر أن المشاريع الصغيرة في القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، هي أداة حاسمة لمواجهة انهيار الاقتصاد السوري وتحقيق التعافي المستدام.
ونجاحها لا يعزز الأمن الغذائي فحسب، بل يُعيد الحياة إلى الأرياف ويُقلص الفقر، ومع ذلك، يتطلب هذا النجاح بيئة داعمة تشمل تمويلاً مُبتكراً، سياسات حكومية مُساعدة، وتعاوناً دولياً لتجاوز العقبات.
هنا تقترح الدكتورة قبلان أنه يمكن لنا أن نقدم خُططاً واستراتيجيات لاستثمار أموال المنح في دعم المشاريع الصغيرة من دون تحويلها إلى قروض تُثقل كاهل أصحابها، مع ضمان استدامة التأثير، ومنها المنح المباشرة غير القابلة للسداد، ومنح تمويلية من دون شروط استرداد، مثل توزيع الأموال كمِنح غير مُسدَّدة لتغطية تكاليف التأسيس أو الشراء (مثل شراء معدات، بذور، مواد خام)، مع توقيع اتفاقيات تُلزم المستفيدين باستخدامها في أغراض محددة.
منح متدرجة
وتقترح منحاً مُتدرجة، تقسيم المنحة إلى مراحل (مثل: 30 في المئة للتأسيس، 40 في المئة بعد تحقيق إنتاج أولي، 30 في المئة بعد ضمان الاستمرارية)، لضمان الجدية وتقليل الهدر.
ومن ضمن المقترحات، الدعم العيني (غير النقدي)، أي توفير مدخلات الإنتاج، بدلاً من منح الأموال، تقديم سلع عينية مثل آلات زراعية بسيطة.
وأيضاً ما يتعلق ببناء البنية التحتية: تمويل إنشاء مشاريع مشتركة (مثل وحدات ري صغيرة، مخازن جماعية) تخدم مجموعة من المستفيدين.
وتتطرق إلى أهمية بناء القدرات والتدريب عبر تقديم منح تعليمية، وتمويل دورات تدريبية في إدارة المشاريع، التسويق الرقمي، أو تقنيات الإنتاج الحديثة، إضافة للدعم الفني والاستشاري.
من ضمن أشكال المنح تمويل المجموعات أو التعاونيات، كالمنح الجماعية: كتمويل تعاونيات أو مجموعة منتجين، وإنشاء صندوق تداول مشترك، مع إدارة الصندوق من قبل لجنة محلية.
ربط المنح بأهداف تنموية
وتؤكد الدكتورة قبلان على أهمية ربط المنح بتحقيق أهداف تنموية منها منح مشروطة بأثر مجتمعي، مثل تمويل مشروع زراعي بشرط تخصيص جزء من الإنتاج لتغذية المدارس أو الأسر الفقيرة.
عن الشراكات مع القطاع الخاص المحلي تقترح تمويل مُقابل حصص استثمارية رمزية، عبر استثمار جزء من المنحة في مشاريع صغيرة ضمن شراكات مع قطاع خاص محلي (بدون سيطرة على القرارات)، على أن يعود جزء من الأرباح لإعادة استثمارها في مشاريع جديدة.
صندوق الطوارئ
وتنوه الخبيرة التنموية بوضع نظام التمويل القائم على النتائج (RBF)، مكافأة النجاح، مع وجود صندوق طوارئ لدعم الاستمرارية، إلى جانب تعزيز الشمول المالي الرقمي، عبر محافظ إلكترونية، منصات تمويل جماعي أي ربط المستفيدين بمنصات تبرعات صغيرة من المجتمع المحلي أو المغتربين لدعم مشاريعهم بشكل مباشر.