بقلم: سعاد زاهر
عشية عيد ميلاد رامي أهدته عمته ليلى “تاباً” ضمن مجموعة هدايا، إذ إنها تدلله كأنه طفلها الوحيد..
رامي، الذي يدرس في الصف السادس الابتدائي، انصرف عن كل الهدايا متعلقاً بذلك “التاب”، وحاول أن يأخذه معه إلى المدرسة، لكن والدته نهته عن ذلك، قائلة: “إن ذلك ممنوع، وعليك أن تهتم بدروسك في المدرسة”.
أنزل رامي مختلف البرامج على “التاب”، وبرنامج “دولينغو” لتعليم اللغات، فاطمأنت والدته بعض الوقت إلى ابنها الذي كان يتنقل بين كتبه المدرسية و”التاب”.
بدا رامي سعيداً بألعابه الجديدة.. ومع مرور الوقت أصبح متعلقاً بها، فترك لعب الكُرةِ مع أصدقائه تحت شرفة المنزل، ولم يعد يهتم بمحادثتهم.. وبدا وكأنه يخلق عالماً خاصاً به.
أصبح وقته يمرّ سريعا مع الألعاب الإلكترونية، حيث يلعب” بكاندي كراش” أو “المزرعة”، ثم اختفى رامي شيئاً فشيئاً من جلسات العائلة المسائية، وحين كانوا ينادونه، كان يجيب: أنا أدرس!!
انتبهت معلمته إلى أنه بدأ يتململ كثيراً في المدرسة، ولم يعد يشارك في الدرس، بل يشرد معظم الوقت، وغالباً لا يكتب وظائفه.
لماذا تترك واجباتك المدرسية يا رامي.. سألته معلمته؟
وعندما لم يجب، انتظرت بضعة أيام، وحين لم يتحسن وضعه الدراسي، اتصلت بوالدته وأخبرتها بتراجع مستواه الدراسي.
بغضب.. أخبرته والدته أن “التاب” يأخذ كل وقته، وهددته بإخفائه، وبإخبار والده بتراجع مستواه الدراسي.
حاول رامي الذي تعوّد على كل تلك الفيديوهات الممتعة على الانترنت، أن يخفي “التاب” ويفتح كتبه الدراسية كي ترضى والدته.
أراد أن يعود إلى سابق عهده، ولكن تلك العوالم الجذابة من الألعاب الممتعة والمضحكة لم تفارق خياله.
أخبر والدته أنه لا يستطيع التركيز، ففرحت وأيقنت أنه بدأ يحاول العودة بشكل جادّ إلى دروسه، فقالت له: أنت ذكي جداً يا رامي، سوف نحل المشكلة معاً.
سألته عن واجباته المدرسية، وبأسلوب مشوق مع البسكويت والشوكولا المفضلة لديه بدأت والدته بمراجعة دروسه معه، وكلما انتهت من مادة كافأته باستراحة قصيرة مع حكاية من عوالم الإنترنت الجذابة عن فوائد الدراسة وبناء الشخصية الناجحة، وبذلك استطاعت إعادته تدريجياً للاهتمام بدروسه.
ومع تتالي الأيام أصبح رامي يقوم بتنظيم الوقت بين كتبه ودراسته وعوالم الإنترنت بمفرده، حتى أصبح “التاب” شيئاً اعتيادياً لم يعد يفتحه إلا بعد الانتهاء من واجباته المدرسية.