مفهوم المعرفة.. بين الإدراك العميق والتقاليد الاجتماعية

 

 

الثورة – غصون سليمان:

في عصر الانفتاح والتقدم بات مفهوم المعرفة- بشكل عام- موضع تجاذب بين بعض الفئات والأشخاص ممن يدعون المعرفة بجوانبها المختلفة، وإذا ما توقفنا عند هذا المصطلح، من وجهة نظر خبراء علم الاجتماع المعرفي، نجد أن المعرفة ليست مفهوماً بسيطاً بل هي مفهوم متعدد المعاني والأبعاد والمضامين والمجالات، لذلك لابد من تحديد المقصود بالمعرفة باعتبارها موضوعاً للبحث في علم الاجتماع.
الدكتورة أمل دكاك- جامعة دمشق، قسم علم الاجتماع- تشير في حديث لـ”الثورة” إلى أن المعرفة عموماً هي إدراك الأشياء وتصورها في الذهن، ولكن هذا الإدراك يختلف في طبيعته وعمقه بين إدراك مظاهر الأشياء والظواهر أو صفاتها الثانوية، وهو مستوى الإدراك الذي نتعامل على أساسه في حياتنا العادية اليومية والعملية مع الأسرة والأصدقاء والناس العاديين.
بمعنى المعرفة العادية الكيفية المستخدمة في الحياة اليومية المشتركة بين الناس فهي معرفة عادية غير عميقة تمارس في الحياة اليومية.

أشمل من العلم

وبينت الدكتورة دكاك، أن إدراك جوهرها أو صفاتها الأساسية هو مستوى الإدراك الذي نتعامل به مع العلماء المتخصصين وفي مجالات البحث العلمي، وهو مستوى الإدراك العميق للأشياء وتلك هي المعرفة، لافتة إلى أن التمييز بين المعرفة العادية والمعرفة العلمية من جهة يمكن لها أن تشير إلى مدى شمول المعرفة.
فالمعرفة أشمل من العلم، وكل علم معرفة وليست كل معرفة علماً.
وأضافت في حديثها: إن إدراكنا لما تتطلبه التقاليد الاجتماعية من المجتمع الذي نعيش فيه هو معرفة من دون ريب، ولكنه ليس علماً، أما إدراكنا لنتيجة التفاعل بين عنصرين كيميائيين فهي معرفة علمية، وبالتالي المعرفة العادية هي إدراك للجزء، للفرد المتأثر بميولنا وقيمنا وإمكانات جهازنا الإدراكي.. فالمعرفة العلمية حسب وجهة نظر العلم المعرفي هي إدراك للكلي، بمعنى الجوهري والعام والمشترك والمجرد والموضوع المتجاوز لاختلافاتنا الفردية.

أنماط المعرفة
للعلم شروط لا تتوفر في كل معرفة- تقول الدكتورة دكاك، لأن المعرفة أقل من العلم في درجة التنظيم والدقة والموضوعية والعمومية والشمول، وللمعرفة أنماط عديدة منها أسطورية، دينية، فلسفية، علمية، فنية. تقابلها بالتالي طرق مختلفة في اكتسابها وحيازتها.
كما أن للمعرفة- عموماً بما في ذلك المعرفة العلمية- معنيين أساسيين، الأول هو الفعل العقلي الذي يدرك الظواهر ذات الصفة الموضوعية الخارجية، والثاني هو إطلاق مفهوم المعرفة على نتيجة ذلك الفعل العقلي، أي على الصورة التي تتشكل في الأذهان نتيجة ذلك الفعل.

الاعتراف والإقرار

وتضيف: في هذا السياق تأتي نظرية المعرفة، ويلاحظ أن هناك قرباً بين معنى العلم، ومعنى المعرفة، ذلك أن كلاً منهما يعتبر علامة أو دلالة على شيء وإن كانت المعرفة تدل على ما ارتفع من الشيء.
بمعنى المجازات، فيما تتضمن العلم بحال المجاز وقدره، ففي المعرفة علم وعمل وارتفاع لقدر المعروف على العارف، ومن ثم كانت معرفة الله تعالى العلم “اليقيني” به وعمل ما يتناسب مع قدره سبحانه وتعالى، والمعرفة تشمل في معانيها الاعتراف والإقرار وهما علم وأدلة.
وعلى الرغم من القرب بين معنى العلم والمعرفة إلا أنهما ليسا مترادفين، فالمعرفة أوسع حدوداً ومدلولاً وأكثر شمولاً وامتداداً من العلم.

قواعد المنهج

والمعرفة في شمولها تتضمن معارف علمية وأخرى غير علمية وتقوم التفرقة بين النوعين على أساس قواعد المنهج وأساليب التفكير التي تتبع في تحصيل المعارف، فإذا اتبع الباحث قواعد المنهج العلمي في التعرف على الأشياء والكشف على الظواهر فإن المعرفة حينئذ تصبح علمية، ويفرق هنا بعض الباحثين بين المعرفة والعلم بتعريفهما العلم بأنه المعرفة المصنعة أو المعرفة المنسقة.
ويذهب فريق آخر إلى تعريف العلم بأنه عملية منهجيه لربط المعارف ومدى تطابقها مع الواقع.
وتلحظ دكاك، أن التعريف الثاني أكثر دقة حيث يضع في اعتباره موضوع العلم وكذلك المنهج الذي يستخدم في تحصيل المعارف، فهناك من يرى أن علم الاجتماع المعرفي يبحث في الأفكار والوقائع والمعاني والمعايير السائدة في المجتمع الذي أدت إلى وجودها ومدى مطابقة هذه الأفكار لمنطق تطوره التاريخي في المجتمع، وفي هذه الحال تبقى للابستيمولوجيا وظيفتها المستقلة.

تحليل العلاقات

 

لكن كما تضيف الدكتورة دكاك أن ما يجعل موضوع علم الاجتماع المعرفي قريباً من نظرية المعرفة إذ يهتم بتحليل العلاقات الوظيفية المتبادلة بين التراكيب، يبحث في الأفكار والوقائع والمعايير السائدة في المجتمع والعوامل التي أدت إلى وجودها.

ولفتت إلى أنه في العصر الحاضر يمكن الوقوف عند جملة أمور يتحدد بها علم الاجتماع المعرفي منها: الموضوعية واستبعاد كل العناصر القيمية والمعيارية، وكذلك الأفكار الميتافيزيقية التي لا يوجد دليل واقعي على صحتها لأن علم الاجتماع المعرفي الذي يراد به أن يكون علماً بالمعنى الصحيح يجب أن يقوم على البحث العلمي السليم والدقيق، لطالما يهتم علم الاجتماع المعرفي أولاً وأخيراً بالحياة الفكرية أو نسق التفكير على وجه العموم متضمناً، نوع المعرفة أو طريقة دراسة الحقائق الاجتماعية أو تجريبها واقعياً، أو كشفها في مرحلة تاريخية معينة من فحص الجذور الاجتماعية للمعرفة الإنسانية التي تتباين ما بين مجتمع وآخر، وكذلك في المجتمع الواحد على مرّ العصور.

آخر الأخبار
جلسات تشخيصية بحلب لتعزيز الاستثمار وتطوير القطاع السياحي فوضى أنيقة".. يجمع بين فوضى الحروف وتناغمها مباحثات تعاون وتطوير بين التعليم العالي وأذربيجان  محمية الفرنلق...حاضنة طبيعية للتنمية المستدامة وزارة الإعلام تتابع انتهاكاً بحق صحفي وتؤكد التزامها بحماية الحريات بحوث تطبيقية لمجابهة التغير المناخي وتعزيز الأمن الغذائي بين "الزراعة" و" أكساد"   مرسوم بتعيين طارق حسام الدين رئيساً لجامعة حمص القنيطرة.. خدمات صحة نفسية للطلاب وذويهم مرسوم باعتماد تسمية جامعة اللاذقية بدلاً من جامعة تشرين مرسوم باعتماد تسمية جامعة حمص بدلاً من جامعة البعث تعميم جديد بمنع الدراجات النارية في شوارع دمشق وتيرة الحرب تتصاعد.. واجتماع إيراني أوروبي في جنيف غداً توصيات المؤتمرات بين الأدراج المنسية  وصافرة الانطلاق أزمة المياه في السويداء.. واقع متأزّم وحلول قيد التنفيذ وزير التربية ومعاون وزير الداخلية يتفقدان مراكز طباعة الأسئلة الامتحانية  بانتظار مجلس الشعب القادم حجب المعلومة يوقع محافظة دمشق في فخ التوضيح عن مشروع تجميل قاسيون الشرع يتابع أعمال هيئة المفقودين ويؤكد التزام الدولة بالعدالة والإنصاف تفكيك الذاكرة الاستبدادية.. الحكومة السورية بخطوات ثابتة لإزالة إرث الأسد من الشوارع والمؤسسات جلسة حوارية شفافة بين وزير الإعلام وطلبة الكلية.. الوزير: نتطلع إلى إعلام مهني وموضوعي