عودة البسطات على المتحلق الجنوبي كشكول… مواطنون لـ”الثورة”: الحل بمعالجة الفقر والبطالة قبل الوجه الحضاري
الثورة – ثورة زينية ولينا شلهوب:
نفذت مديرية هندسة المرور والنقل، بالتعاون مع فرع المرور، وقسم شرطة محافظة دمشق مؤخراً، حملة إزالة مخالفات واسعة في منطقة المتحلق الجنوبي- كشكول، ضمن جهود تنظيم الحركة المرورية وتحسين الواقع الخدمي، لكن لم يلبث وقت قصير حتى عادت البسطات لينطبق عليها المثل الشعبي “وكأنك يا أبو زيد ماغزيت”.
هي ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها مثل هذه الحملات والتي لم تجد نفعاً حتى اليوم، في إيجاد معالجة حقيقية لهذه المشكلة التي تحولت إلى معضلة تثير الكثير من المنغصات على واقع المدن.
– تمدد مستمر:
لعله من المستغرب أن يغلق طريق سريع يوم الجمعة بشكل شبه كلي ليتاح للبسطات أن تفرد ما تحويه، هذا بالفعل ما يحدث على طريق المتحلق الجنوبي، تحديداً ما بين جسر جرمانا وجسر كشكول، أما في الأيام الأخرى فإن وجود عدد كبير من البسطات على جنبات الطريق يفاقم معاناة المركبات العابرة للطريق التي قد تضطر لقطع هذه المسافة التي لا تتجاوز 500 متر في زمن يربو عن نصف ساعة، ولاسيما منها الشاحنات الكبيرة المحملة بالبضائع قادمة من المحافظات الأخرى، ولن نتطرق هنا إلى التشوه البصري الكبير في المكان.
الوضع حسب وصف عدد من المواطنين ممن التقتهم صحيفة الثورة بات غير مقبول وتمدد هذه الإشغالات والبسطات بات يهدد سلامة الطريق الذي من المفترض أن يكون طريقاً خالياً تماماً كونه طريقاً دولياً سريعاً.
واتهم عدد من السائقين العابرين للطريق الجهات المعنية في ريف دمشق بالتراخي في حل المشكلات التي تعانيها مثل هذه المناطق الشعبية التي أهملت كثيراً في زمن النظام السابق، مؤكدين على أن هذه المنطقة يجب أن تخلو من هذا التشوه البصري المريع باعتبارها مدخلاً للعاصمة دمشق، وما تبدو عليه اليوم يستوجب من الجهات المعنية في محافظة ريف دمشق التحرك بشكل جدي لمعالجة مثل هذه المشكلات التي تنعكس معالجتها على العديد من جوانب الحياة على أن تكون الأولوية هي مصلحة المواطن، ولاسيما ما يتعلق بلقمة عيشه في هذه الظروف الصعبة.
والأمر- حسب وصف المهندس جبر حياني- من سكان المنطقة، لا يقتصر على توزع البسطات والإشغالات بل يتعداه لوجود الكتل الإسمنتية المتناثرة بشكل عشوائي على جانبي الطريق والسيارات القديمة والمركونة المهملة منذ زمن طويل.
عدد من أصحاب تلك البسطات أكد لـ”الثورة” أن ضيق الحال المادية والظروف الاقتصادية الصعبة جعلتهم يلجؤون إلى المخاطرة حتى بحياتهم للحصول على لقمة العيش لهم ولأسرهم.
سامر كوا- صاحب إحدى البسطات على طريق كشكول قال: لست مسروراً بالوقوف هنا على طريق، قد أفقد فيه حياتي لكن لم يعد لدي خيار، فقد بقيت مع زملائي بلا عمل، بعد إغلاق المعمل الذي كنت أعمل فيه، وبحثت كثيراً عن فرصة عمل ولم أجد، فتوجهت للوقوف على بسطة للثياب المستعملة لأكسب قوت يومي.
مازن- موظف حكومي، برر بأن ما اضطره للوقوف وراء بسطة للثياب المستعملة هو ما يتقاضاه من راتب لا يكاد يكفي لأيام لأسرته المكونة من 4 أفراد أياماً معدودة، مؤكداً أن هذا حال الكثيرين ممن تشاهدونهم من أصحاب البسطات معظمهم موظفون أو من العمال الذين أغلقت المعامل التي كانوا يعملون بها أبوابها نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة.
اقتراح حلول
سامر شماع- من سكان كشكول، اقترح لمعالجة هذه الظاهرة تحديد أرض قريبة من طريق المتحلق مقابل مدخل عين ترما بريف دمشق، وتنظيمها وتزويدها بالمرافق الضرورية، مع تقاضي رسوم مقبولة لقاء تموضع البسطات فيها، وهذا- حسب تعبيره- قد ينهي العديد من الإشكالات بشكل يضمن كرامة المواطن ويعيد الوجه الحضاري والنظيف لمحيط الطريق.
واعتبر المحامي سامر النعسان، من سكان المنطقة، أن معالجة هذه الظواهر لن تنتهي قبل أن ينهض البلد اقتصادياً، والوضع الحالي دفع حتى بأصحاب الشهادات الجامعية للعمل على البسطات، موجهاً رسالته للمعنيين في الحكومة أنه وقبل البحث عن الوجه الحضاري تجب معالجة مشكلات الفقر والبطالة المرتفعة.
يذكر أن المعنيين في مجلس مدينة جرمانا في محافظة ريف دمشق أيضاً كانوا قد أطلقوا عدة حملات لإزالة جميع الإشغالات في جرمانا وكشكول من البسطات والأكشاك وغيرها من المظاهر المنتشرة في الشوارع والطرقات، ونفذت الورشات الخدمية العديد من الحملات لإزالة المخالف، على الأرصفة والشارع العام، إلا أن ذلك لم يدم طويلا وسرعات ما عادت البسطات إلى مواضعها.