الثورة – هبه علي:
بعد تحسّن في أسعارالمواد الاستهلاكية وشعورالمواطنين بالارتياح، شهدت الأسواق مؤخراً موجة ارتفاع جنوني في الأسعار بشكل يومي..
ولا يتوقف الأمر فقط على ارتفاع سعرالصرف، ولم تعد الزيادة تحسب بنسب مئوية، بل بقفزات يومية متكررة ضمن اليوم الواحد.
يؤكد العديد من المواطنين أن هذه الحالة ترهق كاهلهم، وهي عائق أمام القدرة على تأمين أبسط احتياجاتهم اليومية، فقد تحوّلت الأسواق إلى شبه ساحة معركة تحكمها قوانين السوق السوداء، في غياب أي رقابة حقيقية أوآليات لحماية المستهلك.
ظاهرة يومية
وأصبح ارتفاع الأسعار بما فيها الجملة ظاهرة يومية، تسجّل قفزات حادة خلال ساعات، فمثلاً ارتفع سعر صندوق العصائر الغازية من ١٢٠ ألفاً إلى ١٤٠ ألف ليرة سورية، وهي زيادة لا تعزى فقط لارتفاع سعر صرف الدولار، بل زيادة تعسفية أضافها التجارعلى السعرالأصلي.
ومثال آخر بحسب بائع للجملة- طلب عدم ذكر اسمه، ارتفع سعر صندوق الأندومي خلال يوم واحد ثلاث مرات والمضحك المبكي لا يوجد بضاعة، كما شهدت أسعار المتة ارتفاعاً مماثلاً، والسبب استغلال التجار الفرصة ورفع الأسعار بما يتجاوز التغيرات في سعر الصرف، أما أسعار الزيوت والسكر والسمن فحدث ولا حرج.
ويقول أحمد حاجي: كثيرمن التجار يتقاضى ثمن البضائع بالدولارالأميركي، مما يضيف عبئاً آخرا على المواطن الذي يعاني أصلاً من ضآلة دخله وشح موارد العملة الأجنبية.
وإذا توفرت القدرة لدى التاجرالصغير أو المواطن لشراء السلع الأساسية، فإنه سيواجه غالباً رداً “غير متوفر حاليا”، فقد أصبح هذا الرد تكتيكياً متعمداً لإخفاء البضائع ورفع الأسعار.
يقول إبراهيم محمود- صاحب بقالية: “لقد تراجع الشراء جداً منذ بداية ارتفاع الدولار، وأحياناً لا يكون لدينا علم أن الأسعار قد ارتفعت، فنضطر للدفع زيادة لشراء نفس البضائع، وأحياناً كثيرة نبيع أقل سعر”..
فحتى مراكز الجملة ونصف الجملة ومحال التجزئة، تعاني من فوضى عارمة في تحديد الأسعار، ومع ارتفاع الأسعارالمتواتر يجد التاجر أو البائع نفسه متخبطاً، مما يضاعف من صعوبة التخطيط وتوفيرالاحتياجات الأساسية بحسب محمود البقال.
يُعبّر محسن علي، تاجر جملة، عن هذه المشكلة قائلاً: “أكثر من نشرة وصلتني بنفس اليوم لمعظم الأصناف، وبما أني مركز جديد ليس لدي كميات، فلم أستطع شراء بعض المواد لأن المراكزالأخرى في المنطقة ستبيع بسعرأقل، يعني بأفضل الأحوال خسارة..
ويشير هذا إلى غياب التنسيق بين التجار، بالإضافة إلى غياب رقابة حكومية فعّالة لتنظيم السوق وضبط الأسعار، وفقاً لبائع الجملة.
تفاقم المعاناة
هذا الوضع القديم المتجدد يشكل كارثة تفاقم معاناة المواطن السوري الذي عانى من عواقب سنوات طويلة من الحرب والدمار الذي سببه النظام المخلوع، فغياب الرقابة والاحتكاروالمضاربة كلها عوامل تسهم في إثارة هذه الأزمة وتفاقم أبعادها، والحل الأسلم هو تدخل حازم وجاد للحكومة يركز فيه على ضبط الأسواق وحماية المستهلك، وتوفير آليات رقابة فعّالة لمنع استغلال التجار للوضع الراهن.وعلى كل حال في ظلّ كل ما تقدّم يجد المواطن السوري نفسه مضطراً للتعايش مع “رقصة الأسعار” الجامحة والتي تقوض عيشه، وتهدد بإغراقه في دوامة الفقروالجوع أكثر.