الثورة – عبد الحميد غانم:
حذف الأصفار من العملة الوطنية، أو ما يُعرف بـ”إعادة تقويم العملة”، منعاً لتدهورها، وهنا تطرح التساؤلات فيما إذا كانت الخطوة، تحدث تحولاً إيجابياً في الاقتصاد وتلبي المطلوب؟.
في إطار ذلك يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محي الدين رازي في حديثه لـ”الثورة”: إن إزالة الأصفار ليست حلاً سحرياً، بل خطوة تقنية قد تُسهم في تحسين الأداء المالي والمحاسبي.
وأكد أنها غير كافية ما لم تُدعَم بإجراءات هيكلية مثل تعزيز استقلالية البنك المركزي، وإصلاح المالية العامة، ومكافحة الفساد، وتوفير بيئة آمنة للاستثمار المنتج.
ويشير الخبير رازي إلى أن تجربة حذف الأصفار من العملة الوطنية، أداة متكررة في تاريخ الدول التي عانت من تضخم مفرط وأوضاع مالية متدهورة.
وتعود أولى هذه المحاولات إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، عندما أدّت الخسائر الاقتصادية إلى انفجار تضخمي تطلّب إعادة هيكلة العملة.
ومنذ ستينيات القرن الماضي، أقدمت نحو 71 دولة على هذه الخطوة، بدرجات متفاوتة من النجاح والفشل، فالبرازيل شهدت موجات متكررة من إزالة الأصفار خلال فترات التضخم الجامح بين الستينيات والتسعينيات.
ففي عام 1967 أُزيلت ثلاثة أصفار من عملة “الكروزيرو”، تبعتها ثلاثة أخرى في 1981، ثم ثلاثة إضافية في 1993، إلا أن معدلات التضخم المرتفعة بقيت عصية على الانضباط، ما يدل على أن الحلول النقدية وحدها لا تكفي من دون إصلاح اقتصادي أعمق.
أما تجربة تركيا كانت أكثر اتزاناً، إذ جاءت خطوة إزالة ستة أصفار من الليرة في 2005 بعد سنوات من التضخم المتراكم، فعندما بلغ سعر صرف الدولار مليون ليرة، أصبحت المعاملات اليومية مرهقة.
لكن بالتوازي مع الإصلاح النقدي، نفّذت أنقرة سلسلة إجراءات لتحسين إدارة الاقتصاد، مما أعاد الثقة في العملة الوطنية وساهم في تحقيق نسب نمو متقدمة خلال السنوات اللاحقة.