فضاءات للراحة تحولت لكابوس حديقة الطلائع في طرطوس.. من أكلها الإهمال أم الفساد ؟

الثورة – تحقيق شعبان أحمد:

ما إن تدخل إلى حديقة الطلائع في طرطوس حتى ينتابك شعور بالخيبة.. وربما يصل إلى درجة الصدمة من إهمال متعدد الجوانب لهذه الحديقة الكبيرة، التي من المفترض أن تكون مقصداً للمواطنين وأطفالهم.

في جميع دول العالم تشكل الحدائق العامة ملاذاً آمناً لمرتاديها، سواء كانوا عابرين أو من سكان المنطقة، من حيث توافر مقومات مريحة للكبار والصغار، إذ لا يخلو أي مخطط تنظيمي من موجبات وأساسيات لحظ الحدائق العامة ولو بمساحات صغيرة، ناهيك عن توفير مساحات خضراء ضمن المدن، وبين المساكن لإضفاء الجمالية وللاعتناء بالبيئة.

انحراف عن الغاية

في قصة تحقيقنا هذا حول حديقة الطلائع التي تحولت إلى مرتع للأوساخ والحشرات، والإهمال متعدد الجوانب الذي وصل إلى مرحلة الفساد المعلن.. هذه الحديقة تعتبر الأقدم والتي كانت في بداية إحداثها متنزها جميلاً ببحيراتها وطيورها وأشجارها الباسقة وأراجيحها وإطلالتها البحرية التي أضفت عليها جمالاً وقيمة خاصة، لكنها الآن باتت عبئاً.

صحيفة الثورة جالت في الحديقة وشاهدت ما آلت إليه من إهمال كبير، وانعدام للنظافة وعدم وجود حمامات وتكسير المقاعد وانتشار الحشرات، والتقت بعض المواطنين الذين أكدوا تعرض الحديقة إلى العبث والسرقة والإهمال الكبير، خاصة لجهة النظافة فقد تحولت من مكان مريح إلى كابوس ينغص عيش الساكنين بجوارها بسبب الفوضى والروائح الكريهة وانعدام أدنى المقومات والخدمات الأساسية التي تتوافر بكل حديقة كالحمامات وصنابير المياه والنظافة، فقد غزاها المستثمرون بطرق ملتوية وغير قانونية على حساب راحة المرتادين.

المواطنون تساءلوا عن سبب إغلاق أبواب الحديقة من إحدى الجهات، هل هي حديقة عامة أم خاصة.. ولمصلحة من يحصل ذلك؟ واستنكروا انعدام النظافة وتراكم القمامة، وإغلاق الحمامات، متسائلين: أين يقضي المواطن مرتاد الحديقة حاجته؟! علماً أن هناك عمال نظافة مسؤولين عن تنظيفها!.

إزالة المعالم

المواطن (أحمد. ع) أكد أنه كان هناك سور حديدي للحديقة، متسائلاً عن الجهة التي قررت إزالة السور، وأين ذهب هذا السور الحديدي الضخم، وهل تم تشكيل لجنة لجرد كمية الحديد لإدخاله مستودعات مجلس مدينة طرطوس، أم تم نقل الحديد وتركيبه في مكان آخر؟ وإذا كان الأمر كذلك فأين تم تركيبه، وهل تمت مطابقة الكمية المركبة ومدى مطابقتها للكمية التي تم ترحيلها من الحديقة، أم أنه ذهب إلى مرائب خاصة؟!

سؤال آخر يطرح نفسه: من هي الجهة التي قررت إزالة بعض معالم الحديقة واقتطاع جزء منها لإنشاء ملعب كرة قدم، الأمر الذي شكل أسلوباً فاضحاً للاستثمار الفاسد والمفسد، وما تبعه من تنافس شديد على استثماره بين أطراف عدة، الأمر الذي أدى أيضاً إلى تشكيل إزعاجات يومية للجوار.

وطالب الأهالي عبر صحيفة الثورة بضرورة فتح هذا الملف لمعرفة ما جرى ولمصلحة من؟ المواطن (أحمد. م) تساءل: كيف تتم تشييد صالة أعياد ميلاد في حديقة عامة، وكيف يتم اقتطاع نصف الحديقة للصالة وما حولها وتسويرها ببعض العوائق الأمر الذي حرم قاصدي ومرتادي الحديقة من المنطقة الخلفية للصالة التي كانت تشكل موقعاً آخر لمستثمر آخر ما زالت بقاياه شاهدة على الاستثمار السيئ والمخالف لأبسط قواعد حرمة الحدائق.

أما المواطن (سمير. خ) فطلب منا السير معه ليرينا كيف تم اقتطاع جزء من الحديقة وملؤه بالطاولات والكراسي وتسويره ببعض الحواجز الطبيعية، الأمر الذي يمثل تحدياً صارخاً للقانون ولنظام إنشاء الحدائق وتعدياً على حرماتها.

وتساءل باستنكار: ألم يجد مجلس المدينة آنذاك مكانا لزيادة إيراداته المالية إلا بالتعدي على الحدائق العامة؟!

تواطؤ

إضافة إلى ذلك قام مجلس المدينة “قديماً” بالسماح لمستثمرين آخرين ولمنافع شخصية متبادلة في الجزء الغربي من الحديقة باقتطاع أجزاء منها ومواقع لتقديم الخدمات المأجورة، حتى بات المواطن يشعر أن الحديقة باتت مخصصة لبعض واضعي اليد ممن يتحكمون بكل شيء، في قلب للمفاهيم وتشويه للمنطق، عبر تحويل الحدائق العامة من مكان مخصص للنفع العام إلى مواقع لبعض المستثمرين بالتواطؤ مع مجلس المدينة أو أطراف أخرى في المحافظة.

أكملنا رحلة الزيارة الحزينة لهذه الحديقة البائسة لنتابع مدى الإهمال، والفساد وانعدام العناية بالنظافة وعدم وجود إنارة، وبرفقتنا المواطن (إبراهيم. ص) دعا مجلس المدينة والمسؤول عن الوحدات الإدارية للتدقيق فيما كان يصرف على هذه الحديقة وعدد العاملين المكلفين بالعمل فيها وأين هم، ومن يشرف على عملهم، ودور أملاك الدولة في ضبط المخالفات المرتكبة؟

كما طالب بنقل ملعب كرة القدم إلى موقع آخر على الكورنيش البحري المقابل للحديقة أو تجهيزه، وتركه مفتوحاً لأطفال الأحياء المجاورة للعب بإشراف مجلس المدينة ومراقبتها، وعدم منح استثمار لأحد كونه حقاً أصيلاً لأطفالنا، مع وجوب إزالة التعديات وعدم منح أي استثمار خاص ضمن الحديقة، على أن يتكفل مجلس المدينة بتأمين جميع متطلبات وحاجيات مرتادي هذه الحديقة لمصلحة خزينته، الأمر الذي يساعدها في الارتقاء بخدماتها من نظافة وإنارة وتركيب مقاعد وإنشاء وصيانة الحمامات وفتح المغلق منها لتليق بالمواطن السوري، عسى أن يعود الألق لهذه الحديقة التي تشكل إحدى أهم الذكريات والصور الجميلة لأبناء أجيال كثيرة رافقت هذه الحديقة وما كانت تعنيه من رمزية في وسط أحياء مكتظة بالسكان.

لا أثر للحديد بالمستودع!

“الثورة” راجعت مسؤول الوحدات الإدارية في المحافظة عبد الفتاح الخطيب لوضعه بصورة الحديقة وبصورة المرافق العامة في المحافظة بشكل عام، وأكد أنه، بعد المتابعة والتدقيق، تبين وجود ترهل كبير في المرافق العامة، وهذا الأمر كان سائداً في مختلف المرافق العامة قبل تحرير سوريا.

كما بين أنه تم فعلاً إزالة أسوار الحديد، ليس فقط في حديقة الطلائع، بل هناك مرافق كثيرة تمت إزالة الحديد منها، وبعد اطلاعنا على الوضع لم نجد أثراً لهذا الحديد في المستودع، الأمر الذي يدل على أنه قد تمت سرقته وبيعه لمصلحة أشخاص، إذ كان المحافظ آنذاك عاطف النداف.

وبالنسبة لملعب القدم والإشغالات الأخرى أوضح أن الموافقة جاءت من وزارة الإدارة المحلية، أما الصالة فكانت بموافقة مجلس المدينة، مشيراً إلى عدم وجود خدمات أساسية في الحديقة التي تعرضت للإهمال والسرقة.

إعادة تأهيل وترتيب

الخطيب أكد أن هناك خطة من أجل إعادة تأهيل جميع الحدائق العامة من خلال تأمين مقومات أساسية وإزالة التعديات والإشغالات من هذه الحدائق لتكون البوابة الحقيقية لجمال وحضارة محافظة طرطوس.

وبيّن أن هناك خطة لتوسيع إنشاء الحدائق في المناطق، والبداية كانت من مدينة الدريكيش، وتم البدء بإنشاء حديقة عامة بالتعاون مع مجلس مدينة الدريكيش.

تصوير- رياض علي

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة