الثورة – رولا عيسى:
إعادة تفعيل نظام “سويفت” خطوة استراتيجية مهمة وضرورة، باتجاه إعادة تموضع الاقتصاد السوري على خارطة العالم.
وعلى الرغم من التحديات، تعكس الخطوة بداية تحول من المتوقع أن تنعكس بشكل مباشر على معيشة وحياة المواطن، التاجر، والمستثمر.
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، وضع مدة زمنية أقصاها ستة أشهر لنتائج عودة تفعيل نظام”سويفت”، في المقابل علق عضو غرفة تجارة دمشق ياسر اكريم، أنه يمكن أن نلمس النتائج خلال ثلاثة أشهر، وهي فترة دخول الأسواق وارتياح المستوردين، والبدء بالتسويق، ولكن اكتمال العملية بشكل عام قد يحتاج من ستة أشهر إلى سنة تقريباً.
اكريم أوضح أن تفعيل نظام السويفت يعني عودة التواصل مع البنوك العالمية وتحويل الأموال بطريقة آمنة، مشيراً إلى أن له تأثير كبير على الاقتصاد، و خطوة إيجابية على الوضع التجاري والمالي لدى أصحاب الأعمال في سوريا وخارجها.
تحقيق الأمان المالي والمصرفي
ويتابع: عانينا سابقاً من أن التاجر وصاحب الأعمال في سوريا يضطر لتحويل الأموال عن طريق الصرافين أو شركات الصرافة، وبعضها غير آمن مما يؤدي في كثير من الأحيان لخسارة الأموال المحولة عن طريق صرافين لا يتمتعون بمصداقية وأمان مالي.
وبحسب اكريم، قبل تفعيل “سويفت” كان هنالك حالات تحويل أموال من سوريا لا تذهب بالاتجاه الصحيح وتضيع على التاجر، ناهيك عن تكاليف الصرافين واقتطاعاتهم، إضافة لمشكلات عديدة قد يواجهها التاجر والمستثمر، مما يجعل من تحويل الأموال في وقتها مجازفة صعبة المصير.
ومع تفعيل نظام “سويفت” فإن ذلك بالتأكيد يعيد الأمور إلى نصابها، وما كان مستحيلاً وصعباً في طريق عمل التجار والمستثمرين، أصبح متاحاً وعاد إلى مكانه الصحيح، من خلال التواصل بين البنوك محلياً وخارجياً، بالشكل الصحيح، وبالتكاليف العالمية الطبيعية والصحيحة.
ويشير هنا إلى أنه مع العودة إلى “سويفت”، ستتمكن المصارف السورية من إجراء التحويلات المالية بشكل مباشر وشفاف، وبتكلفة أقل بكثير من الآليات البديلة التي اضطرت سوريا للاعتماد عليها سابقاً، ما يعزز من كفاءة العمليات المالية، ويقلل من المخاطر المرتبطة بالوساطة غير الرسمية، وفقاً لقوله.
انخفاض التكاليف والأسعار
وحول انعكاس الخطوة على الأسواق المحلية والأسعار، يوضح اكريم أن “سويفت”، يمكن البنوك من دفع المستحقات للاستيراد عن طريق الاعتمادات الـ lc، التحويل المباشر، ويمكن أن يكون له “كريدت”، نظام دفع مؤجل، يؤدي بذلك لتخفيض الرأس مال العامل ويصبح بسبط، وليس كما السابق حيث كان التاجر يدفع ثلاثة من رأس المال، جزء يذهب إلى المنصة، وآخر لشركات الصرافة، وثالث يوضع في السوق بين التجار، بمعنى أن العملية كانت مجهدة ومرتفعة التكاليف جداً، والآن انخفضت التكاليف بشكل عام، ويبقى الأمر محدد بتوقيت أو تكلفة الاستيراد.
النقطة الثانية عندما يكثر عدد المستوردين ستصبح هنالك منافسة، وبالتالي تسهم في انخفاض الأسعار بسبب كثرة العرض، وخوفاً من كساد بعض المواد يتم تخفيض أسعارها، وهذا يمنع الاحتكار، فعندما تكون إجراءات الاستيراد ميسرة يعمل المستورد على بيع بضائعه بشكل سريع، وبأرباح بسيطة ليستورد المزيد.
ومن ناحية أخرى ينوه اكريم بأن رفع العقوبات، سيمكن المستثمرين الخارجيين، سواء كانوا من أبناء سوريا أو غير سوريين من الدخول في السوق، مع توفر عامل الأمان الاقتصادي والمصرفي، مما يعني التشجيع للدخول إلى السوق السورية وإلى الاستثمارات.
ؤشر إيجابي
الخبير الاقتصادي فاخر قربي يرى أنه على الرغم من أن عودة سوريا إلى نظام “سويفت” تمثل مؤشراً إيجابياً، فإن الانتعاش الاستثماري الكامل يتطلب أكثر من مجرد استئناف التحويلات المصرفية.
فإعادة الاندماج المالي تشكل خطوة أولى حاسمة نحو استقطاب الاستثمارات، لكنها ليست كافية بمفردها، على حد قول الخبير الاقتصادي، الذي أوضح أنه يمكن توقع تدفقات استثمارية أولية في قطاعات حيوية مثل إعادة الإعمار، والبنية التحتية والطاقة، خاصة من الدول الحليفة والداعمة لسوريا، والشركات التي كانت متحفظة بسبب مخاوف العقوبات مما يفضي إلى انفتاح خارجي كبير على سوريا لكنه مرهون بتطوير البينة التحتية لمختلف المؤسسات الاقتصادية لاسيما هيئة الاستثمار السورية.
وينوه قربي بأن نظام “سويفت” خطوة تفتح المجال أمام تحويلات المغتربين السوريين التي تشكل رافداً مهماً للاقتصاد الوطني، والتي كانت في أغلبها تأتي بطرق لا تستفيد منها الخزينة العامة للدولة مما يعزز إيراداتها وتحسين مختلف المرافق، ويتوقع أن ترتفع قيمة التحويلات الخارجية من المغتربين بشكل كبير مع تيسير قنوات التحويل الرسمية عبر النظام المصرفي.
ويقترح الخبير الاقتصادي ضرورة البدء بتطوير النظام المصرفي والعمل على تدريب العاملين في المؤسسات المصرفية للتعامل مع نظام “سويفت”، وهذا يتطلب أيضاً تأمين التقنيات اللازمة لبناء قاعدة قوية تتيح رفع الثقة المصرفية بالبنوك والمؤسسات المصرفية في سوريا، حيث من المتوقع أن تستطيع تلك البنوك بعد فتح نظام “سويفت” إصدار بطاقات بنكية يمكن التعامل بها خارج البلاد.
يذكر أن حاكم مصرف سوريا المركزي أعلن مؤخراً أن بنوكاً عربية ودولية أبدت اهتماماً بالاستثمار في سوريا، وتم إعطاء أكواد “سويفت” للبنوك السورية الحكومية والخاصة تمهيداً لدخولها في نظام “سويفت” SWIFT العالمي.
واعتبر أنه أهم وأكبر أثر لرفع العقوبات التي كانت مفروضة على حكومة النظام المخلوع، والتي سيلمس نتائجها الأسواق كافة.
تحديات ما بعد نظام “سويفت”
وبالنظر إلى مرحلة ما بعد رفع العقوبات عن سوريا، فإن ثمة عقبات وتحديات هيكلية عميقة تتجاوز مسألة العقوبات، تتلخص بالبنية التحتية المدمرة، والفساد المستشري خلال مرحلة النظام المخلوع، وضعف البيئة القانونية، وتراجع القطاع الإنتاجي.
كل هذه العوائق تمثل تحديات جوهرية أمام الانتعاش الاقتصادي الشامل، وسيظل جذب استثمارات أجنبية كبيرة مرهوناً بإجراء إصلاحات مؤسسية عميقة، وإعادة بناء الثقة في النظام المالي والمصرفي السوري، بما يؤسس لاقتصاد أكثر انفتاحاً وشفافية وتنافسية.