الزراعة بين إرث الحرب وأمل النهوض.. الواقع والمسارات المستقبلية

الثورة – إيمان زرزور

ألقت ظروف الحرب المستمرة من قبل نظام الأسد على سوريا والشعب السوري طيلة 14 عاماً، بظلالها على قطاع الزراعة أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد السوري، والذي يعتبر مصدر رزق لنحو 30% من اليد العاملة في البلاد، في ظلّ تحديات كبيرة تواجه إعادة إحياء هذا القطاع عقب سقوط النظام، بالتوازي مع مساع حكومية جادة لإعادة سوريا لمكانتها وتحقيق الاكتفاء الذاتي زراعياً.

فمع تحوّل البلاد إلى ساحة حرب، انهار هذا القطاع تدريجياً، وأصبحت الحقول التي كانت خضراء أراضى مهجورة، والمزارع التي كانت تضجّ بالحياة تحوّلت إلى مناطق معزولة أو محاصرة، يصعب الوصول إليها، أو زرعها أو حصدها، ونتيجة لتدهور الأمن، فقد الملايين من المزارعين أراضيهم أو نزحوا عنها، فيما توقّف الدعم الحكومي، وغابت البرامج الزراعية، وتعطّلت دورة الإنتاج بشكل شبه كامل.

لم تكن الحرب مجرد عامل تعطيل مباشر للزراعة، بل خلّفت وراءها ألغاماً اقتصادية وأمنية مستمرة، فقنوات الري دُمّرت، والمحاصيل احترقت، والجرارات والمضخّات تحوّلت إلى أنقاض.

تفكك البنية التحتية الريفية، وتدهور شبكات الري بنسبة تفوق 50%، في حين جفّت آبار المياه بفعل شح الوقود وتعطل أنظمة الضخ.

وانتشرت الألغام ومخلفات الذخائر الحربية في الأراضي الزراعية، مانعةً المزارعين من حراثتها أو الاقتراب منها، كما واجه الفلاحون قيوداً على التنقل، ومنعوا في كثير من الأحيان من بيع محاصيلهم عبر الحواجز العسكرية، وبغياب منظومة إدارية زراعية فعّالة، فقد القطاع الزراعي دوره كرافعة اقتصادية واجتماعية.

وأدّت سنين الحرب إلى تآكل البنية الخدمية، واختفاء خدمات التمويل والتأمين الزراعي، وغياب السياسات الحكومية الرشيدة زاد من عزلة المزارع السوري، الذي بات يقاتل من أجل البقاء، لا من أجل الإنتاج.

ورغم هذا الدمار، ما زال بالإمكان استعادة الزراعة السورية كأداة للنهضة والاستقرار، لكن يتطلب ذلك مقاربة شاملة تبدأ من الأرض، ولا تنتهي عند الأسواق، وتشمل العديد من الخطوات تتمثل في استعادة الاستقرارالجغرافي والأمني لأن أي إصلاح زراعي يحتاج إلى بيئة مستقرة، تضمن حرية التنقل، وإزالة الألغام، ووصول الدعم اللوجستي والفني لكافة المناطق من دون تمييز.

كذلك دعم الفلاح قبل الأرض، فالزراعة لا تُبنى بالمعدات فقط، بل بالفلاح القادر على الإنتاج.

لذا، من الضروري إطلاق برامج تمويل صغيرة ومرنة، وتأهيل المزارعين الجدد، وتوفيرالأدوات بأسعار مدعومة، إلى جانب إعفاءات ضريبية تساعدهم على الاستمرار.

ولابدّ من التحول نحو الزراعة الذكية والمستدامة، من خلال اعتماد تقنيات متقدّمة كأنظمة الري بالتنقيط، والتوسع في الزراعة المحمية داخل البيوت البلاستيكية، وتشجيع الزراعة الأسرية التي تساهم في تقوية المجتمعات الريفية وزيادة المرونة في مواجهة الأزمات، إضافة إلى ترميم البنية التحتية الزراعية، يشمل ذلك إعادة تأهيل شبكات الري، وتطوير أسواق الجملة، وتحسين وسائل النقل والتخزين، إضافة إلى إعادة تنظيم الهيئات الزراعية بشكل يكفل كفاءة الخدمة والتخطيط طويل الأمد.

وبات من الضروري اليوم، بناء منظومة إدارة زراعية حديثة عبر رقمنة بيانات الإنتاج، وتحسين نظم التوزيع، وتعزيز الشفافية في دعم المحاصيل، وتمكين التعاونيات الزراعية من لعب دور محوري في التطوير المحلي، لتحقيق نهوض أسرع في الإنتاج وتحقيق خطوات جادة في إعادة سوريا لمكانتها الزراعية في المنطقة.

ومما لاشك فيه أن التحديات التي تواجه الزراعة السورية ليست مجرد صعوبات فنية أو مناخية، بل هي في جوهرها تحديات سياسية وإنسانية تتعلق بالأمن الغذائي، والسيادة الوطنية، والكرامة الاقتصادية، فدولة لا تنتج غذاءها، ستظل مرهونة بالمساعدات، وقرية لا تزرع، ستتحول إلى مدينة فوضى عارمة، ويبقى التوجه الحكومي والمساعي الحثيثة لتطوير وإحياء هذا القطاع هو الأمل الأكبر لتعيد سوريا إلى ريادتها.

آخر الأخبار
العين السورية.. ومضادات الشائعات المضللة.. "الميادين" الكاذبة.. ! تشعل فتيل التفرقة والانقسام ونشر الأكاذيب.. " الميادين" انموذجاً مسموماً! "الميادين" تكرِْس تبعيتها وعدم مهنيتها ومصداقيتها.. السوريون في معركة صدِّ الشائعات والتحريض الممن... شهادات يرويها مهجَّرون من عشائر البدو في السويداء:  ذبحو النساء وقطعوا رؤوس الأطفال وحرقوا المنازل احذر الصفحات المزيفة... وتابع فقط صفحات "شام كاش" الرسمية أهالي درعا يحتشدون في ساحة المسجد العمري ضد العدوان الإسرائيلي وعملائه درعا تشكّل لجنة طوارئ لاستقبال مهجّري السويداء في ظل تصاعد الانتهاكات غرفة طوارئ مشتركة واستجابة عاجلة..  بعد التصعيد الأمني بالسويداء بروس: واشنطن "لم تدعم الضربات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا بيدرسون: التعويل على "الحماية الدولية" في السويداء طرح "غير واقعي" والحل يبدأ بحوار بين دمشق وأبنائه... دعم مستشفيات بصرى الشام وإزرع بمستلزمات طبية لجنة طوارئ بدرعا لمتابعة احتياجات مهجري السويداء الأمم المتحدة تدين تهجير البدو في السويداء وتدعو لوقف العنف والتدخلات الخارجية خطوة إصلاحية في السياسة الضريبية.. التدقيق المكتبي بديلاً عن الميداني أمير قطر يُهاتف الرئيس "الشرع" ويؤكد دعم بلاده لوحدة سوريا ألمانيا تؤكد دعمها للرئيس الشرع وتدعو لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا محافظ إدلب يعزّي أسر الشهداء ويشيد بتضحيات أبناء المحافظة أردوغان: إسرائيل تصعِّد في سوريا.. وتركيا على تواصل مع دمشق الرئيس الشرع يتلقى ثلاثة اتصالات من ابن سلمان وأردوغان وأمير دولة قطر تناولت التطورات الأخيرة   وزراء خارجية دول عربية وتركيا يؤكدون دعم بلادهم  لسوريا و وحدتها  ويدينون الاعتداءات الإسرائيلية