الحرف التراثيّة لن تخرج من الجلباب السوريّ.. وتكون عرضة للخصخصة

الثورة – عبير علي:

الحرف التراثية والتقليديّة السوريّة جزءٌ لا يتجزأ من الهويّة الثقافيّة للبلاد، بالإضافة إلى دورها في حفظ التراث ونقله للأجيال القادمة، ولكن هذه الحرف لم تكن عصيةً على تداعيات الحرب الاقتصاديّة، التي عانت منها سوريا خلال الحقبة الماضية، وباتت تئن تحت وطأة التدهور والحصار الاقتصادي الذي هدد معظمها بالاندثار، ولكن بعد التحرير تغيّرالوضع وبات الأمل يلوح بالأفق، لتستعيد هذه الحرف التراثيّة ألقها ومكانتها التاريخيّة.

وجه الصناعة السورية

وحول الصعوبات التي كانت تعاني منها في الفترة الماضية، ومدى انعكاس رفع العقوبات الاقتصاديّة على جدوى المنتجات الحرفيّة وسهولة توفرالمواد الخام، والانفتاح الدولي والعالمي على التراث السوري وعودة الحياة للمنتج السوري، بعد حصار اقتصادي وسياسي.. كان محور الأسئلة التي طرحناها على المهندس وشيخ كار صناعة الآلات الموسيقيّة فراس السلكا، الذي أكد عودة الورشات الحرفيّة للعمل بأقصى طاقتها الإنتاجيّة آملاً بموسم صيفي غني.

واعتبر أن مجرّد عودة هذه الورشات للعمل يعني تطويراً وتحديثاً وإبداعاً، إضافة لدخول الحرفيّين السوريين لسباق التنافس مع حرفيي العالم، وهذا هو المهم “عدنا والعود أحمدُ”.

وأشار السلكا إلى أنّ الصناعات الحرفيّة السوريّة تمثل الصناعات الوطنيّة الحقيقيّة، فهي صناعة سوريّة بامتياز من الألف إلى الياء وليست عرضة للخصخصة، ولا هي صناعة تحويلية ولا صناعة تجميعية، بل هي الوجه الحقيقي للصناعة الوطنية السورية- والقول له “مرآة التراث الحضاري والثقافي، في بلد كان حرفيوه ينقشون جدار المعابد بالنّقوش والزخارف، عندما كانت الأمم تحكّ الحجارة ببعضها محاولة توليد شعلة نار، وكان التّاريخ مازال يحبو، بدأ حرفيو سوريا صناعات تمثل الفن والثقافة في بلادهم”.

تأثرت بالحالة السياسية

وأكد السلكا أن الحرفيين السوريين واجهوا نكسات وصعوبات في الحقبة الماضية، إذ تأثّرت هذه الصناعات بالحالة السياسيّة والاقتصاديّة المزرية، ولكنّهم الآن تجاوزوها، وبدأ رجال الأعمال الأجانب يزورون سوريا ويزداد عددهم يوماً بعد يوم، ولم يعد هناك مواد أولية غيرمسموحة، ولم يعد اختلاف العملة مشكلة يتعرّض المتعامل بها إلى مساءلة قانونية.

ونوه بأن الجميع يعلم أن العالم الخارجي هو سوق هذه المنتجات الحرفيّة، وتساءل أين العالم الخارجي من سوريا في تلك الحقبة؟.

فلا تحويل أموال ولا تعامل بالعملة الأجنبيّة، ولا معارض عالمية، ولا كهرباء ولا وقود ولا دعم حكومي ، لدرجة أن بعض الحرفيين استغنوا عن حرفهم واشتغلوا أعمالاً أخرى.

وختم السلكا: بعد انتصار الثورة السورية، بدأ الأمل يلوح في الأفق وتوفّرت المواد النفطية وبدأت وعود كبيرة بتوفّرالكهرباء لساعات أطول، وتمّ السّماح باستيراد المواد الأوليّة من دون قيود أو شروط.

ثقة بالمنتج

من جانبه أبدى شيخ كار بالحرف النحاسيّة والتراثيّة عدنان تنبكجي، تفاؤلاً كبيراً لدى الكثير من الحرفيين والحرفيّات، في ظلّ الإدارة الجديدة، إذ تم إلغاء الأتاوات التي انعكست على تخفيض سعر المنتج، لأن الحرفيّ كان يزيد على سعر التحفة الفنية ١٠ بالمئة أتاوات، بالإضافة إلى الحواجز، مشيراً أن موضوع الاحتكار كان يسبب عائقاً كبيراً يرفع سعرالمنتج الحرفي، كالنحاس مثلاً كانت جهة واحدة تتحكّم بالسعر.. أما اليوم فموضوع الصّرف أصبح حراً للجميع، وبالتالي انعكس على تخفيض سعر المنتج الحرفي.

وأشار تنبكجي إلى أنّه بعد التحرير قد عزّز ثقة الدول المجاورة بالتعامل مع الحرفيّين السوريّين، مبيناً أنّ تأمين المواد الخام أصبح سهلاً، ما دفع عمليّة المنافسة نحو تخفيض الأسعار، نظراً لتوفر المواد الأوليّة بكثرة لكل أصحاب الاختصاص.

وذكر أن موضوع التعامل بالعملة الصعبة أساسي عند كلّ الحرفيين، فأعطى الحرفي الأمان والاطمئنان، مضيفاً: إذا تعامل بالدولار -على سبيل المثال -لأي آلة وتم دفع “رعبون” للطالب سيأخذ ما تبقى له من المبلغ وهو مطمئن، حتى ولو تقلّبت الأسعار فهو لا يهمّه كونه ربط العقد بالدولار.

وفيما يخص الانفتاح الدّولي والعالمي على التّراث السوري، أوضح تنبكجي أنها مؤشّرات إيجابيّة تهم كلّ الشّعب خصوصاً الحرفيّين، لأنه انعكاس إيجابي يصبّ في مصلحة تدوير العملة الاقتصاديّة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وتحريك ورشاتهم التي طال إغلاقها.

وفي الختام: تمنّى من أصحاب الشأن والاختصاص، أن يسعوا للمشاركة في المعارض الخارجية المختصة لنشر ثقافتنا الحرفية والفنية التراثية.

مراسيم جديدة

مدير حاضنة دمر للفنون الحرفية والتراثية لؤي شكو، كان له رأي مختلف حول الرؤيّة المستقبليّة للحرف التراثيّة اليدويّة، ويرى أن الأمر بحاجة لتشريعات جديدة لأن القديمة لن تفي بالغرض، بل زادت الأمر سوءاً بعد أن فقدنا أهم الحرف التراثية التي تشتهر بها سوريا منذ القدم كحرفة البروكار والزجاج اليدوي.

وأكّد على أهميّة إصدار مراسيم تشريعيّة جديدة تشجّع الحرفي على الاستمرار بعمله وتطويره، أسوةً بالحوافز التي تقدمها هيئة الاستثمار للمستثمرين، وتوحيد قرارات الجهات المعنيّة بالحفاظ على التراث بتوحيد خطط عملها وقراراتها، والأهم فتح نوافذ تسويقيّة خارجيّة للمنتج التراثي السوري.

ودعا شكو إلى تحقيق مجموعة من النقاط لتدارك زوال حرف تراثيّة أخرى، كالحفاظ على من تبقى من حرفييها ودعمهم بما يضمن استمرارهم أو عودتهم إلى عملهم، وإحداث حواضن ومدارس حرفيّة في كل المحافظات لتعليم الحرف التي تشتهر بها كل محافظة، وإعداد بيانات رقميّة صحيحة لأعداد العاملين بالحرف اليدويّة المهدّدة بالاندثار، وتقديم الدّعم لهم وفق مؤشر خطورة عمن تبقى من مزاوليها.

وأما الصعوبات التي عانت منها الحرف التراثية، فأشار إلى أنها تمثلت في منع استيراد مستلزمات إنتاج بعض الحِرف في زمن النظام البائد ولجوء الحِرفي إلى السوق السّوداء لشرائِها بأسعار باهظة وجودة سيّئة، بالإضافة إلى هجرة عدد كبير من الحرفيين، بسبب المضايقات التي كانوا يتعرّضون لها، ومنعهم من الانتساب إلى الجمعيّة الحرفيّة.

 وارتفاع وندرة توفر أسعار المحروقات والفيول والكهرباء.

أمّا عن أهميّة رفع العقوبات الاقتصاديّة، فأكد شكّو أنّها تشجّع الحرفيّين على العودة إلى عملهم بسبب الشّغف العالميّ بالمنتج التراثّي السّوري، وتوفّر مستلزمات الإنتاج في السّوق المحليّة والسماح للحرفيّين الاشتراك بالمعارض والمهرجانات الدوليّة، فالانفتاح العالمي للمنتج التراثي السّوري سببه السّمعة التاريخيّة العريّقة، وتفرّد سوريا مهد الحضارات بحرف يدوية هامة كالبروكار، الزجاج اليدوي، التكفيت، السّيف الدمشقي، القيشاني، الصدف.

وأكد على ضرورة أن تكون الحرّف التراثيّة السّوريّة من أولويّات الصناعات السّوريّة الصّغيرة لقدرتها الكبيرة على المنافسة عالمياً، وكونها مولدة للقطع الأجنبي.

آخر الأخبار
وصول كامل الحجاج السوريين إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج   وزير الزراعة: تعزيز الأمن الغذائي و مواجهة التحديات التي تهدد الثروة الحيوانية  ازدياد الطلب على الخضار والفواكه مع قدوم عيد الاضحى الشؤون السياسية تكرّم الفرق التطوعية في "حلب مفتاح النصر"   مجلس مدينة حلب يشمِّع محال مخالفة  رويترز: الولايات المتحدة توافق على دمج جهاديين أجانب سابقين في الجيش السوري الجديد  المغيبون قسراً ... أمل لا ينطفئ  وزير الداخلية يبحث مع نظيره السعودي تعزيز التعاون الأمني  طفولة مهدورة في إدلب.. أطفال ينبشون النفايات بحثاً عن لقمة العيش  سوريا وباكستان تؤكدان الحرص على تطوير التعاون الثنائي  تحقيق لـ “بي بي سي”: أوستن تايس كان معتقلاً لدى نظام الأسد شعلةٌ تضيء ظلام الحرب..  الطفلة نور الكبب.. بين أصوات البراميل وهمسات الكتب  انطلاقة جديدة لمعمل حديد حماة بعد تحديث شامل  سوريا والأردن تخططان لربط شبكات الانترنت بسعة 100 تيرابايت  The New Arab: الإصلاح الوشيك للأمم المتحدة هل يؤثر على الشرق الأوسط؟  "التعاون  الخليجي": أهمية احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها تتويج الطالب آدم منار الخالد..  تحدي القراءة العربي ينهي موسمه التاسع في طرطوس بورصة دمشق بين الأمل والتحديات في مشهد الاقتصاد السوري  بمشاركة سوريا.. المؤتمر الدولي لآثار الشرق الأوسط ينطلق في ليون  وزير المالية: افتتاح سوق الأوراق رسالة بأن  الاقتصاد بدأ بالتحرك