الثورة- منذر عيد:
لم تطل فترة الزرع السوري في حقول الاقتصاد والسياسة العالمية، حتى بدأ موسم حصاد ما زرعته الإدارة الجديدة لسوريا من غلة وفيرة، عبر إنتهاجها سياسة النأي بالنفس عن سياسات النظام السابق، والبناء من جديد على رؤية مختلفة على مبدأ حسن العلاقات مع جميع الدول العربية والإقليمية والعالمية، لينعكس ذلك انفتاحاً اقتصادياً وسياسياً عالمياً على سوريا، جنت دمشق خلال ستة أشهر ما لم يستطع النظام السابق الحصول عليه طوال سنوات وسنوات.
ستة أشهر كانت كفيلة بأن تجعل العالمين العربي والأجنبي يدرك حقيقة أن الإدارة الجديدة لسوريا، تستحق الدعم والمساندة للاستمرار بما بدأته، قناعة جعلت دول مجلس التعاون الخليجي تقف بقوة إلى جانب دمشق والأخذ بيدها إلى بر الأمان، فعملت على دعمها اقتصادياً عبر قوافل المساعدات، والمنح والقروض، كذلك دعمها سياسياً عبر التأكيد الدائم على وحدة سوريا وسيادة قرارها، والطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحديداً من قبل السعودية، لرفع العقوبات عن سوريا، الأمر الذي كان بإعلان الرئيس الأميركي خلال زيارته إلى الرياض منتصف الشهر الماضي، لتكمل إدارته يوم الجمعة الماضي خطوات الانفتاح على سوريا وتصدر أوامر قالت فيها إنها سترفع فعلياً العقوبات على سوريا، لمساعدة البلاد على إعادة البناء، كما ذكر موقع “المونيتور”.
ما بعد 8 كانون الأول الماضي، يختلف عما قبله من عمر سوريا، فجملة الأزمات الدولية التي أدخل النظام السابق سوريا فيها جراء سياساته القصيرة النظر، تفككت واحدة تلو الأخرى على يد الدبلوماسية السورية الجديدة، وحراكها النشط بين العواصم العربية والدولية طوال ستة أشهر، لتفضي عن سلسلة من العلاقات السورية الدولية مبنية على الاحترام والندية، الأمر الذي أكده مكتب وزارة الخارجية الأميركية لشؤون المنظمات الدولية، بقوله في منشور عبر منصة X اليوم: إن العلاقات الأميركية السورية تدخل مرحلة جديدة تحت قيادة الرئيس ترامب، في ظل جهود حثيثة لإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية الذي خلّفه النظام البائد.
لم تقتصر غلال الموسم السوري على الشأن السياسي، ليأتي إعلان محافظ مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أن سوريا سيُعاد ربطها بالكامل بنظام “سويفت” للتحويلات المالية الدولية ” في غضون أسابيع”، بحسب ما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، لتؤكد أن ذلك يشكل خطوة تعيد سوريا إلى المنظومة الاقتصادية العالمية بعد 14 عاماً من الحرب والعقوبات، وبأن ذلك أول إنجاز كبير، ضمن خطة الحكومة الجديدة لإصلاح الاقتصاد السوري وتحريره.
من الواضح أن ما مضى من أيام، شكل مرحلة لحشد الدعم العربي والغربي، وتغيير الصورة السيئة التي شكلها النظام السابق، واليوم بدأت مرحلة الانتقال من القول إلى الفعل، والبدء بمرحلة الإعمار، ودخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق السورية، لتثبيت ما تم الحصول عليه طوال الستة أشهر السابقة.