الثورة – ناديا سعود:
بين الألم والأمل، يخوض مرضى التصلب اللويحي المتعدد رحلة طويلة مع مرض مزمن يفرض نفسه على الجسد والنفس، لكن كثيرين يثبتون أن التحدي ممكن، وأن التكيف مع المرض يمكن أن يكون بداية جديدة.
رشا (م)، شابة ، تروي لـ “الثورة” تجربتها مع المرض قائلة: “كنت في السابعة عشرة من عمري عندما علمت بإصابتي، كان ذلك اليوم الأصعب في حياتي، شعرت وكأنني أفقد السيطرة على جسدي بالكامل..
راجعت عدة أطباء، أملاً في سماع ما ينفي تشخيصهم، لكن الجميع أكد الإصابة”، وكانت الصدمة قاسية جداً.
توضح رشا ولكن لحظة فارقة قلبت الموازين، في لحظة ما، شعرت بقوة غريبة داخلي تدفعني لمواجهة الواقع، قررت أن لا أكون ضحية، بل محاربة، غيرت نمط حياتي بالكامل، غذاء صحي، رياضة، الابتعاد عن التوتر، والالتزام بالعلاج، اليوم، بعد 13 عاما، أعيش بشكل إيجابي ومتوازن.
اضطرابات عصبية
يعد التصلب اللويحي المتعدد (MS) من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً لدى فئة الشباب، وهو مرض مناعي ذاتي مزمن، حيث يهاجم الجهاز المناعي غمد الميالين، (الطبقة الواقية للألياف العصبية) في الدماغ والنخاع الشوكي، مما يؤدي إلى اضطراب في نقل الإشارات العصبية.
وفي حديث خاص مع صحيفة الثورة، أوضح اختصاصي أمراض الأعصاب الدكتور مروان الخطيب أن أسباب المرض لا تزال غير معروفة بدقة، لكن يعتقد أن مزيجاً من العوامل الجينية والبيئية مثل نقص فيتامين دال، التدخين، وبعض الفيروسات.
يقول د. الخطيب: إن الأعراض تتنوع بحسب الحالة، وتشمل: ضعف أو تنميل في الأطراف، اضطرابات بصرية (كالرؤية المزدوجة أو فقدان البصر المؤقت)، فقدان التوازن والدوخة، مشاكل في النطق والبلع، الإرهاق الشديد، صعوبات في التحكم بالمثانة والأمعاء، تقلبات مزاجية واكتئاب.كما يصنف التصلب اللويحي إلى أربعة أنواع رئيسية: الناكس الهاجع (RRMS).. المترقي الثانوي (SPMS).. المترقي البدئي (PPMS).. الناكس المترقي (PRMS)، ويتم التشخيص عبرالتقييم السريري، التصوير بالرنين المغناطيسي( (MRI)، تحليل السائل الدماغي الشوكي، واختبارات الأعصاب الكهربائية.
لا علاج شافياً
رغم غياب العلاج النهائي حتى اليوم، إلا أن الخيارات المتاحة تساعد في التحكم بالمرض وإبطاء تطوره، يوضح الدكتور الخطيب أن العلاج يشمل:علاج الانتكاسات: بالكورتيزون مثل الميثيل بريدنيزولون.
أدوية تعديل المناعة: مثل Ocrelizumab،Interferons)، Natalizumab)علاج الأعراض المصاحبة: عبر أدوية الإرهاق، مضادات الاكتئاب، والعلاج الفيزيائي والوظيفي، كما ينصح باتباع نمط حياة صحي يشمل التمارين الخفيفة، نظام غذائي متوازن، وتجنب التوتر والحرارة الزائدة.
تختلف التوقعات المستقبلية من حالة لأخرى، حسب د. الخطيب فبينما ينجح البعض في عيش حياة طبيعية إلى حدّ كبير، يعاني آخرون من إعاقات تدريجية تتطلب دعماً دائماً.
وبالرغم من صعوبات المرض لم يكن عائقاً أمام الإبداع، فقد أعلن عدد من المشاهير عن إصابتهم بالتصلب اللويحي، مثل: الممثل السوري يحيى بيازي، الممثلة مروة الأطرش، المغني الأمريكي كلاي ووكر، الإعلامي الأمريكي مونتيل ويليامز.ولا بدّ من التأكيد على أن التصلب اللويحي ليس مجرد حالة طبية، إنما تحدٍ يتطلب تكاتف المجتمع بأسره..
فالتوعية بالمرض ليست مجرد معرفة، بل هي جسر إلى التفهم والدعم، والدعم النفسي والاجتماعي هو القوة الخفية التي تساعد المرضى على مواجهة التحديات اليومية بشجاعة.