مقتل “شمخاني” ضربة موجعة لـ”عقل إيران الاستخباراتي” في سوريا 

أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي

أعلنت وسائل إعلام إيرانية رسمية، مقتل علي شمخاني، نائب رئيس استخبارات قوة الجو-فضاء في الحرس الثوري الإيراني، ومستشار المرشد الأعلى للشؤون الأمنية، إثر إصابته في الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة على طهران، ليشكل مقتله واحدة من أقسى الخسائر التي تتكبدها طهران منذ سنوات، خاصة على مستوى إدارتها لملف النفوذ الخارجي.

كان شمخاني، حتى لحظة اغتياله، أحد أبرز العقول التي هندست الوجود الإيراني في سوريا خلال حقبة الإرهابي الفار بشار الأسد، وصاحب البصمة الأوضح في تحويل سوريا إلى ساحة صراع إقليمي، ويمتاز بحنكته الأمنية وتاريخه الطويل في العمل الاستخباراتي والعسكري، إضافة إلى قدرته على المناورة السياسية داخل النظام الإيراني وخارجه.

و يعكس شمخاني “رجل الظل” الذي أدار ملفات حساسة تتعلق بالأمن القومي الإيراني، وعلى رأسها العلاقات مع الميليشيات الإقليمية في سوريا والعراق ولبنان، وملف الحوار السري مع الدول الغربية، فضلاً عن مشاركته في إدارة استراتيجية طهران في الشرق الأوسط من موقعه في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ومن ثم كمستشار للمرشد.

فمنذ بداية الحرب في سوريا، برز اسم “شمخاني” كلاعب مركزي في رسم استراتيجية التمكين الإيراني في دمشق، حيث أشرف على ملفات التنسيق الأمني والعسكري بين الحرس الثوري وأجهزة النظام البائد، وكان من أبرز المنظرين لسياسة “الاختراق الناعم” لمفاصل الدولة السورية، من خلال زرع المستشارين الإيرانيين داخل وزارتي الدفاع والداخلية، وتوسيع النفوذ في الأفرع الأمنية، ولا سيما فرع فلسطين، والأمن العسكري.

تحت إشراف شمخاني، تحوّل الحضور الإيراني في سوريا من مجرد دعم عسكري إلى شراكة استخباراتية فعلية، حيث لعب دوراً محورياً في دعم غرف العمليات المشتركة التي ضمّت ضباطاً من الحرس الثوري وحزب الله وجنرالات سوريين موالين للأسد، وكان هدفها ضبط الجبهات ضد المعارضة ومراقبة أي تمرد داخل النظام نفسه.

لم يكن شمخاني مجرد موظف أمني رفيع، بل كان الحارس الخلفي لمشروع التغلغل الإيراني طويل الأمد في سوريا، وكان يؤمن أن سوريا تمثل “الرئة الاستراتيجية” لطهران، لذلك حرص على تأمين قواعد عسكرية واستخباراتية في دمشق والجنوب السوري، وتحديداً في محيط مطار دمشق الدولي ومنطقة الكسوة، بالإضافة إلى تدريب ميليشيات محلية شيعية موالية لإيران على عقيدة الحرس الثوري.

وكان شمخاني من أبرز مهندسي مشروع “التغيير الديمغرافي الناعم”، من خلال منح الامتيازات لبعض الجماعات المرتبطة بطهران، مقابل ولاء أمني واستخباراتي مطلق، وكان له دور غير مباشر في رعاية الخطط الإيرانية لاستنساخ نماذج مشابهة لحزب الله اللبناني في الأراضي السورية، وخاصة في ريف دير الزور ودرعا.

بعد انهيار نظام بشار الأسد، شكّل رحيل شمخاني ضربة مضاعفة لطهران، فالرجل كان بمثابة “الذاكرة الحية” لكل تفاصيل اختراق الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية، ووفاته تعني فقدان بنك معلومات دقيق حول التمركز الإيراني في سوريا، وتحركات الميليشيات، ومسارات الإمداد، ومخططات التموضع الاستراتيجي، وهو ما يصعب تعويضه في المدى القريب.

كما أن مقتله يُفقد إيران أحد أكثر الشخصيات قدرة على إعادة بناء شبكاتها الأمنية داخل سوريا، خاصة في ظل رفض الحكومة الانتقالية الجديدة أي وجود عسكري أو استخباراتي خارجي غير شرعي، وتفكيك معظم البنى التي كان شمخاني يقف خلفها.

بغياب شمخاني، تفقد إيران عقلاً أمنياً لطالما مثّل ركيزة أساسية في إدارتها للصراع السوري، وقدرتها على توظيف الأرض السورية كمنصة تهديد استراتيجي ضد إسرائيل، أو كنقطة ارتكاز لمشروعها الإقليمي في الهلال الشيعي، ويُعد مقتله إعلاناً صريحاً بانهيار مرحلة هيمنت فيها إيران على القرار الأمني داخل سوريا، لتحلّ مكانها مرحلة جديدة تتسم بإعادة بناء الدولة السورية على أسس وطنية، خالية من التدخلات الإقليمية والأجندات العابرة للحدود.

آخر الأخبار
بين الحقيقة والتزييف..الأمن العام السوري صمّام أمان الدولة الهوية لا تعرف الحدود... والدولة ترسّخها بالرعاية والمسؤولية  أهالٍ من نوى يؤكدون على الوحدة الوطنية ودعم الجيش والقيادة من مظاهرات الثورة السورية في باريس.. الدكتورة هنادي قوقو "الثائرة الرقيقة" الدفاع المدني يحمّل فصائل السويداء مسؤولية اختطاف حمزة العمارين: العمل الإنساني ليس هدفاً مشاعاً مظلوم عبدي: اتفاقنا مع دمشق خطوة محورية نحو الاستقرار وبناء جيش وطني جامع  " الخارجية " تُعلن عن زيارة وفد تقني إلى السودان لبحث أوضاع الجالية السورية " الخارجية" تطلق خدمات قنصلية مؤقتة للجالية في ليبيا بانتظار افتتاح السفارة الرسمية منظمات حقوقية تحذر: خطة لبنان لإعادة اللاجئين السوريين تُهدد بترحيل قسري جماعي  مبادرة الغاز الأذربيجاني إلى سوريا تحظى بإشادة أميركية وتأكيد قطري على دعم الاستقرار الخطوط الجوية التركية تعود إلى أجواء حلب بعد 13 عاماً من الانقطاع "غرف الزراعة":  آلية جديدة لتحديد أسعار الفروج الحي من الدواجن الوزير الشيباني: الجاليات السورية ركيزة لتعافي البلاد وتعزيز حضورها الخارجي تحسين واقع الشبكة الكهربائية في القنيطرة مركز صماد الصحي في درعا  بالخدمة محافظ حمص يدشّن مشروع إعادة تأهيل مشفى تدمر الوطني بتمويل من الدكتور موفق القداح البيت الأبيض يكشف نسب الرسوم الجمركية الجديدة على سوريا وخمس دول عربية ترحل القمامة والركام من شوارع طفس بدرعا انطلاق المرحلة الثانية من مشروع الطاقة القطري في سوريا: 800 ميغاواط إضافية لتعزيز الشبكة وتحسين التغ... العاهل الأردني يعيّن سفيان القضاة سفيراً فوق العادة لدى سوريا