رفاه الدروبي:
عرَّفنا معرض “حروف في وجه الرصاص”، المُنظَّم في المكتبة الوطنية بدمشق، على أعمال ٤٥ خطاطاً سورياً من كافة أنحاء العالم، تميَّزت لوحاتهم بالرصانة والقوة والتوازن والتناظر، فما أن يستقيم الحرف تارةً حتى يلين في أخرى، مُقدِّماً الحكمة والرشد من نفحات الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة وأبيات الشعر العمودي، والأمثال الشعبية، إضافة إلى تدبيجهم آية النصر المُسطَّرة من خلال الثورة السورية.
رئيس الخطاطين في المعرض هيثم سلمو أشار إلى أنَّ الخطاطين هم أصحاب الأقلام المشهورة بالحكمة والبيان، لذا يُعتبر المعرض حدثاً ثقافياً، فالخطاطون لم يتعرضوا للتهميش فقط، بل كانت حرباً غير معلنة عليهم، وذلك في سياق التنمية الثقافية اتَّبعها النظام البائد شملت مختلف ميادين الفكر والأدب والفن، وكان الخط العربي محارباً رغم أنَّه يحتلُّ رأس الفنون على الإطلاق، قدَّرته كلُّ الأمم في مختلف الأزمنة إلا في دمشق، لكن بعد الثورة لا بدَّ من عودته إلى مكانته اللائقة في موطنه الأول في شامة الدنيا.
شارك سلمو بلوحتين تتحدثان عن النصر اقتبسهما من الآية القرآنية الكريمة “سنشد عضدك بأخيك”، آية تدعو إلى التآخي والتعاضد، وأن نكون يداً واحدة في وجه الأعداء، وأداة الربط فيها الخط العربي، كما يدلُّ الشكل على المعنى إذ كتب لوحته الأولى بخط الثلث، والثانية بالمحقق.
بدوره الخطاط عدنان الشيخ عثمان ارتجل شطراً موزوناً من الشعر مضمونه “ياورودي هل إليكم من ورود”، ويعني بالورود الأولى الزهر والثانية القدوم، ثم كتبها بخط الثلث والديواني مُستخدماً عدة ألوان.
الخطاط عاصم الرهبان شارك بلوحة أنجزها بخط الثلث الجلي خطَّها على ورق الشجر المتساقط ذي النوعية اليابانية، وتحمل آية قرآنية من سورة يوسف “ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ”، وفكرة اللوحة تُركِّز على ما مرَّت به سوريا من ضيق خلال السنوات العجاف.
أمَّا الخطاط حسين الشاقولة فقدَّم عملاً مكتوباً بخط الجلي الديواني في المنتصف محاطاً بهلال ونجمة بخط الديواني تجلى في الآية القرآنية: “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ” فبدا متوازناً بحيث تساوى البياض مع السواد.