الثورة – وعد ديب:
ضمن خطط التنمية المستدامة للدول المتقدمة والمتوسطة والنامية هناك الكثير من النقاط المهمة، والمشتركة التي تعتبر محاور تغيير وبناء وتطور لهذه المجتمعات.
وبالمجمل تسعى هذه الخطط لتوفير الحياة المستقرة والغذاء والأمان للسكان، لكن هناك تفاوت كبير في متطلبات الحياة فيما بين هذه المجتمعات وخصوصاً الدول النامية التي تعاني الفقر والحاجة وتدهور الوضع الصحي والاجتماعي.
وتركز على أي مبادرة خير ومساعدة تقدم لهذه المجتمعات كخطة إنقاذ حقيقية لها، حيث أنها تحتاج الكثير والكثير لتنعكس على الأفراد وتحسين نوعية حياتهم.
وضمن هذا الإطار تقول الخبيرة في القضايا التنموية والاقتصادية الدكتورة سلوى شعبان شعبان أنه ومن بين تلك التجارب الناجحة في بعض الدول النامية كدولة بنغلاديش كانت تجربة بنك “غرامين”، والتي هي من أنجح وأفضل التجارب، وتعتبر تجربة رائدة في تقديم العون والمساعدة لأفراد المجتمع لمكافحة الفقر وحالاته ونتائجه الوخيمة وقد جاءت التسمية من ترجمة كلمة “غرامين” والتي تعني الريف أو القرية.
وهي بحد ذاتها مشروع له أهداف بناءة متقدمة للريف وآلية لتحقيق التنمية الاقتصادية وتنمية المجتمع بالعموم في البلدان النامية، حيث تعمل على توسيع نطاق التسهيلات المصرفية وإعطاء القروض دون ضمانات مع التسديد الزمني الطويل، ومنع استغلال الفقراء من قبل مقرضي الأموال وشروطهم التعجيزية.
وهذا يعني، والكلام لشعبان وجود “بنك للفقراء” يساعد في تغيير حالهم وتطويرهم وتوفير فرص العمل والتعلم والمنح الدراسية والصحة والقضاء على الجوع والعطش وتطبيق العدالة الاجتماعية، إذاً تجربة تركز على رفع مستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي تعمل على التخفيف من الفقر، وتمكين الفقراء المهمشين الذين ليس لديهم المقدرة على العمل والعيش لتمكنهم من إدارة شؤونهم المالية وتنميتها حسب الظروف المتوفرة والمناسبة.
10 ملايين مستفيد
وتابعت: انطلاقاً من فكرة أن الفقر مشكلة يمكن حلها والشخص الذي لايملك شيئاً له الأولوية في الحصول على قرض، إذ إن هذه القروض هي العلاج والدواء والدعم نحو حياة أفضل وأفراد أصحاء أكثر ونساء متمكنات قادرات وشريكات في الأنشطة والأعمال.
وضمن آلية هذا المشروع أو هذه التجربة – بحسب الخبيرة الاقتصادية- هناك الأعداد الكبيرة التي استفاد حوالي ملايين شخص، منهم 97 بالمئة نساء في دولة واحدة، حيث انتشر في دول آسيا وأمريكا واعتبر النموذج المؤسساتي الأفضل.
ورداً على سؤال “الثورة” عن كيفية احتواء سوريا لهذه التجارب الرائدة؟ قالت الدكتورة شعبان: إن بنغلادش التي تغرقها الفيضانات والظروف الطبيعية القاسية عرفت كيف تحتوي مثل هذه التجارب، ونحن هنا في سوريا بلادنا غنية وطاقاتها هائلة ولاننكر بأن للمرأة تسهيلات ممتازة.
واليوم نحن بحاجة ماسة لهذه التجربة وبعد سنين طويلة من العقوبات والظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت علينا والتي عانى منها المواطن السوري بقسوة، خاصة أنه لدينا الأرضية الخصبة لتنمية الريف، بما يوفر من عوامل طبيعية وبيئية وبشرية، فقط نحن نحتاج للدعم المادي دون شروط لتيسير أحوال المواطنين ومعيشتهم.
التمويل الصغير
وأضافت: لن ننسى ومنذ سنين ماضية كانت هناك تجربة التمويل الصغير بشروط خاصة وضمانات ليس الجميع باستطاعتهم توفيرها، وخاصة وجود الكفلاء أو ضمانة عقار أو سيارة وما شابه، فلماذا لا نحقق مشروعاً تنموياً بناء كهذا، ونبدأ بإنعاش الأرياف على اتساع المساحة الجغرافية، وننطلق للتخفيف من الفقر والأمراض الاجتماعية الأخرى، وكذلك القضاء على كل ما يشوه استمرارية الوجود.
وبرأي شعبان أنه في سوريا هناك الكثير من الإمكانات، فلنوظفها ونستثمرها بالطريقة الأمثل بوجود الخبرات والطاقات والموارد البشرية المتنوعة، وبتنفيذ وتطبيق تجارب كهذه نضع الحلول ونصنعها بهمم عالية وأيادٍ مباركة متحدة وقلوب تحب الخير للجميع، ولنا أن نذكر بأن التمكين الاقتصادي هو المفتاح لكسر دائرة الفقر، كما أنها عملية تمكن الأفراد أو المجتمعات من السيطرة على أمورهم المعيشية من خلال زيادة قوتهم الاقتصادية وتحسين وصولهم إلى الموارد لاستثمارها.