تفكيك الذاكرة الاستبدادية.. الحكومة السورية بخطوات ثابتة لإزالة إرث الأسد من الشوارع والمؤسسات

الثورة – إيمان زرزور:

رغم سقوط نظام بشار الأسد، إلا أن إرثه لايزال حاضراً في الشوارع والأزقة والمحال والمرافق العامة والمؤسسات الرسمية، التي اعتبرها ملكاً خاصاً، أطلق عليها تسميات ترتبط بالحزب الواحد والعائلة الحاكمة، لكن خطوات الحكومة السورية الجديدة باتت تستهدف إنهاء هذا الإرث وتقويضه، وإزالة التشوه البصري وتفكيك الذاكرة المؤلمة في نفوس السوريين عبر تغيير هذه التسميات وإزالتها.

وقد بدأت الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، تنفيذ خطة شاملة تهدف إلى تفكيك الإرث الرمزي والسياسي الذي خلّفه نظام الأسد، من خلال إزالة التسميات المرتبطة بحزب البعث المنحل وأفراد العائلة الحاكمة السابقة من مختلف المرافق العامة، وتُعد هذه الخطوة جزءاً من جهود أوسع لإعادة تشكيل الفضاء العام السوري بما يتماشى مع قيم الدولة المدنية والتعددية والعدالة.

وصدر المرسوم الرئاسي رقم (99) لعام 2025، الذي نص على اعتماد اسم “جامعة حمص” بدلاً من “جامعة البعث”، في إشارة رمزية إلى نهاية مرحلة التقديس السياسي وبداية عهد وطني جديد، وتشمل خطة الحكومة إزالة أسماء مثل “باسل الأسد”، “حافظ الأسد”، “تشرين”، و”البعث” من المدارس والجامعات والمستشفيات والساحات العامة، واستبدالها بتسميات مستمدة من الرموز الوطنية والتاريخ السوري الجامع.

وأعلنت وزارة الإدارة المحلية أن هذا التوجه يعكس التزام الدولة الجديدة بمبدأ فصل الحزب عن الدولة، وبإرساء حياد إداري ومؤسساتي ينسجم مع مبادئ الدستور الانتقالي الذي تم إقراره بعد سقوط النظام في نهاية عام 2024. وشددت الوزارة على أن “الفضاء العام ليس ساحة لتخليد رموز الاستبداد، بل يجب أن يُعبّر عن وجدان السوريين المشترك”.

وشهدت مدن سورية كبرى مثل دمشق، حلب، حمص، واللاذقية، حملات ميدانية لتبديل أسماء الشوارع والمرافق التي كانت تُمجّد رموز النظام البائد، ففي اللاذقية، تم تحويل اسم “جامعة تشرين” إلى “جامعة اللاذقية”، و”مستشفى الباسل” إلى “مستشفى الحرية”، فيما أصبح “شارع القائد الخالد” يُعرف الآن باسم “شارع الوحدة الوطنية”. كما أزيلت في ريف دمشق أسماء “ثانوية البعث” و”ملعب باسل الأسد” ضمن برنامج إعادة التسمية.

من جهتها، أوضحت وزارة الثقافة أن الهدف من هذه الخطوات ليس طمس الذاكرة، بل تحريرها من رموز التقديس الإجباري، وإعادة بناء الوعي الجمعي على أسس المواطنة والتعدد، بعيداً عن شخصنة الدولة وربطها بسلطة الفرد.

وفي 19 أيار/مايو 2025، أصدر مجلس مدينة اللاذقية تعميماً يُلزم أصحاب المحال التجارية والفعاليات الاقتصادية بإزالة كافة الصور والشعارات والرايات التي ترمز للنظام البائد خلال مهلة 48 ساعة، تحت طائلة المساءلة القانونية. كما أطلق شباب في مدينة حمص بتاريخ 12 نيسان مبادرة تطوعية لإزالة الصور والشعارات القديمة من الشوارع، في خطوة وُصفت بأنها تجسيد حي لرغبة المجتمع في طيّ صفحة الماضي.

وفي مدينة حلب، أطلق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في 11 نيسان حملة بعنوان “رجعنا يا حلب”، شارك فيها أكثر من 100 متطوع و30 آلية خدمية، لإزالة آثار النظام من الجدران والمرافق العامة. وتزامن ذلك مع قرار رسمي أصدرته المحافظة في 8 نيسان، يُلزم كافة المؤسسات والأفراد بإزالة أي رمز للنظام السابق خلال فترة أقصاها نهاية نيسان.

ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات تحمل بعداً يتجاوز الرمزية، إذ تمثل خطوة أولى في مسار العدالة الانتقالية، وتمهّد لتصفية الذاكرة الاستبدادية وإرساء مصالحة وطنية قائمة على الحقيقة والكرامة والمشاركة.

وقد لاقت الحملة ترحيباً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والثقافية، حيث اعتبرها ناشطون وأكاديميون بمثابة تحوّل حقيقي في بنية الوعي السوري، ووسيلة لإعادة الاعتبار إلى الضحايا والناجين من منظومة القمع. وأكدوا أن هذه التغييرات تشكّل شرطاً ضرورياً للانطلاق نحو دولة ديمقراطية تُبنى على المواطنة والحرية، لا على تمجيد الأفراد أو تسييس الفضاء العام.

ومن المنتظر أن تشمل المرحلة القادمة من الحملة مراجعة شاملة لأسماء الجوائز الوطنية، والمهرجانات الثقافية، والمراكز الأكاديمية، وحتى المناهج التعليمية، بما يضمن تحرير البنية الرمزية للدولة السورية من أثر التقديس السياسي، وترسيخ هوية وطنية جامعة تنتمي للمستقبل لا للماضي.

آخر الأخبار
جلسات تشخيصية بحلب لتعزيز الاستثمار وتطوير القطاع السياحي فوضى أنيقة".. يجمع بين فوضى الحروف وتناغمها مباحثات تعاون وتطوير بين التعليم العالي وأذربيجان  محمية الفرنلق...حاضنة طبيعية للتنمية المستدامة وزارة الإعلام تتابع انتهاكاً بحق صحفي وتؤكد التزامها بحماية الحريات بحوث تطبيقية لمجابهة التغير المناخي وتعزيز الأمن الغذائي بين "الزراعة" و" أكساد"   مرسوم بتعيين طارق حسام الدين رئيساً لجامعة حمص القنيطرة.. خدمات صحة نفسية للطلاب وذويهم مرسوم باعتماد تسمية جامعة اللاذقية بدلاً من جامعة تشرين مرسوم باعتماد تسمية جامعة حمص بدلاً من جامعة البعث تعميم جديد بمنع الدراجات النارية في شوارع دمشق وتيرة الحرب تتصاعد.. واجتماع إيراني أوروبي في جنيف غداً توصيات المؤتمرات بين الأدراج المنسية  وصافرة الانطلاق أزمة المياه في السويداء.. واقع متأزّم وحلول قيد التنفيذ وزير التربية ومعاون وزير الداخلية يتفقدان مراكز طباعة الأسئلة الامتحانية  بانتظار مجلس الشعب القادم حجب المعلومة يوقع محافظة دمشق في فخ التوضيح عن مشروع تجميل قاسيون الشرع يتابع أعمال هيئة المفقودين ويؤكد التزام الدولة بالعدالة والإنصاف تفكيك الذاكرة الاستبدادية.. الحكومة السورية بخطوات ثابتة لإزالة إرث الأسد من الشوارع والمؤسسات جلسة حوارية شفافة بين وزير الإعلام وطلبة الكلية.. الوزير: نتطلع إلى إعلام مهني وموضوعي