تأثيرات محتملة جراء الأحداث على الاقتصادات والتجارة

محمد راكان مصطفى:
أثرت الأحداث في المنطقة على الممرات البحرية في العالم، ويبرز تطور الأحداث قلقاً واسع النطاق على الصعيدين الإقليمي والدولي.. هذا الأمر ليس مجرد تحدٍ للأمن البحري، بل يمثل أيضاً تهديداً مباشراً للاقتصاد العالمي، إذ يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.
أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب، الدكتور حسن حزوري، قال في حديثه لصحيفة الثورة: “تؤثر الاحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط على اقتصاد المنطقة وتكمن آثارها المباشرة على سوريا والأمن الغذائي في المنطقة في عدة جوانب منها التأثير المباشر على الاقتصاد السوري وارتفاع التضخم وأسعار السلع، معتبراً أن أي اضطراب على الممرات البحرية سيرفع تكاليف الواردات بنسبة 10 بالمئة على الأقل، خاصة الوقود والسلع الأساسية، مما يزيد معدل التضخم ويضعف قيمة الليرة السورية مقابل الدولار.”
إضافة إلى تعطيل سلاسل التوريد، وإن 80 بالمئة من واردات سوريا تعتمد على الممرات البحرية والبرية عبر الأردن ولبنان وتركيا، وإغلاق مضيق هرمز يعطل هذه المسارات، ويؤدي إلى نقص في المواد الخام اللازمة للإنتاج المحلي، خاصة في القطاعين الصناعي والزراعي، إلى جانب ارتفاع تكاليف النقل والتأمين، وتزيد المخاطر الأمنية كلفة شحن البضائع بنسبة تصل إلى 40 بالمئة، كما حدث في حوادث سابقة، مما يرفع أسعار السلع النهائية.
وبالنسبة لتهديد الأمن الغذائي في سوريا، حذر أستاذ الاقتصاد من نقص حاد في السلع الأساسية، إذ إن سوريا تستورد أكثر من 50 بالمئة من احتياجاتها الغذائية، خاصة القمح والذرة والزيت. وإغلاق المضيق يعيق وصول هذه السلع، ويخفض المخزون الاستراتيجي.
وأضاف: “كما أنه سيسهم في ارتفاع أسعار الغذاء مع ندرة الواردات وارتفاع كلفة النقل، ستتضاعف أسعار المواد الغذائية، مما يهدد قدرة الفئات الهشة على الوصول إلى الغذاء.”
ولفت إلى تأثير سلاسل الإمداد الزراعي، إذ يعتمد المزارعون السوريون على مستلزمات الإنتاج المستوردة (بذور، أسمدة، وقود). أي خلل في توريدها يقلص المحاصيل المحلية، مما يفاقم الأزمة الغذائية.
وحول التداعيات الإقليمية على الأمن الغذائي، لفت حزوري إلى اعتماد دول الخليج على الواردات الزراعية، خاصة أن 70 بالمئة من واردات الحبوب والبذور الزيتية إلى الخليج تمر عبر الممرات المائية، ما يعرّض دولاً مثل الإمارات وقطر لخطر نقص الغذاء، مما يحدّ من صادراتها إلى سوريا، ناهيك عن تأثير النفط على الأسواق العالمية، فارتفاع سعر النفط فوق 100 دولار للبرميل (كما يتوقع الخبراء) يرفع تكاليف إنتاج الأسمدة والنقل عالمياً، مما يزيد أسعار الغذاء في سوريا بنسبة 20-30 بالمئة.
ويرى حزوري أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن الإغلاق الكامل لمضيق هرمز غير مرجح بسبب تبعاته الكارثية على إيران (خسارة 80 بالمئة من صادراتها النفطية)، لكن حتى الاضطرابات الجزئية (مثل هجمات بحرية أو ألغام) كافية لإثارة أزمة.
واقترح أستاذ الاقتصاد حلولاً بديلة لسوريا لمواجهة هذا الوضع عبر الممر البري عبر الأردن، وتم تخفيض رسوم الشاحنات السورية العابرة للأردن بنسبة 60 بالمئة، مما قد يسهم في تخفيف الأزمة، وخطوط أنابيب النفط البديلة، لافتاً إلى أن السعودية والإمارات تعتمدان على أنابيب نفطية (مثل خط الشرق- الغرب) لتجاوز المضيق، لكن سوريا تفتقر لهذه البنية.
وختم بالقول: “الأحداث على الممرات البحرية ستُعمق أزمتي الاقتصاد والأمن الغذائي في سوريا، مع تأثيرات متتالية منها ارتفاع التضخم، نقص السلع الأساسية، وتعطيل الصناعة المحلية. وعلى الرغم من استبعاد الإغلاق الكامل، فإن حتى التهديدات الجزئية كفيلة بتصعيد الأوضاع، مما يستدعي خطط طوارئ فورية مثل تعزيز المخزون الاستراتيجي وتنويع مسارات الاستيراد.”
أثر نفسي
أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور مظهر يوسف قال: من المعروف أهمية الممرات البحرية لتجارة النفط في العالم حيث يمر من خلال مضيق هرمز نحو 20 بالمئة من تجارة النفط العالمية، وبالتالي هو ممر حيوي للطاقة العالمية.
مضيفاً: حالياً لا تستورد سوريا النفط عبر مضيق هرمز، ولا حتى السلع، وبالتالي تأثير إغلاق الممر على سوريا المباشر سيكون محدوداً لأنه كما ذكرنا أنه ممر نفطي.
أما الأثر غير المباشر برأي أستاذ الاقتصاد هو الأخطر، وستنعكس الآثار أولاً على أسعار النفط العالمية، والتي بدورها ستنعكس ارتفاعاً على أسعار المنتجات بكل أنواعها بسبب ارتفاع التكاليف، وبالتالي سوف تتأثر سورية لأنها تستورد الكثير من سلعها من الخارج.

وختم بالقول: لكن أكثر ما يخشى في السوق السورية هو

استغلال قوى السوق للأثر النفسي الناجم عن إغلاق الممر وارتفاع أسعار النفط لرفع الأسعار بأكثر من الأثر الحقيقي كما حدث عند بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
آثار سلبية على العالم
من جهته، أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب، عبد الحميد صباغ، أكد أهمية الممرات المائية العالمية لتصدير النفط والغاز، ورأى أن تطور الأحداث سيكون له آثار سلبية مباشرة على العالم بشكل عام، والأثر سيكون أكبر على الدول التي تعتمد على استيراد النفط والغاز من الخليج العربي.
مضيفاً: سوريا من الدول التي تعتمد في إمداد الطاقة مؤخراً على دول الخليج العربي، الأمر الذي سيكون له أثر في نقص إمدادات الطاقة بشكل عام، وهذا سيؤثر على جميع قطاعات الاقتصاد السوري بشكل مباشر. بالإضافة إلى أن إغلاق مضيق هرمز سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع عالمياً بسبب ارتفاع تكاليف النقل وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وهذا يؤدي إلى مزيد من الضغط باتجاه ارتفاع تكاليف المعيشة على الأسرة السورية، ناهيك عن أن معظم محطات توليد الكهرباء تعتمد على استيراد الطاقة (الفيول والغاز) من الخارج، وجزء كبير من دولة قطر، مما ينعكس بشكل سلبي على حجم توليد الكهرباء.”
ومن الآثار الأخرى على الاقتصاد السوري، قال صباغ: “من المحتمل أن ينعكس ذلك على سعر صرف الليرة السورية بسبب زيادة الطلب مستقبلاً على القطع الأجنبي من أجل تمويل الاستيراد بأسعار أعلى من قبل، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض سعر صرف الليرة السورية، وخاصة إذا استغل هذا الوضع التجار المضاربون في سوق الصرف في السوق السوداء.”
ويرى أستاذ الاقتصاد أنه على الحكومة العمل على تأمين بدائل لاستيراد النفط والغاز من الخليج العربي، وكذلك أن تتخذ إجراءات لمنع المضاربة في سوق صرف الليرة السورية، خوفاً من انخفاضها، عبر إجراءات رقابية أكثر، واتخاذ إجراءات من قبل المصرف المركزي عبر خطوات استباقية منعاً لانخفاض سعر الصرف، عبر سياسات تدخل في السوق الموازية (السوداء) بهدف منع استغلال هذا الحدث من قبل بعض المضاربين.

آخر الأخبار
الرسوم العجمية بأياد سورية ماهرة  سوريا: الهجوم الإرهابي بحق كنيسة مار الياس محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني محامو درعا يستنكرون العملية الإجرامية بحق كنسية مار إلياس بريد حلب يطلق خدمة "شام كاش" لتخفيف العبء عن المواطنين حلاق لـ"الثورة": زيادة الرواتب إيجابية على مفاصل الاقتصاد   تفعيل قنوات التواصل والتنسيق مع الدول المستضيفة للاجئين  ضحايا بهجوم إرهابي استهدف كنيسة مار إلياس في الدويلعة تفجير إرهابي يستهدف كنيسة مار إلياس في دمشق ويخلّف أكثر من 20 ضحية "مطرقة منتصف الليل"... حين قررت واشنطن إسقاط سقف النووي الإيراني زيادة الرواتب بنسبة 200 بالمئة.. توقيت استثنائي تحسن القدرة الشرائية وتحد من البطالة   خبير اقتصادي لـ " الثورة":  الانتعاش الاقتصادي يسير في طريقه الصحيح  يعيد الألق لصناعتها.. "حلب تنهض"… مرحلة جديدة من النهوض الصناعي زيادة الرواتب 200%.. خطوة تعزز العدالة الاجتماعية وتحفز الاقتصاد الوطني  تأهيل المكتبة الوقفية في حلب بورشة عمل بإسطنبول الشيباني وفيدان يؤكدان أهمية مواصلة التنسيق الثنائي   غلاء أجور النقل هاجس يؤرق الجميع.. 50 بالمئة من طلاب جامعة حمص أوقفوا تسجيلهم تأثيرات محتملة جراء الأحداث على الاقتصادات والتجارة منع ارتداء اللثام لقوى الأمن الداخلي بحمص    "يا دهب مين يشتريك "؟ الركود يسيطر وتجار صاغة اللاذقية يشكون حالهم ترحيل مكب قمامة الفقيع بدرعا