الثورة – رولا عيسى:
في توقيت حساس وظروف استثنائية محلياً وإقليمياً، جاء الإعلان الحكومي اليوم عن زيادة رواتب الموظفين في القطاع العام بنسبة 200%، وسط تحديات اقتصادية كبيرة.
إن هذا القرار يحمل دلالات متعددة، سواء من حيث تحسين الوضع المعيشي للمواطنين أو من حيث تأثيره على قطاع الأعمال الخاص والعام في سوريا.
وتزامنت الزيادة مع ترحيب كبير من الشارع السوري، وغردت مواقع التواصل الاجتماعي بالخبر، ولم يشمل الترحيب الموظفين بل تجاوزهم إلى قطاع الأعمال والمجتمع السوري بشكل عام.
ومع هذه الزيادة الكبيرة، تبرز العديد من التساؤلات حول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لهذه الخطوة في هذا الوقت بالذات؟.
لتسليط الضوء على أهمية الخطوة وأثرها على الصعيد المحلي التقت صحيفة الثورة عدداً من المواطنين والخبراء في المجال التنموي.
السيدة رنا لميا موظفة، اعتبرت أن قرار زيادة الرواتب في سوريا بنسبة 200% يحمل أهمية كبيرة في هذا التوقيت، حيث يخفف من وطأة الأعباء الاقتصادية على الأسر السورية وتحسين مستوى معيشتهم، في ظل تراجع القدرة الشرائية وضعفها أمام أبسط الحاجات، آملة أن لا تترافق مع زيادة في الأسعار.
بينما يقول زيد الأحمد يعمل في قطاع المبيعات: تعتبر الزيادة في الرواتب خطوة إيجابية نحو تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وعليه تتطلب توافر بيئة اقتصادية مستقرة ودعماً مستمراً من السياسات الحكومية لدعم النمو الاقتصادي في المستقبل.
أما نضال عبيد موظف: بدأ كلامه بالقول: خطوة ممتازة انتظرناها مطولاً، لكنها جاءت في التوقيت المناسب.
زيادة في الثقة
من جهة أخرى يقول المحامي عارف مرهج أن زيادة الرواتب ترفع من زيادة الثقة في الحكومة، مع مطالب العاملين بها بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، ويمكن أن تعزز هذه الخطوة ثقة المواطنين في الحكومة، خاصة إذا ترافق القرار مع تحسينات ملموسة في الخدمات العامة والبنية التحتية.
وتقول الخبيرة التنموية والاقتصادية الدكتورة زبيدة القبلان أن زيادة الرواتب وتأثيرها على الوضع المعيشي للمواطنين، تظهر من خلال تحسين القدرة الشرائية، وبالنظر إلى الواقع الاقتصادي الصعب، يمكن اعتبار الزيادة الكبيرة في الرواتب بمثابة خطوة لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
وتتابع: فبعد سنوات من انخفاض قيمة الرواتب الحقيقية أمام أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء، الأدوية، الوقود، والمواصلات، سيكون من المتوقع أن يساعد هذا القرار في رفع القدرة على تلبية احتياجات المواطنين اليومية، مما قد يساهم في تخفيف العبء المالي عليهم.
كذلك، والكلام للدكتورة القبلان، تسهم الزيادة في الحد من الفقر والبطالة، فقد كانت معدلات الفقر في سوريا قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث أظهرت التقارير أن أكثر من 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.
وفي هذه الظروف، يمكن أن تسهم زيادة الرواتب في تحسين الحياة اليومية للعديد من الأسر التي كانت تعتمد على دخل محدود جداً، كما أن هذا القرار قد يساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي ووقف التدهور الكبير في مستوى المعيشة.
تأثيرات تحفيزية للزيادة
بينما تجد الخبيرة التنموية والاجتماعية ميرنا السفكون أن الزيادة تدعم تحفيز الإنتاجية في بعض القطاعات التي تعاني من تدني الرواتب، حيث يمكن أن يشعر الموظفون بتحفيز أكبر للعمل والابتكار، مما قد ينعكس إيجابياً على مستوى الأداء في مؤسسات الدولة، إلا أن ذلك يعتمد على مدى قدرة الحكومة على تحسين الظروف المعيشية الأخرى، مثل تأمين السلع الأساسية وتوفير بيئة عمل مناسبة.
من ناحية أخرى، والكلام لسفكون، لا يخلو قرار زيادة الرواتب من تحديات قد تتسبب في مضاعفة التضخم، فعلى الرغم من أن الزيادة قد تحسن مؤقتاً القدرة الشرائية، فإنها قد تؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، مما يرفع من الأسعار مجدداً، وهنا يأتي دور الجهات الرقابية.