الثورة:
أعلنت سوريا، عبر وزارة الخارجية والمغتربين، تضامنها الكامل مع دولة قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، في أعقاب الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد الجوية في قطر، في تصعيد وصف بأنه الأخطر منذ شهور في المنطقة.
وقد أدانت دمشق بشدة هذا العدوان، واعتبرته تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي ولسلامة الخليج، الذي يمثل- بحسب البيان – جزءاً لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي السوري.
وأكدت الخارجية السورية أن موقفها يأتي انطلاقاً من التزامها بمبادئ التضامن العربي، ورفضها لأي أعمال عدائية تمسّ استقرار دول الخليج، مشيرة إلى أن الرد على التصعيد الإيراني يجب أن يكون عبر وحدة الصف العربي وتكثيف التنسيق الإقليمي في وجه التهديدات المشتركة.
وكانت الدوحة قد أعلنت مساء الإثنين عن تعرّض قاعدة العديد الجوية لقصف صاروخي من الأراضي الإيرانية.
ووفق ما صرّح به نائب رئيس الأركان للعمليات المشتركة في قطر، اللواء شايق بن مسفر الهاجري، فإن الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط ستة من أصل سبعة صواريخ أطلقتها إيران، بينما سقط أحدها في نطاق القاعدة دون أن يسفر عن أي إصابات بشرية أو أضرار مادية كبيرة.
من جانبه، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الهجوم بأنه “مفاجئ وغير مبرر”، خصوصاً في ظل ما تبذله قطر من جهود وساطة لحل النزاعات الإقليمية، داعياً إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وشهد الهجوم إدانات واسعة من الدول العربية، حيث أدانت السعودية بأشد العبارات ما وصفته بـ”العدوان السافر”، واعتبرته خرقاً لمبادئ حسن الجوار والقانون الدولي، وأعربت دول الكويت، والإمارات، والبحرين عن تضامنها الكامل مع قطر، وشددت على دعمها في مواجهة أي تهديد يطال سيادتها.
كما أدانت سلطنة عمان التصعيد واعتبرت أن الوضع الإقليمي المتوتر سببه العدوان الإسرائيلي المتكرر، محذّرة من انزلاق المنطقة إلى مواجهات مفتوحة، وأجمعت مصر والأردن والسودان على إدانة الهجوم واعتبرته تهديداً للسلم الإقليمي، داعية إلى التهدئة وضبط النفس، وعبر كلاً من لبنان والمغرب والجزائر عن قلقهم البالغ إزاء التصعيد، وأكدت أن استهداف قطر يمثل اعتداءً على بلد عربي لطالما لعب دوراً إيجابياً في جهود الوساطة الإقليمية.
دولياً، أعربت فرنسا عن بالغ قلقها من التصعيد، حيث دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “العودة إلى الدبلوماسية ووقف دوامة الفوضى”، في حين اعتبر وزير الخارجية جان نويل بارو الهجوم تصعيداً خطيراً يستوجب ضبط النفس وتفادي تدهور الأوضاع أكثر.
يشير هذا الموقف السوري الصريح إلى تحوّل استراتيجي في السياسة الخارجية لدمشق، بعد عقود من القطيعة مع محيطها العربي في ظل النظام السابق، فاليوم، تعود سوريا لتتبوأ موقعها الطبيعي في الصف العربي، دفاعاً عن أمن الخليج بوصفه امتداداً لأمنها، ورفضاً لأي اعتداء يهدد استقرار المنطقة.
ويحمل تضامن سوريا اليوم مع قطر – في لحظة تصعيد إيراني خطير – دلالات بالغة على سعي الدولة السورية الجديدة لترسيخ نهج جديد يقوم على وحدة الصف العربي، والتوازن في العلاقات الدولية، ورفض سياسة المحاور والاصطفافات التي أضعفت المنطقة لعقود.