الثورة- منهل إبراهيم:
تعد مساندة سوريا سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ورفع العقوبات عنها سريعاً، من الأولويات التي تساهم بدعم الأمن والاستقرار، ليس في سوريا وحسب، بل على امتداد رقعة المنطقة والعالم، وهذا يصب في الاتجاه الذي أكدت عليه المفوضية الأوروبية، بأنه إذا استمر المجتمع السوري في الحفاظ على وحدته، وإذا تحرك المجتمع الدولي بطريقة بناءة، فهناك فرصة حقيقية لأن تتقدم البلاد بسرعة نحو مسارها الصحيح، ومدها بالقدرة على الانطلاق بقوة أكبر من الماضي نحو المستقبل.
المفوضية الأوروبية، وعلى لسان عدد من المسؤولين السياسيين، لفتت إلى وجود جبهة موحدة من مختلف أنحاء سوريا تسعى بجدية إلى تجاوز مرحلة النظام المخلوع والانطلاق نحو المستقبل، بموازاة ذلك أكدت شبكة “سي نيوز” الفرنسية، أن تفجير كنيسة “مارالياس” في قلب دمشق كان عملاً مروعاً وضع ملف “مكافحة الإرهاب” في واجهة العلاقات الدولية مع دمشق.
ووفقاً للشبكة الفرنسية، فإن الرد الفرنسي الفوري، الذي تضمن إدانة صريحة وتقديم التعازي والدعوة إلى السلام، لم يخلُ من إشارات سياسية دقيقة، فلم تكتفِ وزارة الخارجية الفرنسية بالإدانة، بل تحدثت عن “رغبة السوريين جميعاً- على اختلاف انتماءاتهم- في العيش بأمن وسلام”، وأضافت عبارة لافتة حول “دعم سوريا موحدة ومستقرة وذات سيادة”.
وتساءلت الشبكة الفرنسية “هل يعني ذلك أن فرنسا، وربما شركاءها الأوروبيين، قد يكونون على استعداد لإعادة تقييم استراتيجيتهم تجاه دمشق، ولو من باب الضرورة الأمنية؟ خصوصاً أن البيان أشار إلى الاستعداد لتقديم “أي دعم ضروري” للحكومة السورية في مكافحة الإرهاب.
وقال فريدريك بيشون، خبير في الشؤون المشرقية، وباحث في جامعة ليون، ومؤلف كتاب “سوريا.. لماذا أخطأنا؟”: إن الهجوم الذي ضرب كنيسة مار إلياس يشكّل “جرس إنذار مزدوجاً” للأوروبيين، ويعزز قناعاته القديمة بأن سياسة العزل والعقوبات الشاملة المفروضة على دمشق فشلت في تحقيق أهدافها، بل أسهمت في إضعاف الدولة السورية على نحو خطير يسمح بتمدد الإرهاب والفوضى.
واعتبر بيشون أن ما حدث في دمشق ليس مجرد عمل إجرامي منفصل، بل نتيجة مباشرة لفشل المجتمع الدولي في دعم استقرار سوريا”، مؤكداً أن هناك ميلاً أوروبياً متزايداً، وإن بقي في الظل، إلى إعادة النظر في فكرة أن العزلة الكاملة لسوريا قد تكون لها كلفة أمنية عالية على أوروبا نفسها.
ورأى بيشون أن استمرار إضعاف الدولة السورية تحت ذريعة العقوبات يخلق فراغاً أمنياً وسياسياً لا يملؤه سوى الفوضى والعنف، مشيراً إلى أن “حماية البنية الاجتماعية السورية، يتطلبان تعاوناً واقعياً مع الحكومة السورية، ونحن أمام لحظة مفصلية تفرض على الدبلوماسية الفرنسية أن تفرّق بين العقاب السياسي والضرورة الاستراتيجية والتنسيق الأمني، وفتح قنوات خلفية، قد يصبحان واقعاً لا مفر منه”.
وكانت المفوضية الأوروبية أكدت أن “الحكومة السورية الجديدة تدير المشهد السوري بالغ التعقيد، بطريقة تبدو عملية للغاية، وهي تتطلع إلى وحدة البلاد وبناء سوريا لجميع السوريين على أساس نهج المواطنة بغض النظر عن خلفياتهم”.
وشددت المفوضية على ضرورة منح الحكومة السورية الثقة في قدرتها واستعدادها لمعالجة هذه القضايا، لاسيما أن الحكومة أظهرت استعداداً كبيراً لتحمل المسؤولية، مع حرص واضح على عدم الانحياز لأي طرف خارجي، وهو ما اعتبرته مؤشراً إيجابياً.
وكان الاتحاد الأوروبي رحب بوقت سابق بإصرار الحكومة السورية على بناء دولة تقوم على المصالحة والمساءلة واحترام القانون وحقوق الإنسان، مؤكداً استعداده للتعاون معها في المحافل الدولية، وداعياً جميع الأطراف الخارجية لاحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.