في مواجهة الأزمة المائية.. حماية المصادر واعتماد الري بالتنقيط ورفع التلوث عن الأنهار أولوية

الثورة – محمود ديبو:
في ضوء ما توصلت إليه الدراسات والتقارير لمنظمات دولية وإقليمية والمؤسسات المحلية في سوريا، والمخاوف التي تتحدث عن سنوات جفاف قادمة تترافق بشح كبير بالمياه وتزايد الحاجة لتأمين مصادر جديدة لتلبية احتياجات السكان.. طرح العديد من المختصين والباحثين في مجال الري مقترحات لمواجهة التحديات القادمة والحد من آثارها السلبية، وتناولتها صحيفة الثورة في هذا المقال.

خطة طوارئ

وعليه، دعا المهندس خالد شلق إلى وضع خطة طوارئ للتكيف مع نقص الوارد المائي تتضمن ثلاثة إجراءات تنفيذية هي تقييم نظام الإمداد من خلال تحديد سلسلة الإمداد وتحديد نقاط الضعف تجاه الأخطار التي تصيب المنشآت أو عملية تشغيلها، وتحديد مكامن الخطر في كل جزء منها ومستوى المخاطرة المرافق لكل خطر تم تحديده مع الإجراءات اللازمة لضبط هذه الأخطار.

وبين أن الإجراء الثاني لخطة الطوارئ هو وضع نقاط مراقبة عمليات التشغيل تتضمن مواضع المراقبة من تحديد نقاط مناسبة، وضمن تواتر مناسب في جزء من سلسلة الإمداد وبعد أن يتم تحديد ذلك من خلال تقييم نظام الإمداد تتم مراقبة حدث يتضمن الخروج عن الأداء المحدد.
وحدد الإجراء الثالث للخطة بإدارة وتوثيق مستندات الخطة من خلال تقرير التقييم التفصيلي لنظام الإمداد، وتقرير نتائج مراقبة عمليات التشغيل ووصف الإجراءات المطلوب اتخاذها في الحالة العادية أو حالة الطوارئ، وبيان الموارد المطلوبة لتنفيذ الخطة، وتحديد البرنامج الزمني للتنفيذ وفقاً لأولويات المخاطر المخطط لمواجهتها.

إجراءات ضرورية

وبين م. شلق أنه من الضروري تحديد مسؤوليات مؤسسة المياه حيث يجب أن يتم تعيين القيادة والقيادة البديلة التي يمكن التواصل معها على مدار الـ24 ساعة، كما يجب تقييم المعلومات وإدارة الموارد والكادر العامل واختبار فعل الاستجابة المناسبة، والقيام بتنسيق جهود الاستجابة مع أول المستجيبين من الشركاء.
إضافة لذلك- بحسب م. شلق- فإنه من المهم تأمين جودة الاتصالات خلال حالة الطوارئ ووضع الأحكام التي تؤمن الاتصالات الآمنة من الفشل أثناء الأحداث الكبيرة، وكذلك تسجيل نتائج التبليغ الداخلي والخارجي، وإعداد لائحة داخلية تتضمن أسماء رئيس المجموعة وبديله والمعنيين بخطة الاستجابة من مؤسسة المياه، ولائحة خارجية تتضمن الشركاء المستجيبين على المستوى المحلي والوطني مع وسائل الاتصال، ووسائل الإعلام التي تصل إلى العامة من الناس.
ورأى ضرورة في تسمية متحدث رسمي يقوم بإعداد البيانات الصحفية التي تتضمن توضيحاً للعامة عن القيود التي تم وضعها أثناء حالة الطوارئ على المياه، مع التركيز على وضوح ودقة الرسالة وسهولة تفهمها.

حماية المصادر الحالية

بدوره قال المهندس خلدون الدندشي: إن أزمة المياه تحتاج إلى مقاربة متعددة الأبعاد تضع في اعتبارها المخاوف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، حيث إن البعد الاجتماعي يتطلب الاستخدام العادل للمياه مثلما يتطلب البعد الاقتصادي كفاءة استعمالها أو الاهتمام بدورها في النمو الاقتصادي، والبعد البيئي يتحاج إلى تحقيق الاستدامة في استخدام المياه وإعطاء النظم البيئية حصتها من المياه.
وأكد م. الدندشي ضرورة حماية المصادر الحالية من الأخطار المختلفة التي قد تخرجها من الخدمة بشكل مؤقت أو نهائي كالتلوث العرضي أو المقصود، والقيام بدراسات تقييم أثر بيئي دقيقة لأي مشروع لنقل مياه (جر مياه الساحل إلى دمشق)، فنقل هذه الكميات الهائلة من خارج الحوض لحوض دمشق شبه المغلق قد يكون له آثار بيئية كارثية، داعياً إلى وضع سياسة وطنية شاملة للمياه تنبثق عنها استراتيجيات وخطط ينتج عنها مشاريع، والتخطيط لتنمية متوازنة تضمن التوازن البيئي والمائي على مستوى سوريا فحالياً هناك توزع غير متوازن ما بين مصادر المياه ومناطق الاستهلاك.

قدم أنابيب الشبكات

وفيما يجري الحديث عن قدم شبكات المياه وارتفاع نسبة الفاقد المائد المتسرب عبرها والذي يصل إلى حوالي 30 بالمئة، قال المتخصص بمجال الرصد بالأقمار الصناعي والاستشعار عن بعد مروان قضماني: إن هذا يمكن حالياً بوسائل أسهل حيث يوجد أجهزة حديثة تحدد مكان التسرب في الأنابيب ما يوفر الكثير من عمليات الحفر وغيرها من الأعمال للوصول إلى مكان الخلل، داعياً في هذا إلى أهمية إقامة محطات معالجة مغلقة في كل المدن والمناطق للاستفادة من المياه المعالجة في مجالات مختلفة، وهو أمر بات اليوم حاجة ملحة أكثر من ذي قبل.
وفي نفس السياق دعا قضماني إلى ضرورة رفع التلوث الكبير الحاصل في أنهار بردى والعاصي والفرات والذي له آثار سلبية على البيئة، معتبراً أن مشاهد نهر بردى لوحدها تتطلب استنفار كل الجهود لرفع الأذى الواقع على النهر جراء تحويل الكثير من المصارف على النهر وإلقاء القمامة ومخلفات المطاعم والمتنزهات المقامة على ضفاف النهر وبالقرب منه.

ومن اتحاد الفلاحين، قال أحمد عوض: إن زيادة المساحات المروية مسألة مهمة لتوفير الأمن الغذائي، مؤكداً على أهمية دعم تجربة الري الحديث (شبكات الري بالتنقيط)، التي توفر كميات هائلة من المياه التي تهدر في عمليات السقاية بالطرق التقليدية (الري بالراحة)، وأشار عوض إلى أن معظم المحاصيل المزروعة هي شرهة للمياه، وهذه تؤدي إلى استنزاف المياه، ولا بد من الاتجاه نحو زراعة محاصيل أقل استنزاف للمياه وذات مردود عال، مبيناً أن تجربة الآبار المشتركة هي الأفضل في ظل ما شهدناه في السنوات الماضية من انتشار واسع لحفر الآبار لسقاية الأراضي الزراعية والتي بعضها مساحاتها صغيرة ولا تتطلب وجود بئر خاص بها، وبالتالي الآبار المشتركة من شأنها توفير المياه بحيث يتم وضع عدادات على كل بئر مشترك ويتم مراقبة استخدام المياه بشكل عادل وكاف ودون هدر، وتركيب منظومات طاقة شمسية لتشغيل مضخات الآبار وضمان استعمالها في مختلف الأوقات في ظل التقنين الكهربائي وارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

الزراعة أكبر مستهلك للمياه

من جانبها مدير المراكز المائية بالهيئة العامة للموارد المائية الدكتورة سعاد عبيد أكدت أهمية اعتماد مشاريع الري بالتنقيط بوصفها أحد الحلول الناجعة للحد من هدر مياه سقاية المزروعات، خاصة وأن القطاع الزراعي هو أكبر مستهلك للمياه بنسبة 88 بالمئة من الموارد المائية، ذلك أن زيادة المساحات المروية سنوياً دون الأخذ بعين الاعتبار الموارد المائية المتاحة للزراعة، أدى إلى حدوث عجز مائي وهذا العجز يتم تعويضه عن طريق المخزون من المياه الجوفية ولكن تواتر سنوات الجفاف والسنوات شديدة الجفاف أدى إلى عجز تراكمي، وأصبح من الصعب تعويض ما يستنزف من المياه الجوفية.
وبحسب د. عبيد فإن الموسم المائي في هذا العام يعتبر أسوأ موسم منذ عام 1989، إذ تراجعت نسبة الهطولات المطرية بنسبة 70 بالمئة عن المعدل الاعتيادي، وما يساهم في تعميق العجز المائي المتراكم منذ سنوات.
ولفتت إلى أن ظاهرة التغيرات المناخية تعتبر من أكبر وأخطر التحديات البيئية والطبيعية التي تشكل تهديداً حقيقياً لكل دول العالم ومنها دول المنطقة العربية، وتطال تهديداتها معظم قطاعات التنمية (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية) إلى جانب تحديات تحقيق الأمن المائي والغذائي.

آخر الأخبار
المخدرات في زمن الرقمنة.. استهداف ممنهج للشباب  سلاحنا الوحيد الوعي   المخدرات بداية الحكاية بلا نهاية..  تستهدف المدارس والجامعات وتفتت المجتمعات   "الاقتصاد" و"الاتصالات".. توسيع أتمتة الخدمات للتحول الرقمي    The Cradle: إسرائيل أخفت ما يقرب من 400 ألف فلسطيني في غزة   أزمة الجمعيات السكنية المتعثرة إلى أين؟  "الإسكان": قانون جديد للتعاون السكني      واشنطن تجدد دعمها لدمشق في محاربة الإرهاب تقرير استخباراتي أميركي يشكك بنتائج الضربات على النووي الإيراني وترامب ينفي  مراكز تحويل كهربائية جديدة بريف القنيطرة الأوسط تفعيل خدمات مكتب العمل والشؤون الاجتماعية بحسياء تقرير حقوقي يوثق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية  البنك الدولي يدرّب العقول لصيانة المال العام  حلب.. جديرة أن تقود الانتعاش الاقتصادي لسوريا بأكملها وفد أممي يزور محطة مياه علوك لإعادة صيانتها وتشغيلها    حركة سياحية نشطة في بلدة البيضا بمصياف    المرشح لقيادة "سنتكوم": دعم واشنطن لحكومة الشرع خيار صائب  أسواق طرطوس تغرق بالخضار والفواكه الصيفية وتكسر أسعارها في مواجهة الأزمة المائية.. حماية المصادر واعتماد الري بالتنقيط ورفع التلوث عن الأنهار أولوية "بيئتنا حياتنا" ..احتفاليةٌ بيوم البيئة العالمي في جامعة دمشق.. 1,5مليون طن نفايات صلبة ..وأزمة البل... منحة الكهرباء تعيد البنك الدولي إلى سوريا.. وزير المالية: فرصة لإعادة بناء الحياة سوريا .. الاستثمار في الجغرافيا والانتقال من الانفعال إلى التفاعل