هيثم قصيبة:
منذ عام ٢٠١٢ وأنا أكتب عن ضرورة وضع الصفر الحكومي على الأجور والرواتب كي تتناسب مع الغلاء المتصاعد لأسعار المواد والسلع، لكن حكومة النظام المخلوع كانت تضرب بكل المطالبات عرض الحائط، بل اتبعت سياسة اقتصادية تدميرية أدت إلى تفقيرالشعب وبصورة خاصة الطبقة العمالية حين باتت طبقة بائسة مسحوقة محرومة لايكفيها راتبها الهزيل أكثر من ثلاثة أيام، وبالكاد يغطي تكاليف المعيشة الضرورية، أما إذا تعرض أحد العاملين لوعكة صحية فسوف يموت بعلته بدون أن يؤمن تكاليف العلاج والدواء.
المدهش في الأمر اتباع الحكومة المخلوعة زيادة أسعار السلع والمواد والرسوم والضرائب وقيم الخدمات بمتوالية تصاعدية أدت إلى تضخم مرعب، وانهيار شبه كلي للقدرة الشرائية في ضوء المضاربة المحمية من قبل المافيا المتلاعبة والمتحكمة بسعر الصرف، وهذه السياسة التدميرية لليرة أدت إلى حالة شلل اقتصادي وتفريخ طبقة حيتان تابعة لفرع الخطيب وتأتمر بأمره، ولها رموزها ونجومها من واجهات مالية تديرها سيدة الجحيم.
استحوذت هذه العقلية المافياوية على اقتصاد البلد وموارده، وتملكت القصور والشركات القابضة، وابتلعت الثروات ونهبت مؤسسات الدولة، ما أوصل الشعب إلى الفقر الأسود.
وبعد التحرير من نظام الاستبداد والنهب سعت الحكومة الجديدة إلى تحسين المعيشة للمواطنين، واستعادة القوة الشرائية لليرة بنسبة جيدة من خلال تخفيض سعر الصرف، وتحريك عجلة الاقتصاد والإنتاج والانفتاح الاقتصادي، وجذب الاستثمارات وإيجاد المناخ المطلوب والبيئة المناسبة، ما يحسن الوضع المعيشي وبدأت الخطوة الأولى لهذا التحسين من خلال زيادة الرواتب بنسبة ٢٠٠ بالمئة ما يساهم بتمكين القدرة الشرائية.
الحكومة شددت في الوقت ذاته على منع رفع أسعار السلع والحفاظ على استقرار سعر الصرف، ما يجعلنا نستبشر خيراً أن الزيادة ستساهم في التعافي الاقتصادي والانتعاش المعيشي إلى حد معين، وقد يعقب هذه الزيادة زيادات لاحقة حتى تصل الزيادة إلى 400 بالمئة كما وعدت الحكومة الجديدة، وهذا ما أكده وزير المالية في غالبية تصريحاته مؤخراً، ونقول لقد بقينا أكثر من عقد ونيف ونحن نطالب بوضع الصفر الحكومي على الرواتب وجاء من استجاب لمطالبنا بتحسين معيشة السوريين ومن راتبه 400 ألف سيصبح مليوناً و200 ألف، وفي زيادة أخرى سيتضاعف المبلغ، وأيضاً في زيادات لاحقة سيتضاعف، ما يساهم بتحقيق أمنيتنا بوضع الصفر الحكومي على الرواتب، لكن لا بدّ من كبح المتلاعبين بالأسعار والمضاربين بسعر الصرف وبذلك سنرى كل الخير والمنعكس الإيجابي على المعيشة.