الثورة – همسة زغيب:
“رامبرانت النّور الذي فضح الظلّ”.. هي أكثر من عنوان ندوة تحكي عن فنان يُعد من عظماء فن الرسم الغربي، قدمها الأب “أوليفر بورغ” في نادي ألبيرتو للفنّ أمس، فتساءلنا معه لاستكشاف كيف حاور الرسام الهولندي أدواته للغوص في أعماق النفس البشريّة؟!.
أوضح الأب أوليفر خلال محاضرته أن أعمال رامبرانت تفحص الجراح تحت المجهر، ويحتضن الأب النّدم، والملاك يتردّد قبل أن يهوي، والليل لا يخلو من الحرّاس، وكيف اختار رامبرانت أن يفضح الخفيّ في زمن كانت فيه الرّيشة تمجّد الظاهر من خلال أربع لوحات تم عرضها وأربع محطّات تكشف عبقريّة فنّان جعل من الظلام مساحة للتأمّل.
أنجزَ رامبرانت نحو سبعين رسمة ولوحة لشخصه، سجل فيها مراحل حياته “شبابه، ونضجه، وشيخوخته” بكل دقة، موضحاً حركة الزمن الثقيلة فوق ملامح وجهه وانعكاساتها على داخله، وهذا ما تميّز به رامبرانت عن غيره من الفنانين.
ولفت بورغ إلى أن رامبرانت كان فناناً مبدعاً، ويُعتبر إلى اليوم من قمم الفن العالمي الرفيعة والمتفردة، كما نمت موهبته في الرسم وتبلورت مبكراً، وعدد أعماله الفنيّة خلال حياته لم تتجاوز ثلاثمئة لوحة ورسمة وجميعها بمستوى فنيّ عالي بامتياز.
كما أكّد بورغ أن الفنان الهولندي رامبرانت يُعدُ من أبرز فناني العصر الباروكي، وقد تأثرت أعماله بالعديد من خصائص هذا التيّار الفني، لافتاً أن الباروك يشتهر بالدراما والعاطفة والتفاصيل الدقيقة واستخدام الضوء والظل “كلاروسكورو” لخلق تأثيرات بصريّة قوية تجسّدت في لوحاته وخاصةً من خلال بالضوء والظل، فقد وظفه ببراعة في لوحاته، مسقطاً إياه على ملامح وجوه شخوصه واستخدمهما لخلق تأثيرات فنيّة دراميّة ومميّزة.
وقد عُرف استخدامه للضوء والظل لتسليط الضوء على مناطق معيّنة في اللوحة وإخفاء مناطق أخرى في الظّل، ما يخلق جواً من الغموض والدراما لإبراز المشاعر على وجوه الشخصيّات وتعبيراتهم، بالإضافة إلى اهتمامه بالتفاصيل الدقيقة في التعبير عن ملامح الشخصيّات والملابس، مما يجعل اللوحات أكثر حيويّة وتأثيراً، فخلق بذلك اتجاهاً فنيّاً جديداً ارتبط به وخلّده، مما جعل منه أهم رسّام وجوه في العالم، ولاسيّما وجهه الذي رسمهُ في عددٍ كبيرٍ من أعمالهِ.