الثقافة المغيّبة في وسائل التواصل..  كاتبات لـ” الثورة” :الاختباء وراء الشاشات يزيد الصراع الثقافي   

الثورة – رانيا حكمت صقر:   

وسائل التواصل الاجتماعي سلاحٌ ذو حدين، فهي تُيسّر التلاقي والتواصل والتبادل الثقافي بين الناس حول العالم، لكنها كذلك يمكن أن تؤدي إلى المساس بالخصوصية، وتآكل القيم التقليدية، وتسريع تغيرات لغوية قد تشكّل تحدياً للحفاظ على اللغة الفصحى.

تأثيرها على اللهجات واللهجة البيضاء “العامية” واضح في انتشارها وتطورها، لكن التأثيرات على اللغة العربية الفصحى حقيقيّة كذلك، خاصة في التعليم والمجالات الرسمية، وهذا يدعو إلى موازنة واعية بين المرونة التي تقدمها العامية وأهمية الحفاظ على هوية لغتنا العربية الجميلة والفصيحة.

فمن التحديات المهمة هو توعية المستخدمين حول الاستخدام المسؤول، وتشجيع المحتوى الثقافي الأصيل، وكذلك تعزيز حوار ثقافي ينظم بشكل صحي يدعم التفاهم والاحترام المتبادل.

محتوى يصنعه الواقع

الكاتبة رؤى جوني أبدت رأيها لـ”الثورة” قائلة: من الواضح أن هذه التكنولوجيا تحمل في طياتها تأثيرات مزدوجة، فمن جهة توفر مصادراً متجددة للترفيه والتواصل، ومن جهة أخرى تثير مخاوف حقيقية من إدمان وتدهور القيم الاجتماعية، وأحياناً صحية وتعليمية، مع ذلك، لا يمكن تجاهل أن وسائل التواصل والألعاب الإلكترونية تشكل جزءاً لا يتجزأ من الواقع الثقافي للشباب، ويمكن توظيفها بشكل إيجابي إذا تم تنظيمها وإدارتها بحكمة.

فعلاً، “الذعر الأخلاقي” تجاه هذه الأدوات قد يؤدي إلى تعميمات لا تعكس الواقع بشكل دقيق، ومن المهم تمييز الاستخدامات المفيدة من الاستخدامات الضارة.. في الوقت نفسه، يجب أن تكون هناك سياسات واضحة ورقابة جيدة للحد من المحتوى العدواني أو المنحرف.

استخدام التكنولوجيا أصبح أمراً لا مفرّ منه في عصرنا الحديث، لكن الأمر يتطلب وعياً عميقاً، خاصة فيما يتعلق بأطفالنا الذين هم أكثر عرضة لتأثيرات هذه الوسائل.

فتح آفاق وبناء مهارات

كما أشارت جوني إلى أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة فعالة لبناء مهارات العلم والتعلم، فهناك تطبيقات طبية وتعليمية متقدمة تساعد في تحسين حياة الناس بشكل كبير، وفي نفس الوقت، لا يمكن إنكار أن هناك جانباً سلبياً يشمل هدر الوقت ونشر محتوى سطحي في بعض الأحيان.

على المستوى الثقافي، من الرائع وجود منصات تشجع على القراءة الإلكترونية وتوفير المحتوى العلمي المتنوع، وهو ما يفتح آفاقاً أوسع للمعرفة، خاصة في الأماكن التي تعاني من قلة الإمكانيات لشراء الكتب الورقية.

أما فكرة الدفن المادي والمعنوي للكتاب، فهي تصوّر واقعاً مهماً حيث تتغير طرق الحصول على المعرفة، لكن يبقى الجوهر هو الأهم: الاستفادة الحقيقية ومحاكمة العقل.

ختام القول: يظل وعينا وثقافتنا وعقلنا هو العامل الحاسم في كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا والاستفادة منها دون أن تُهيمن علينا سلباً، وهذا يستدعي منا جميعاً التعلم المستمر والتوعية، خاصةً على مستوى الأسرة والمجتمع.

احتضان إلكتروني

من جهة أخرى ترى الكاتبة مها قباني في الزمن الماضي قبل ثورة “السوشيال ميديا”، كنا نتواصل مع أحبائنا وجهاً لوجه ونظرة لنظرة وقلب مع قلب.. لذلك كان الحب يملأ القلوب والبيوت، كلّ أفراد الأسرة يجلسون معاً يتسامرون يضحكون، والكبار يقرؤون الصحف أو الكتب، أول خسارة هي علاقتنا بالورق ورائحة الورق والشجر والسرو والثروة العاطفية.

تطورت الحياة والتكنولوجيا دخلت كل مفاصل الحياة، كان حضورها صدمة اجتماعية قلبت كل الموازين.. إن شبكات التواصل الاجتماعي لها فوائد جمة، منها مدّ جسور التعارف بين الناس في كل أنحاء العالم، بحيث أصبح العالم قرية صغيرة يصل أي خبر إلى الكرة الأرضية خلال خمس دقائق، وقد نشأت علاقات قوية بين الناس الذين يحملون نفس الأفكار ويتقاطعون مثلاً في نفس المواهب.

ثانياً: أتاحت الشبكة المعلومات والمعرفة والنظريات الطبية والعلمية لكل البشر.

ثالثاً: ساهمت بانتشار الأعمال الفنية والأدبية والثقافية.. ناهيك عن تسليط الضوء على شخصيات نُسيت مع مرور الأيام.

قانون كمّ الأفواه

لا يمكننا إنكار سلبيات “السوشيال ميديا” فهي كثيرة جداً، أولها انعدام ثقافة الحوار- وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدلّ على سوء التنشئة وممارسة قانون كمّ الأفواه أمام الأبوين، يعني لا مجال لحرية التعبير.. هذا الكبت دفع الأجيال، أجيال الانترنت أن تسقط كل غضبها على المختلفين عنهم في كل المجالات، وقد ساعد الاختباء وراء الشاشات واستعمال الأسماء الوهمية إلى ازدياد حدة الصراع الاجتماعي.

من المؤسف أننا لا نقرأ منشوراً واحداً لإحداهن أو أحدهم يحمل موضوعاً جاداً بل كله سخافة، لقد تمّ تسطيح العقول عند الناس المستعدة للتسطيح 75 بالمئة من هذا الجيل جيل الانترنت مفرغ من القيم.

أما من ناحية اللغة، فلا يمكننا نكران دور العولمة في كل العالم، أصبح العالم بأسره يميل للغة البسيطة السهلة المفهومة، ومثال على ذلك “همنغوي” الكاتب الأميركي الحائز على عدة جوائز عالمية، كتب بأسهل لغة وأقصر جمل، لكنه كثّف الفكرة وعظم شأن العاطفة فيها.

بالنسبة للغة العربية فهي تاريخياً الأصل، وهناك تداول كبير بين العامية والفصحى، وهذا يعود لزمن الأوغاريتيين ولغتهم وتوءمتها مع العربية.

أما الثقافة المغيّبة في وسائل التواصل هي ثقافة الانفتاح، انفتاح على الآخر، تغييب الحقائق التاريخية وإخفاء أسباب مشكلاتنا الاجتماعية.

في النهاية المحافظة على التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا وحماية القيم والهوية الثقافية واللغوية مسؤولية فردية ومجتمعية.

آخر الأخبار
وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات إجراءات لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في بلدة حلا مفاعيل قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة على سوق البيع باللاذقية  الاستثمار في الشركات الناشئة بشروط جاذبة للمستثمر المحلي والدولي  سوريا.. هوية جديدة تعكس قيمها وغناها التاريخي والحضاري الهوية البصرية للدولة.. وجه الوطن الذي نراه ونحسّه  تطبيق "شام كاش" يحذر مستخدميه من الشائعات تأهيل مدرسة "يحيى الغنطاوي" في حي بابا عمرو أهال من جبلة لـ"الثورة": افتتاح المجمع الحكومي عودة مبشرة لشريان الخدمات فتح باب الاكتتاب على مقاسم جديدة في حسياء الصناعية