الثورة – إخلاص علي:
أضرار كبيرة جداً ألحقتها حرائق الساحل بالغطاء النباتي وسيطال تأثيرها مناحيا شتى من الاقتصاد السوري، إذ تشكل هذه الغابات إضافة لدورها البيئي والمناخي مورداً هاماً للاقتصاد الوطني، ولاسيما للصناعات الطبية والغذائية والزيوت.
العسل أحد المنتجات الهامة التي ستتضرّر بشكل كبير بهذه الحرائق، إذ تنتج المنطقة المحروقة كميات كبيرة، وبأجود الأنواع التي تساهم في الصناعات الدوائية والغذائية.
قتل للحياة
في هذا السياق يؤكد الدكتور في كلية الزراعة بجامعة دمشق قسم علوم البستنة إبراهيم الحداد أن الغطاء النباتي تأثر بشكل كبير نتيجة الظروف المناخية وعدم سقوط الأمطار هذا العام، ولكن هذا الأمر من الممكن أن نتعافى منه العام القادم في حال كان موسم الأمطار جيداً، أما بالنسبة للحرائق، فالموضوع كارثي ومخيف لأن التربة والمواد المعدنية الموجودة فيها احترقت بالكامل، وهذا له انعكاس سلبي على مدى سنوات فالأشجار التي أصيبت تحتاج إلى ٥ سنوات على الأقل حتى تتعافى في حال كانت الظروف المناخية جيدة، أما الاشجار التي احترقت فتحتاج لأضعاف عمرها حتى تنمو من جديد بسبب تغير المناخ والظروف البيئية.
وتابع الحداد خلال حديثه لـ”الثورة”: الحرق الكامل لكل ما هو على سطح الأرض يعني قتلاً للحياة وهذا يجهله الكثيرون، ففي السابق كنا نلاحظ حرق بعض الفلاحين لباقي حصاد المحاصيل الحقلية كالقمح والشعير ليتخلصوا منه، وقد تم التصدي من قبل وزارة الزراعة لهذه الظاهرة.
قلق على طوائف النحل وحول انعكاس الحرائق على إنتاج العسل في المنطقة الجبلية التي تعرّضت للحرائق، قال الحداد: المنطقة المحروقة تُعتبر من أفضل المناطق لإنتاج العسل الجبلي المعروف بقيمته الغذائية المتميزة وخاصة لأمراض الربو.
مضيفاً: إن هنالك تخوّفاً من أن تكون طوائف النحل قد تضرّرت بشكل كامل جرّاء الحرائق، لأن في ذلك انعكاساً سلبياً على الحياة البشرية، باعتبار أن النحل أداة التلقيح الحقيقية للأشجار المثمرة بشكل عام، وهذا سيؤثر على معيشة الناس في المنطقة وسينعكس على الصناعات الدوائية والغذائية التي تستخدم العسل ومنتجات النحل، كما لا يمكن أن نتجاهل ذلك على صناعة الزيوت، ولاسيما زيت الغار الذي يستخدم في صناعة المنظفات وأوراق الغار التي تستخدم في المطبخ السوري، إضافة لآلاف النباتات العشبية والطبية.
وأضاف الحداد: خسرنا بهذه الحرائق تنوعاً بيئياً كبيراً لا يمكن أن تجده في مناطق أخرى، لأن ذلك يرتبط بنوعية الأشجار وعمرها وكثافتها وارتفاعها والمناخ السائد من رطوبة وأمطار ورياح وأشعة الشمس.
ومع طول أمد الحريق بدأت تظهر الآثار الكارثية لحرائق الساحل، أما الانعكاس الاقتصادي والبيئي والمناخي فسيظهر تباعاً مع الزمن وعلى الجهات المعنية والعلمية أن تبدأ بحصر الأضرار والآثار السلبية لوضع الخطط لإعادة ترميم ما يمكن ترميمه، فالكارثة ليست على مستوى الساحل ولا على مستوى سوريا فقط بل تمتد إلى كل المنطقة.