الثورة – ميساء السليمان:
في جنوب بلدة يلدا بريف دمشق، يقبع حي السليخة في ظل واقع مأساوي، بعد أن طاله الدمار خلال سنوات الحرب التي شنها النظام المخلوع، من دون أن تُفلح مناشدات ومطالب قاطنيه في إعادة الحياة إليه، أو حتى الاعتراف به إدارياً ضمن المخطط التنظيمي, حيٌّ شبه مسكون، وسط صمت الجهات المعنية في تخديمه بكافة المرافق.
خدمات غائبة..
الحي يخلو من أي طريق معبّد حديثاً، شوارعه ترابية، مليئة بالحفر، وتفتقر إلى الإنارة، ما يجعل الحركة داخله شديدة الصعوبة، خصوصاً في الليل، من دون تنفّيذ أي ترميم أو تعبيد، وهو ما يجعل أي تدخل خدمي أمراً معلقاً. ويعاني الحي من أعطال كهربائية متكررة وانقطاعات غير منتظمة، تتجاوز حتى حدود التقنين الرسمي، والبنية الكهربائية متهالكة، واستطاعة المحولة محدودة، لا تتناسب مع عدد الأهالي الذين ما زالوا يقيمون في بعض الأبنية. حتى أن شبكة المياه لا تغطي الاحتياجات, وتوزيعها غير منتظم وضعيف من حيث الضغط، ويضطر سكان الحي للاعتماد على المضخات التي تحتاج بدورها إلى كهرباء مستقرة، فيما شبكة الصرف الصحي تعاني من انسدادات متكررة، ما يؤدي إلى فيضان المجاري، وانتشار الروائح الكريهة. وتغيب الرقابة على شركة النظافة، ما يجعل جمع وترحيل القمامة مؤجلاً حتى إشعار آخر، فيما تنتشر الكلاب الشاردة بشكل مقلق، خاصة فترة الليل أثناء انعدام الإنارة، ما يُشكّل خطراً على الأطفال والمارة. ويعبّر سكان الحي عن استيائهم من الواقع الخدمي المزري، ويتحدثون عن وعود متكررة من الجهات المعنية من دون تنفيذ.. ويُجمعون على مطلب أساسي: أن يُدرج الحي ضمن المخطط التنظيمي، وأن تُنفّذ وعود إعادة الإعمار التي قُدّمت منذ سنوات.. محمد إبراهيم، أحد سكان الحي يقول لـ”الثورة”: “الشوارع والحارات في حي السليخة بلا تعبيد أو صيانة، وكل يوم نسمع وعوداً من بلدية يلدا، لكن على الأرض لا شيء يذكر.”أما أم محمد، وهي ربة منزل، فقد قالت إن التقنين المجحف للكهرباء صار شيئاً عادياً، لكن المشكلة بالقطع المفاجئ فترة التغذية، ما يعرض الأجهزة الكهربائية لدينا للأعطال، فإلى متى سنبقى على هذه الحال؟.. سؤال برسم من يهمه الأمر من أصحاب الشأن في محافظة ريف دمشق.
توضيح الكهرباء والبلدية
في اتصال هاتفي أجرته صحيفة الثورة مع رئيس قسم كهرباء السيدة زينب، المهندس باسل عمر حول واقع الكهرباء في حي السليخة، أكد أن القسم على استعداد لتبديل المحولة الكهربائية الحالية، ولكن ذلك يتطلب أولاً رفع كتاب رسمي من مجلس البلدية بعد إجراء إحصاء دقيق لعدد السكان، وإذا تجاوز عدد المنازل المأهولة أربعين منزلاً، سنقوم باستبدال المحولة بأخرى أكبر استطاعة. أما رئيس بلدية يلدا، منير المصري، فأوضح أنه تم رفع مشروع إلى محافظة ريف دمشق يتضمن إعادة إعمار حي السليخة وتوسيعه تنظيمياً، لكن الحي لا يزال خارج المخطط التنظيمي، ما يُصعّب تنفيذ أي خدمة بشكل رسمي. وأضاف: فيما يخص الكهرباء، لدينا محولة بقدرة 650 ك.ف.أ، وقد وجّهنا رئيس قسم الطوارئ لرفع كتاب بإضافة محولة جديدة.. وبالنسبة للمياه، فهي مرتبطة بتحسن الكهرباء، أما الصرف الصحي، فقد بذلنا جهوداً كبيرة لتسليك الخطوط، واستبدال وتأهيل الشبكة التي يحتاج إلى اعتمادات مالية غير متوفرة حالياً. وحول موضوع النظافة، قال المصري:”الترحيل يتم كل يومين، وفي اليوم الثالث تتم عمليات النقل، ونعمل على تحسين المتابعة والإشراف على شركة النظافة”.
نداء من يسمعه..
قاطنو حي السليخة لا يطالبون بالمستحيل؛ فقط أن يشملهم مستقبلاً المخطط التنظيمي، وأن تُنفّذ وعود إعادة الإعمار المؤجلة، فالحي مدمّر بنسبة تقارب 95 بالمئة، لكنّه لا يزال نابضاً بمن تبقى من أهله، منتظراً قراراً يعيد له الحياة. والحيّ ليس مجرد مساحة مدمّرة على أطراف يلدا، بل هو شاهد على معاناة مستمرة لأهالٍ لم يفقدوا حقهم في الحياة الكريمة، بين الطرقات المحفرة، والظلام، وانقطاع الكهرباء والمياه. ولسكان الحي مطلب ملح أن يُنظر إليهم بعين الجدية، وأن يتحوّل الانتظار الطويل إلى خطوات فعلية تُعيد لهم خدمات أفضل طال تنفيذها.