أطباء سوريون.. من التهجير إلى النجاح النقابة: تسهيلات إدارية ومالية لدعمهم

الثورة – علا محمد:

وسط غبار الحرب وصوت الطائرات التي لا ترحم، نشأت حكاياتٌ لا تشبه سواها، قصصٌ لأطباء هجرتهم الظروف الأمنية وحرمتهم من أبسط حقوقهم العلمية، لكنهم لم يستسلموا بل صنعوا من محنتهم فرصة، وعاشوا التجربة الأصعب فخرجوا منها أنقى وأصلب.

اليوم، ومع تغيرات واضحة في قوانين نقابة الأطباء وتعاون غير مسبوق من الجهات المعنية، بدأت رحلة العودة لهؤلاء الأطباء، لا لحياتهم فحسب بل إلى مكانهم الطبيعي في المجتمع الطبي، حاملين معهم تجارب استثنائية قد تغير وجهة القطاع الصحي في سوريا.

غادرنا قسراً.. وعدنا اختياراً

تركت دمشق عام 2017 بسبب ظروف أمنية، وعدم رغبتي بالانضمام للجيش البائد، بعد أن حُرمت من الحصول على تأجيل دراسي رغم أنني كنت طبيباً مقيماً باختصاص زرع كلية.. بهذه الكلمات يفتتح الدكتور ماجد العجيل لـ “الثورة” حكايته التي لا تُشبه إلا سوريا.
زوجته، الدكتورة رفيف السرماني، لم يكن حظّها أفضل، فقد كانت على مشارف مناقشة رسالة الماجستير، لكن الظروف الأمنية منعتها من إتمام هذا الإنجاز.
الوجهة كانت إدلب، وهناك، لم يكن الاستقرار موجوداً، بل كان القصف والانتقال الدائم، فانتقلا من خان شيخون إلى المناطق الشمالية الحدودية، هرباً من الموت، ورغم القسوة نهض الطبيب وزوجته، واشتركا في تأسيس أول مركز طفل أنبوب في الشمال السوري، ليحولا الألم إلى أمل، والنزوح إلى إنجاز.

تحديات وصلت حد المغامرة

لكن التحديات لم تكن في الماضي فقط، يقول د.ماجد: أهم تحدٍ واجهنا، هو كيفية حصول زوجتي على شهادة الاختصاص ومناقشة رسالة الماجستير بعد سنتين من تخرجها، ففي عام 2019، اتخذت د. رفيف القرار الجريء بالسفر إلى دمشق، رغم المعارك، بطريق محفوفٍ بالمخاطر، استغرق يومين، فقط لتُناقش رسالتها وتعود بعدها مباشرة إلى إدلب، رحلة بمثابة مغامرة علمية وإنسانية نادرة، تُسطّر بماء الذهب في سجل الأطباء السوريين الذين يصرّون على الحياة مهما كانت التكلفة.
التحدي الثاني، كان وضع الأطفال تحت قصف الطيران، يضيف د.ماجد في إشارة إلى الحياة التي لا تعرف الاستقرار، ومع ذلك، اختار أن يخصص وقته بالكامل من عام 2017 للعمل في مجال العقم وأطفال الأنابيب، لحاجة الشمال السوري الماسة لهذا التخصص، ومع وجود مركز “سرمدا”، يواصل الطبيب ماجد معالجة المرضى، وتعمل زوجته إلى جانبه، وهناك فكرة لإنشاء فرع ثانٍ في دمشق، وكذلك مخبر متطور بإدارة د. رفيف.
ورغم أنهما لم يستقرا بعد في العاصمة دمشق، إلا أنهما أعادا الانتساب إلى نقابة الأطباء فيها، تخطيطاً لمرحلة جديدة من العمل في الداخل، “عودتنا للانتساب للنقابة كانت مفرحة، فالتعاون ممتاز، وتسهيلات النقابة لم تكن موجودة سابقاً”، قالها الطبيب العجيل بثقة، متابعاً: تجربة إدلب الطبية كانت رائعة، فالعمل تحت الظروف الصعبة يزيد الخبرات، فقد جعلنا قادرين على مواجهة أقسى الظروف والتغلب على أكبر العقبات، ونحن على ثقة أن الأطباء الذين خاضوا تجارب النفي والنضال قادرون على بناء نظام صحي يضاهي الأنظمة العالمية.

عودة الأطباء ليست أمنية.. بل سياسة وطنية

يؤكد نقيب أطباء سوريا الدكتور مالك العطوي، في تصريح خاص لصحيفة الثورة أن النقابة اتخذت جملة من الإجراءات الاستثنائية لتسهيل عودة الأطباء السوريين، وخاصة من غادروا البلاد خلال سنوات الحرب، مصرحاً بأن عدد الأطباء العائدين إلى سوريا من بعد التحرير قد تجاوز الـ 1000 طبيب حتى الآن.
ويقول العطوي: في السابق كان هناك تعقيدات كثيرة، أصعبها الموافقات الأمنية، أما اليوم، فقد تجاوزنا هذا الروتين، ولم يعد الطبيب بحاجة للحضور شخصياً، بل يمكنه إرسال من ينوب عنه، عدا عن ذلك، أعدنا الأطباء دون تحميلهم أي غرامات بسبب التأخير.
ويوضح العطوي أن التسهيلات تشمل الجوانب الإدارية والمالية، بالتنسيق مع وزارة الصحة، لتسهيل اندماج الأطباء العائدين في المستشفيات والقطاع الطبي عموماً، وشملت هذه التسهيلات كذلك الأطباء العائدين من الخارج أو من مناطق الشمال السوري.

اختصاصات دقيقة وخبرات ميدانية

وبين العطوي أن الكثير من هؤلاء الأطباء التحقوا بالمستشفيات وشاركوا في ورشات طبية وعمليات جراحية، فيما حصل آخرون على دعم لافتتاح مراكز طبية وعيادات خاصة.

ولدى سؤالنا عن ما إذا كان هناك معوقات ما زالت قائمة؟ > Lama: أجاب العطوي: النقابة لا تضع العراقيل، لكن بعض الإجراءات تتعلق بوزارتي الصحة والتعليم العالي، كالحاجة لتعديل الشهادات أو الحصول على تراخيص جديدة، ونعمل لتسهيل ذلك قدر الإمكان”، وبحسب العطوي فإن المستوى العلمي للأطباء العائدين متنوع، لكنه يشير إلى وجود اختصاصات دقيقة ونادرة، خاصةً الأطباء القادمين من أمريكا وأوروبا، أما بالنسبة للأطباء العائدين من إدلب، فيملكون خبرات عملية ميدانية عالية جداً، خاصةً في الجراحة، نتيجة عملهم تحت ضغط الحرب، ما أكسبهم تجارب لا تُقدّر بثمن.

آخر الأخبار
رؤوس مقطوعة وبطون معقورة وأطفال ذبحوا من الوريد  مليشيات الهجري ترتكب أبشع المجازر بحق بدو السويداء "صندوق التنمية".. ذراع تمويلية استراتيجية لإعادة بناء سوريا سوريا مُوحَْدة بقيادتها وجيشها وشعبها.. ارتياح كبير عكسه خطاب الرئيس الشرع لدى مواطني طرطوس أهالٍ من درعا ينددون بالعدوان الإسرائيلي تحسين التيار الكهربائي بريف حمص توازن في أسئلة "الانكليزية ".. وتفاوت في  آراء الطلاب مجموعات خارجة عن القانون ترتكب مجازر بحق المدنيين وأبناء العشائر بريف السويداء صالات السورية للتجارة بطريقها إلى الاستثمار في اللاذقية تزويد مستشفى الجولان بمواد طبية إسعافية عصية على الانكسار أنقرة وموسكو: الغارات الإسرائيلية على سوريا انتهاك يستهدف استقرار المنطقة معارض متكررة بلا إضافة .. هل تلبي المهرجانات طموحات المستهلكين بحلب.. ؟ استجابة لما نشرته "الثورة".. ضبط تعرفة النقل في حلب فرنسا : ندعم وحدة وسيادة سوريا " الجامعة المنتجة " بحلب .. شراكات فاعلة بين المؤسسات الأكاديمية والاقتصادية معسكرات تدريبية بين الصحة وجامعة حلب للمعهد الطبي اهتمام بالجودة والإنتاجية.. جني محصول البطاطا الإكثارية بريف حلب إدخال بيانات نتائج التعليم الأساسي في حلب الأطفال السوريون العائدون.. ومعضلة الاندماج الصامتة الابتزاز الرقمي عبر وسائل التواصل.. حين تتحول الصورة إلى سلاح