سوريا بحاجة إلى التعافي لمواجهة موجة التحريض

الثورة – لينا شلهوب:
شهدت منصات التواصل الاجتماعي، خلال الفترة من 13 إلى 16 تموز 2025، وتحديداً “تويتر (X)”، انفجاراً غير مسبوق في خطابات الكراهية ذات الطابع الطائفي، إذ تم رصد أكثر من 400 ألف تغريدة تنطوي على تحريض وانقسام، الأدهى أن قرابة 100 ألف منشور من هذه التغريدات صدرت عن حسابات وهمية يُرجّح أنها تدار من خارج سوريا، وبشكل خاص من لبنان والعراق وحتى “إسرائيل”، بهدف بث الفتنة واستهداف النسيج السوري المتنوع.

هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات رقمية عابرة، بل جرس إنذار حقيقي يفرض علينا جميعاً، أفراداً ومؤسسات، أن نعيد التفكير في الطريقة التي نتعامل بها مع العالم الرقمي، وكيف يمكن أن تتحول الشاشات الصغيرة إلى أدوات خطيرة تهدد استقرار الشعوب إذا ما أسيء استخدامها أو توجيهها.

ليست ساحة للصراع

منذ عقود، شكّلت سوريا فسيفساء فريدة من المكونات، وكان التعايش التاريخي بين مختلف أطياف المجتمع أحد أهم عوامل قوة هذا البلد، ورغم ما مرت به سوريا من أزمات وحروب، فإن اللُّحمة الاجتماعية لم تتفكك بالكامل، بل بقي هناك متسع من الأمل والالتئام.

اليوم، نجد أنفسنا أمام محاولة متعمدة لتفكيك ما تبقى من هذا التماسك، عبر ضخ آلاف الرسائل المسمومة التي تستهدف الأقليات، وتضخّم الأحداث، وتزرع الشك والكراهية بين الناس، وهنا لا بد من التمييز بين “حرية التعبير” و”التحريض على الكراهية”، فالأولى حق مشروع ومطلوب، بينما الثانية جريمة أخلاقية ووطنية، لا يمكن التساهل معها تحت أي ذريعة.

علينا أن نسأل: من المستفيد من إغراق المجتمع السوري في صراع.. من له مصلحة في دفع السوريين إلى التناحر الداخلي عوضاً عن إعادة الإعمار والمصالحة الوطنية؟.

التحليل الرقمي يشير بوضوح إلى أن جزءاً كبيراً من هذا التحريض لا ينطلق من الداخل السوري، بل من حسابات منسقة تعمل من الخارج، تدار عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي أو من قِبل أفراد مدربين، بهدف خلق ردود فعل غاضبة، تؤدي بدورها إلى توترات على الأرض، إنها حرب معلوماتية باردة، لكنها لا تقل فتكاً عن السلاح التقليدي.

مسؤولية الجميع

إن مقاومة هذه الحرب لا تكون بالصمت أو التواطؤ، بل بالوعي والمبادرة، يجب أن نكون جميعاً خط الدفاع الأول عن وحدة بلدنا، من خلال: عدم إعادة نشر أو التفاعل مع الخطابات الطائفية، مع العمل على فضح الحسابات المجهولة والمشبوهة، التي تروّج للانقسام، وتحرّض على كراهية فئة بعينها، بالإضافة إلى السعي للتأكيد على الخطاب الوطني الجامع، وتذكير الناس دوماً أن السوري، أياً كان دينه أو مذهبه، هو شريك في الهم والمستقبل.

والأهم، بذل الجهود المضنية للضغط على المنصات الرقمية الكبرى، من أجل اتخاذ إجراءات بحق الحسابات التي تنتهك معايير خطاب الكراهية، والتعاون مع المجتمع المدني المحلي في رصدها.

سوريا اليوم لا تحتمل مزيداً من الحروب، وما لم نتحرك جميعاً لمواجهة هذا السيل من التحريض والكراهية، فإننا نخاطر بجرّ الأجيال القادمة إلى هوة أعمق من تلك التي ما زلنا نحاول الخروج منها، فالوطن ليس طائفة، وليس ديناً، وليس حزباً، الوطن هو الجميع، وحمايته مسؤولية الجميع، لأننا إخوة بالإنسانية وبالوطن، نحن أبناء سوريا الأبيّة، وما من سبيل للخلاص إلا بالتعالي على الجراح، والتمسّك بالقيم التي تجمعنا، لا بالخلافات التي تفرّقنا.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع إلى البرازيل.. فهم عميق للعبة التوازنات والتحالفات      هل يشهد سوق دمشق للأوراق المالية تحولاً جذرياً؟  لحظة تاريخية لإعادة بناء الوطن  وزير الاقتصاد يبحث مع نظيره العماني تعزيز التعاون المستشار الألماني يدعو لإعادة اللاجئين السوريين.. تحول في الخطاب أم مناورة انتخابية؟ صناعة النسيج تواجه الانكماش.. ارتفاع التكاليف والمصري منافس على الأرض القهوة وراء كل خبر.. لماذا يعتمد الصحفيون على الكافيين؟ إعادة التغذية الكهربائية لمحطة باب النيرب بحلب منظمة "يداً بيد" تدعم مستشفى إزرع بمستلزمات طبية إعادة الإعمار والرقابة وجهان لضرورة واحدة حملة لإزالة الإشغالات في أسواق الحميدية ومدحت باشا والبزورية محافظ درعا يبحث مع السفير الإيطالي الاحتياجات الخدمية والتنموية من الدمار إلى الإعمار... القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار الموارد البشرية المؤهلة … مفتاح التغيير المؤسسي وإعادة البناء بدء مشروع تخطيط طريق حلب – غازي عنتاب كيف فرضت "البالة" نفسها على جيوب الحلبيين؟ سوريا تؤكد أمام اليونسكو التزامها بالتحديث التربوي الأمم المتحدة: بدء مرحلة ميدانية جديدة في سوريا للبحث عن المفقودين بعد سقوط النظام انتهاكات إسرائيلية ضد المدنيين وعمليات توغل هستيرية الشهر المنصرم صدام الحمود: زيارة الشرع لواشنطن تعيد سوريا إلى واجهة الاهتمام الدولي