الثورة:
وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 558 شخصاً في محافظة السويداء، بينهم 17 سيدة – إحداهن قضت بأزمة قلبية بعد تلقي نبأ وفاة حفيدها – و11 طفلاً، بالإضافة إلى 6 من العاملين في الكوادر الطبية بينهم ثلاث سيدات، واثنين من الطواقم الإعلامية، وذلك خلال الفترة الممتدة من 13 تموز/يوليو 2025 وحتى تاريخ صدور البيان.
وأشارت الشبكة إلى أن هذه الحصيلة أولية وتخضع للتحديث المستمر بناءً على المعلومات التي يجري التحقق منها.
كما رصدت الشبكة إصابة أكثر من 783 شخصاً بجروح متفاوتة الخطورة، في سياق تصعيد غير مسبوق للعنف في المحافظة، شمل اشتباكات دامية، وقصفاً متبادلاً بين الأطراف المتنازعة، إلى جانب هجمات جوية شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من المدينة.
وبيّنت الشبكة أن الضحايا شملوا مدنيين من مختلف الفئات، إلى جانب مقاتلين من مجموعات مسلّحة عشائرية تنتمي للبدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء السويداء، فضلاً عن عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية السورية.
وأكدت أن الجهود لا تزال جارية لتحديد صفة كل ضحية بشكل دقيق، وتصنيف الانتهاكات وفقاً للجهة المسؤولة عنها.
وفي إطار التزامها بمنهجها القائم على قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، أوضحت الشبكة أنها لا توثّق مقتل المسلحين من الفصائل الخارجة عن سيطرة الدولة إذا سقطوا خلال اشتباكات مباشرة، لكنها توثق أي حالة قتل تقع بعد إلقاء القبض، باعتبارها جريمة خارج إطار القانون.
وشدّدت الشبكة على أنها تتابع بشكل يومي تطورات الأوضاع الميدانية في السويداء، وتقوم بتوثيق الحوادث والانتهاكات استناداً إلى إفادات مباشرة وأدلة موثقة، بما يهدف إلى تحديد المسؤوليات القانونية، وتثبيت الوقائع ضمن سجل الانتهاكات الذي تديره منذ سنوات الحرب.
مطالبات بتحرك رسمي لوقف الانتهاكات وضمان حقوق الضحايا
وطالبت الشبكة بفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، وتسهيل تحرّك فرق الإنقاذ والدعم النفسي، لا سيما للأطفال والنساء، إضافة إلى فتح تحقيقات شفافة ومستقلة في جميع الانتهاكات المسجلة، بما يشمل القتل خارج القانون، والخطف، والاعتقال التعسفي، وذلك لضمان محاسبة المسؤولين وتعزيز ثقة المجتمع بمؤسسات العدالة.
كما شدّدت على ضرورة تحييد المنشآت المدنية الحساسة مثل المدارس والمستشفيات ودور العبادة، ومنع استخدامها لأغراض عسكرية، والتأكيد على احترام التزامات الدولة في إطار القانون الدولي، والعمل على تفعيل مبادرات الحوار الأهلي بالتعاون مع الوجهاء والزعامات المجتمعية والدينية بهدف تهدئة الأوضاع.
ودعت الشبكة إلى كبح الخطاب الطائفي والتحريضي في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وتشجيع ثقافة السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وضمان الشفافية في العمليات الأمنية مع إبلاغ السكان مسبقاً بأي خطوات تؤثر في حياتهم اليومية، وتوفير آليات تظلّم فعّالة.
وحثّت الشبكة على تمكين الإعلام المحلي من أداء دوره بمهنية وحيادية، دون التورط في تغطية منحازة تؤجّج النزاع، إلى جانب تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لأسر الضحايا، وتعويضهم مادياً ومعنوياً، ودمجهم في مسارات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
وشملت التوصيات أيضاً تفعيل حملات التوعية المجتمعية حول حقوق الإنسان وقيم المواطنة والتسامح، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، والاستفادة من الخبرات الوطنية والدولية في إدارة الأزمات، من خلال تطوير آليات استجابة سريعة ترتكز على الوقاية والحوار، بعيداً عن الحلول العسكرية وحدها، مع مراجعة مسار الانتقال السياسي وتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية لضمان التعددية.
مناشدة للأطراف المتنازعة بالالتزام بالقانون الدولي
وجّهت الشبكة نداءً إلى جميع الأطراف المحلية المنخرطة في النزاع في السويداء، بضرورة الالتزام الكامل بقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، والامتناع عن أي أعمال انتقامية أو استهداف للمدنيين أو المرافق العامة.
وطالبت بوقف فوري لاستخدام السلاح والالتزام بتهدئة شاملة، واعتماد الحوار سبيلاً لحل الخلافات، والعمل على تسهيل وصول المساعدات والطواقم الطبية للمناطق المتضررة.
كما دعت إلى تجنّب الانجرار وراء خطابات الثأر والتحريض، وحماية السكان المدنيين من تداعيات القتال، واحترام دور الوجهاء والقيادات المجتمعية في الوساطات، وتجنب تعطيل أي جهود للمصالحة.
وحذّرت الشبكة من خطورة الترويج للخطاب الطائفي والتحريضي عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، لما لذلك من أثر بالغ في توسيع دائرة العنف وتدمير السلم الأهلي.
دعوة لتحرّك فوري
وختمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها بالتأكيد على ضرورة تحرّك عاجل من الجهات الرسمية والمعنية بالملف السوري، لاحتواء الوضع المتأزم في السويداء، والحد من الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق المدنيين، والعمل على منع تكرار دوامات العنف التي أثقلت كاهل البلاد على مدى سنوات الحرب السابقة.