الثورة – جهاد اصطيف:
كثّفت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب جهودها الرقابية في مختلف مفاصل النشاط التجاري والصناعي، بهدف فرض معايير الجودة، وضمان سلامة المنتجات، وحماية حقوق المستهلك في سوق تتشابك فيها المصالح التجارية مع الضغوط المعيشية، وفي ظل تحديات اقتصادية مركبة تعيشها المحافظة.
تدقيق
في التفاصيل خلال جولة رقابية واسعة نفذت مؤخراً، استهدفت مديرية التجارة الداخلية عدداً من المعامل والمنشآت الصناعية في المدينة، للوقوف على مدى التزامها بالشروط الصحية والمعايير المهنية المعتمدة، حيث شملت الحملة التفتيش على مستوى النظافة العامة، وسلامة المواد الأولية، وآليات التخزين، إلى جانب التحقق من الشهادات الصحية للعاملين، والتزامهم بارتداء الألبسة الخاصة بالسلامة المهنية، بحسب بيان المديرية.
وفي حديث سابق، كان أوضح مدير التجارة الداخلية عادل حلاق أن هذه الجولات تأتي في إطار خطة رقابية شاملة، تستهدف ضبط المخالفات ومعالجة جوانب القصور في سلاسل الإنتاج والتوزيع.
الألبان والأجبان تحت المجهر
كان لمعامل الألبان والأجبان نصيب وافر من الرقابة، إذ نفذت المديرية جولات ميدانية مركزة للتحقق من مطابقة هذه المنتجات للمواصفات القياسية، مع التركيز على سلامة خطوط التصنيع، وفحص المواد الأولية، ومتابعة توفر التراخيص القانونية وبطاقات البيان الخاصة بكل منتج، ما يعزز ثقة المستهلك في هذه المواد الاستهلاكية الحساسة.
تشير بيانات مديرية التموين إلى تنظيم 1202 ضبط عدلي خلال النصف الأول من العام الحالي، توزعت على 344 ضبطاً لأفران، بسبب مخالفات تتعلق بالوزن والجودة والسعر، و228 ضبطاً في قطاع الأمبيرات “مولدات الكهرباء”، تتعلق بعدم الالتزام بالتسعيرة والجدولة، و630 ضبطاً في مجالات متنوعة، شملت: المواد التموينية، المحروقات، والأسواق الشعبية.
من جهة أخرى، استقبلت المديرية 531 شكوى من المواطنين بين كانون الأول 2024 ونهاية حزيران 2025، نفذ منها 362 شكوى، فيما لاتزال 169 شكوى قيد المعالجة، ما يعكس حجم التفاعل مع الشكاوى وآلية متابعتها.
تحاليل مخبرية ونتائج مقلقة
وكشفت نتائج 423 عينة غذائية واستهلاكية تم تحليلها في مخابر التموين، أن 233 عينة لم تطابق المواصفات، أي بنسبة تتجاوز 55 بالمئة من العينات، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول جودة المنتجات المعروضة في الأسواق، هذا الرقم، وإن عكس نشاطاً رقابياً عالي المستوى، لكنه يسلّط الضوء على ضعف الرقابة الداخلية لدى الشركات المنتجة، وضرورة رفع سوية المعايير التصنيعية.
وعلى مستوى دائرة الشركات، تم خلال الفترة ذاتها تسجيل 784 سجلاً تجارياً جديداً، بينها 660 سجلاً فردياً و124 شركة، مع إجراء تعديلات وشطب وتفعيل سجلات سابقة، وفي جانب الملكية التجارية، تم تسجيل 125 طلب علامة تجارية جديدة، وتجديد 18 علامة، ومعالجة 18 شكوى تقليد، وتنظيم 24 ضبطاً بحق المخالفين.
ثقة المستهلك بين الواقع والطموح
تشهد محافظة حلب تطوراً تدريجياً في الأداء الرقابي رغم الظروف الصعبة، وتسعى الجهات المعنية لتحقيق توازن دقيق بين حماية المستهلك من جهة، وضمان استمرار عجلة الإنتاج من جهة أخرى، لكن تزايد نسب العينات المخالفة ومئات الشكاوى المتراكمة، تكشف أن الطريق نحو سوق منضبطة وطعام آمن لايزال طويلاً، ويتطلب تضافر الجهود بين الجهات الحكومية، المنتجين، والمستهلكين أنفسهم، لبناء منظومة رقابية مستدامة.
لاشك أن الرقابة التموينية في حلب تتقدم بخطا ثابتة، مدفوعة بوعي متزايد لدى الجهات الرسمية بضرورة ضبط السوق ومواجهة الغش والتلاعب، إلا أن استمرار وجود كميات كبيرة من العينات المخالفة، وتراكم الشكاوى، يضع علامات استفهام حول فاعلية بعض الإجراءات وضرورة تفعيل الرقابة الذاتية لدى المنشآت الصناعية، لضمان بيئة صحية واقتصادية متوازنة على الدوام.