الثورة – سيرين المصطفى
يسعى الأهالي في مختلف أنحاء العالم إلى أن يكون أبناؤهم الأفضل من حيث التربية والتعليم والسلوك، ويبذلون في سبيل ذلك جهوداً كبيرة بمختلف الوسائل، إلا أن بعض الأساليب المتّبعة قد تأتي بنتائج عكسية، خاصة في مجتمعاتنا العربية، ومنها المجتمع السوري، حيث يلجأ بعض الأهل إلى أسلوب المقارنة اليومية بين أطفالهم وأقرانهم، ظنّاً منهم أن ذلك يدفع الطفل نحو التفوّق، دون إدراك لما تتركه هذه المقارنات من أثر سلبي على نفسية الطفل وثقته بذاته.
في أغلب المقاطع الكوميدية، عندما يتم الحديث عن الأم السورية، يذكرون الوالدة التي دوماً تقارن ابنها بابن خالته، ويتم تناول الموضوع من باب الفكاهة، لكن الأمر موجود فعلياً، ويؤدي إلى نتائج سلبية متنوعة. وأسباب اتباع وسيلة المقارنات العدة، منها حسب أمهات تحاورنا منهن: الضغط المجتمعي، فالأهالي يقارنون لتقليد الآخرين أو بسبب خوفهم من نظرة المجتمع.
كما أن أغلب الأهالي يقارنون دون أن يعلموا بالأثر النفسي الذي سوف يلحق بالطفل، إلى جانب رغبة الأب والأم بأن يملك الأبناء الصورة المثالية وأن يكونوا “الأفضل” في الوسط المحيط، إضافة إلى ذلك الاعتماد على التربية التقليدية، فالمقارنة كانت وسيلة شائعة بالتربية في المجتمعات المحافظة. في المقابل تؤدي المقارنات المتكررة والقاسية في حياة الأطفال إلى عدة ٱثار سلبية، بعض الأمهات لمسنها بشكل مباشر، وأبرزها: شعور الطفل بالإحباط، التقليل من إنجازاته وعدم تقديرها، وغرس الغيرة والعداوة خاصة بين الإخوة أو الزملاء المقارن بهم، كما أن هذا الأسلوب يقتل الشغف، فبدلاً أن يفعل الطفل شيئاً لأنه يحبه، يبدأ يفعله ليكسب رضا الآخرين، كما تسبب المقارنات ضعف الثقة بالنفس لدى الطفل، وشعوره بالدونية.
ويقترح عاملون في مجال الدعم النفسي الابتعاد عن المقارنات كلياً، واتباع أسلوب ألطف لتحفيز الطفل، مثل: مقارنة الطفل بنفسه بالقول: “أنت صرت تكتب أفضل من قبل!”، تعزيز نقاط قوته الفريدة، ودعم التقدّم، وليس النتائج فقط، والتركيز على الإيجابيات ودعمها. ويرون أن هناك ضرورة لمناقشة الموضوع مع الأهالي لتوعيتهم حول خطورته، مع ضرورة التواصل مع المدرسة لتجنّب التمييز والتحفيز الضار.
في الختام، أسلوب المقارنة في التربية بالمجتمع السوري يسبب آثاراً نفسية سلبية على الأطفال، كالإحباط وفقدان الثقة بالنفس. لذا، يجب تعزيز الوعي واعتماد أساليب إيجابية تركز على دعم الطفل وتقدير تقدمه، بالتعاون بين الأسرة والمدرسة، لبناء جيل واثق ومبدع.