الثورة – رفاه الدروبي:
الفسيفساء أقدم مهنة تصويرية في الحضارات القديمة جسدت الملاحم والكثير من الرموز، في العصور الرومانية واليونانية، وخاصة في سوريا، إذ نُقل هذا الفن عينه إلى روما لتخليد الأمجاد.
حول هذا الفن أشار شيخ الكار خلدون المسوتي إلى أنَّ الفسيفساء عبارة عن قطع من الرخام والحجر ملونة بالألوان الطبيعية ومنها يشكل عملاً إبداعياً، وتنوعت المواد من الحجر إلى الزجاج، ونجده في المسجدين الأموي والأقصى وكنيسة القيامة، كما تروي الكثير من اللقى الأثرية حكاية حضارة سوريا.
ولفت إلى أنَّ عائلته عملت بالمهنة منذ أكثر من خمسة عقود، وتعتبر من أوائل العائلات الدمشقية المتخصصة بها، إذ كان والده شيخ شيوخ الكار لحرفة الفسيفساء، عبد الكريم المسوتي الذي توفي مؤخراً، وكان ينجز أعمالاً فنية عما يسمى لاحقاً “مايكرو موزاييك” أي “الفسيفساء المنمنم” لأنَّ الحبة في الفن القديم تتجاوز السنتمتر الواحد بينما كانت أعماله بالميلمترات، كما أنجز تحفاً بأعمال “الروستيك” أي “المعشق الحجري” مثل “البازل” إضافة إلى النحت، وكان مغرماً بالفن والإبداع، لدرجة الولع بالحرفة، ولا يمكن لأي إنسان أن يبدع إلا عندما يحب المهنة لذا نقل عشقه لأولاده.
تعلم خلدون المهنة، إذ ترك دراسة الحقوق واتجه نحو ممارسة الحرفة عندما بدأ بمتابعة شغفه وحبه لها، فاستقى المعرفة من والده، وكان عند أدائه لأي عمل ينال من طاقته وتركيزه، ويجري العمل بقص قطع من الرخام بألوانه الطبيعية بشكل أقلام صغيرة، ثم تقطع إلى أجزاء بواسطة الكماشة، وكل جزء يرصف على اللوحة المرسومة أو المطبوعة بمكانها، وكثير من الأحيان تعاد بعد قص القطعة عدة مرات كي تناسب مكانها، وهكذا يقوم بعمل اللوحات أو الأرضيات أو تلبيس المجسمات حتى اللوحات المنجزة منها تروي حكايات وقصص.
وأوضح أنَّ والده درّب الكثير من النحاتين، وقدم أعمالاً فنية رخامية وفسيفساء وروستيك، وكان مبدعاً وله اسم من ذهب، وبوفاته خسرت المهنة أحد القامات الفنية المبدعة.