الثورة – عمار النعمة:
بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي أقام مجمع اللغة العربية بدمشق اليوم حفل تكريم للدكتور مكي الحسني الأمين العام السابق لمجمع اللغة العربية بدمشق.
وقال د. الحلبي في كلمة له نجتمعُ اليوم، لا لِنَطْوِي صفحةٌ من العطاء، بل لِنفْتَحَ فصلًا جديداً في كتاب الوفاء، نُكَرِّمُ رَجُلًا جعل من اللغة العربية نبراساً ونضالاً، وحَمل رَايتها في عَصْرٍ تَنَازَعَتْهُ الأَلْسُنُ والهويات.
إنَّهُ الأستاذ الدكتور مَكَّيُّ الحَسَنِيُّ، الأمين العام الذي خَرَجَ مِن صَمْتِ الكُتُبِ ليقيم بين حُرُوفِها نَهْضَةً، ويذود عنها بعلمه وبصيرته ورفعة قدره.
وأضاف د. الحلبي : لقد كان الدكتورُ مَكَّيَّ صوتاً ناطقاً بالحكمة، ومقداماً في مواكب العلم ما جَفَّ لَهُ يراعُ، ولا خمد له لِسانٌ ولا توانى عن خدمة الصَّادِ، وهي تنادي أهلها في ميدان البقاء.
تَجَلت في عهده فاعلية المجمع، وتألقت إصداراته، وتَفَاعَلَ مع قضايا العصر دون أن يُفرِّط بأصول البيان.
فيا من أكرم الحرف، وأعلى مناره لك منا جزيل الشكر وعميق التقدير، نكرم اليوم من سيبقى مكرماً في القلوب والعقول نُودِّعُه رسمياً، ونستبقيه علمياً وفكرياً، فمثله لا يغيب عن ساحات العطاء بل يبقى منارة للأجيال، ومرجعاً للرواد .
بدوره رئيس مجمع اللغة العربية الدكتور محمود السيد ألقى كلمة أكد فيها أن مكرمنا خدم وطنه السوري بعد حصوله على شهادة الدكتوراه ستين عاماً، وكان منها سبعة وثلاثون عاماً في جامعة دمشق قبل التحاقه عضواً عاملاً في المجمع، إذ إنه قام بتأليف كتب عدة في مجال اختصاصه العلمي في العلوم الفيزيائية، كما عمل على ترجمة كتب عدة في هذا المجال أيضاً.
وقال: يتسم الدكتور مكي بحرصه الشديد على حضوره يومياً إلى المجمع على الرغم من وضعه الصحي، وهو ملتزم بمواعيده، ومتقد الذاكرة، وحاضر البديهة، ومعبر عن رأيه بكل صراحة ووضوح، وإن كل من عمل معه يقدر عالياً مكانته العلمية وإسهاماته المجمعية، وسيرته العلمية المتعددة الأبعاد تدريساً وتأليفاً وبحثاً وترجمة وتقويماً وتدقيقاً لغوياً في مواقع عدة.
وأضاف د. السيد: سيستمر مجمعنا في السعي إلى تحقيق أهدافه في المحافظة على سلامة اللغة العربية وإغنائها بالمصطلحات العلمية والحضارية، والعناية بإحياء تراثها تحقيقاً ونشراً، والنظر في أصولها، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها، ووضع الحلول الآيلة إلى النهوض بواقعها، والسعي إلى كل ما من شأنه خدمة اللغة العربية لغة قرآننا الكريم الذي نزل به الروح الأمين على قلب رسولنا العربي الكريم .
أمين مجمع اللغة العربية الدكتور محمد قاسم قال: نلتقي في رحاب مجتمع الخالدين اليوم لنكَرُمَ عَلَماً مِنْ أعلامه العلماء الأَجلاء الذين أَفْنُوا أَعمارهم وربيع حياتهم في خدمَةٍ عِلم الفيزياء والعربية تدريساً وتأليفاً وترجمةً واحتراقاً بالعلم وانصرافاً إليه إجلالاً لأَهْلِهِ.. أَستاذنا الجليل العالم الفيزيائي اللغوي الدكتور محمد مكي الحسني الجزائري سليل أسرة شريعتها العلم وتمتها الفَضْلُ، وجدها الأمير المُجَاهِد عبد القادر الحسني الجزائري.
ولفت د. قاسم إلى أن الدكتور مكي وَجْهُ ناصِعُ مِنْ وجوه دمشق التي تعلمنا منها أبجدية الحب والعروبة والياسمين، وعَالِمٌ عامل منْ جِلَّة علمائها الذين وقفوا أعمارهم على خدمة العلم ورجاله، وسيبقى أثره نسمة هادئة في إثر ماء طهور، ومنارة من منائر دمشق يهتدي بها كل من سلك درب العلم، واتَّخَذَ العربية شرْعَةً ومنهاجاً.
أما مدير مكتب الدكتور مكي طهران صارم ألقت كلمة تحدثت بها عن عملها إلى جانب الدكتور مكي لسنوات طويلة إذ وصفت المكرم بالأب العطوف، مشيرة إلى أن الدكتور مكي قامة غنية عن التعريف وهو الذي عشق اللغة العربية وأحبها وأعطاها من وقته وجهده وعمله الشيء الكثير، إضافة إلى اختصاصه العلمي الدقيق في الفيزياء النووية.
وقالت: رغم تقدمه في السن وما يصاحبه من مشكلات صحية في بعض الأحيان فقد دأب على الحضور اليومي إلى مكتبه من دون كلل أو ملل للقيام بالمسؤوليات التي أنيطت به من استلامه أمانة المجمع عام ألفين وثمانية، وكثيراً ما كنت ألمس اهتمامه بالمجمع على حساب اهتمامه بالبيت والأسرة.
مختتمة بالقول: يضيق الوقت وتعجز الكلمات عن وصف قامة كبيرة واسم كبير کالدكتور مكي الحسني الجزائري والتي تحتاج ساعات طويلة للحديث عن سجاياه وخصاله.
في نهاية الحفل، عبّر الدكتور مكي الحسني عن شكره العميق لكل من حضر، مؤكداً أن مجمع اللغة العربية هو بيته الثاني، ومصدر فخره واعتزازه.