الثورة – جاك وهبه:
في حدث اقتصادي غير مسبوق، شهدت العاصمة دمشق انطلاق المنتدى الاستثماري السوري السعودي الأول من نوعه، بمشاركة واسعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين والسعوديين.
وحول دلالات هذه الخطوة، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية فاخر قربي إن الإعلان عن 6 مليارات دولار كقيمة استثمارات مزمعة لا يمكن اعتباره حدثاً عادياً، بل هو نقطة تحوّل قد تعيد رسم الخريطة الاقتصادية لسوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
وأوضح قربي، في تصريح خاص لصحيفة الثورة، أن هذا الرقم يعادل تقريباً ضعفي إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الذي دخل سوريا في سنوات ما قبل الأزمة، ما يعني أن البلاد على أعتاب طفرة محتملة في تدفق رؤوس الأموال إذا ما توفرت البيئة التشريعية والإدارية السليمة.
تخفيف البطالة
ويتابع قربي: “نتحدث هنا عن استثمارات يمكن أن تغيّر وجه الاقتصاد السوري خلال فترة قصيرة، فالمبلغ المعلن لا يمثّل مجرد ضخ مالي، بل هو التزام سياسي واقتصادي في آنٍ معاً من جانب دولة ذات ثقل إقليمي كبير، وهذا يعيد الاعتبار لسوريا كمركز اقتصادي في المشرق، بعد سنوات من العزلة والضغوط”.
وأشار إلى أن الأثر الأكبر لهذه الاستثمارات سيكون في مجال تشغيل اليد العاملة السورية، وتخفيف البطالة، وتنشيط السوق المحلية، وتحديث البنية التحتية للقطاعات الإنتاجية والخدمية، مما يعني تحسناً تدريجياً في حياة المواطنين، خاصة في المحافظات التي تأثرت بالنزاعات والتي تحتاج إلى مشاريع تنموية كبرى تعيد إليها النشاط الاقتصادي.
كما نبّه قربي إلى أن وجود هذا الوفد السعودي بهذا الحجم والتمثيل الرفيع هو في حد ذاته رسالة طمأنة لكل المستثمرين الآخرين، عرباً ودوليين، بأن سوريا باتت بيئة يمكن إعادة التفكير بها كموقع جاذب ومؤهل لاستقبال المشاريع طويلة الأجل”.
وأضاف: “الاقتصاد لا يتحرك فقط بالأرقام، بل بالثقة… وهذا المنتدى، بهذه الاتفاقيات، هو بمثابة إعلان ثقة من واحدة من أكبر الاقتصادات العربية تجاه سوريا، ويمكن البناء عليه لجذب استثمارات إضافية، إذا ما أدارت الحكومة الملف بحكمة، ووفرت الضمانات الفعلية للمستثمرين، من حيث الشفافية، سرعة الإجراءات، والاستقرار التشريعي”.
وختم قربي رأيه بالتأكيد على أن أهمية هذه الاتفاقيات لا تُقاس فقط بحجمها المالي، بل بقدرتها على التأسيس لعلاقات اقتصادية متوازنة، قائمة على التكامل، والمصالح المشتركة، والانفتاح المدروس على الاقتصاد الإقليمي، بما يخدم سوريا أولاً، ويسهم في استقرار المنطقة بأسرها.
ويُعد المنتدى الاقتصادي السوري السعودي الأول من نوعه، إذ عبّر المنظمون عن تطلعهم لأن يتحوّل إلى فعالية سنوية تجمع المستثمرين ورجال الأعمال من البلدين، وتُسهم في بناء منظومة تعاون إقليمي متجددة، تنطلق من الاقتصاد لتصل إلى أبعاد أوسع من الاستقرار والشراكة والتنمية المستدامة.