الثورة- عبد الحليم سعود:
لإنجاح أي مشروع وطني.. سياسي أو اقتصادي أو غيره، لا بد من التحضير له بشكل جيد وتوفير كل العوامل والأدوات المساعدة على ذلك، والعمل على تذليل كل المعوقات التي تحول دون هذا الهدف، بما يضمن الديمومة والاستمرارية، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالإعداد لانتخابات برلمانية نزيهة وشفافة في سوريا بعد تجربة حرب مريرة تركت آثارها الكارثية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفرزت اصطفافات سياسية وطائفية وصراعات داخلية تجعل من إنجاز استحقاق وطني مهم وحيوي كانتخاب مجلس الشعب وإعادة الروح للحياة البرلمانية الحقيقية أمر بالغ الصعوبة والتعقيد.
فليس سراً أن الحياة البرلمانية في سوريا كانت شبه معطلة طوال حكم النظام البائد، وكانت حكراً على نخب وأشخاص وفعاليات قريبة من النظام أقرب منها إلى الشعب، تمثله وتمثل مصالحه ومصالح أفرادها الضيقة ولا تعكس التمثيل الحقيقي لمكونات الشعب وفعالياته ونخبه وطاقاته، ولذلك فإن التحضيرات الحكومية الجارية واللقاءات المباشرة مع الفعاليات الشعبية والمجتمعية ضرورية جداً وهي تصب في إطار تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح هذا الاستحقاق.
فمجلس الشعب المنتظر مطالب بالكثير من العمل والجهد للخروج من مفرزات المرحلة السابقة والتخلص من آثارها المدمرة، وعليه تقع مسؤولية وطنية تجاه إصلاح وتسريع عجلة التشريع وصياغة القوانين والمراسيم التي تنظًم مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يفعل الحريات السياسية والاجتماعية، والتنمية الاقتصادية والبشرية، من أجل النهوض بسوريا من جديد.
وكان لافتاً في هذا الإطار اللقاء الذي عقدته اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب مع عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية المعتمدين في دمشق، بهدف اطلاعهم على مراحل العملية الانتخابية، حيث قدمت لهم عرضا حول آليات العمل المعتمدة لضمان النزاهة والشفافية في جميع مراحل العملية الانتخابية.
وفي هذا السياق أوضح محمد طه الأحمد رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب أن اللقاء مع مجموعة من السفراء العرب والأصدقاء من الدول المجاورة جاء “من باب الحرص على الوصول إلى أفضل تجربة لمجلس الشعب حتى يكون ممثلا لجميع السوريين، وحتى يكون قادرا على حمل الأعباء في المرحلة القادمة، سواء في العمل التأسيسي للمرحلة الجديدة في سوريا أو حتى الوظيفة التشريعية والتمثيلية والرقابية على السلطة التنفيذية”.
وأضاف أن اللقاء هدف إلى الاستماع إلى آراء السفراء العرب والأصدقاء من الدول المجاورة حول الآلية المطروحة من قِبل اللجنة العليا للانتخابات، وكان هناك نوع من المداخلات المهمة وذات القيمة العالية التي يمكن أن تعزز النظام الانتخابي المؤقت، الذي سيعزز بدوره قضية الوصول السلس إلى مجلس الشعب.
وفي إطار التحضير للانتخابات التقت اللجنة أيضاً وفدا من المجلس الاستشاري النسوي السوري، لمناقشة نظام الانتخابات والاستماع لآرائه ومقترحاته، لأن مشاركة المرأة في هذا الاستحقاق حاجة ماسة لضمان أوسع تمثيل لشرائح المجتمع كافة.
كما أجرت اللجنة منذ تشكلها زيارات عدة إلى معظم المحافظات، وعقدت مشاورات ولقاءات مع مختلف الشرائح المجتمعية، كما التقت مع ممثلي النقابات المهنية والمنظمات المحلية، من أجل الاستماع واستمزاج أراء هذه الفعاليات في آلية الانتخابات والتحضيرات لها، تعزيز لمبدأ الشفافية وضمان أوسع مشاركة.
ويؤكد الأحمد أن النظام الانتخابي المؤقت يتضمن حزمة من الضمانات الرامية إلى تحقيق أعلى درجات الشفافية وتشمل:- تشكيل اللجان الانتخابية الفرعية، و آليات الطعن والاعتراض على نتائج الانتخابات. بالإضافة إلى إتاحة الرقابة من المجتمع والمنظمات الدولية بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات، مشددا على أن الهدف هو تشكيل مجلس شعب يرتقي إلى تضحيات السوريين ويقود مرحلة إعادة البناء والتشريع.
أما عن الخطة الزمنية، فتبدأ- حسب الأحمد- بعد توقيع المرسوم الخاص بالنظام الانتخابي المؤقت، وتتوزع كما يلي: – أسبوع لاختيار اللجان الفرعية. – يليه 15 يوما لتشكيل الهيئات الناخبة. – ثم يُفتح باب الترشح لمدة 3 أيام. ثم أسبوع للدعاية والمناظرات.
يؤكد رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب على وجود رقابة من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية على الانتخابات، وهو ما يعتبره بعض المراقبين خطوة رائدة وبادرة جديدة على مستوى المنطقة، وهو ما يضفي مصداقية على عملية الانتخابات، لاسيما وأنها أول اختبار للسلطة الجديدة في سوريا ومدى التزامها بتشكيل سلطة تشريعية تمثل مختلف المكونات السورية.
