الثورة – وعد ديب:
يمثل بدء تدفق الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا خطوة بالغة الأهمية وسيكون لها انعكاسات واسعة على المشهد الاقتصادي وفي مختلف قطاعاته، لكونه يأتي في توقيت حرج يعاني فيه الاقتصاد من انكماش حاد وبُنى تحتية متهالكة، خصوصاً في قطاع الطاقة. هذا التطور يمكن اعتباره مدخلا لتحريك عجلة الانتعاش الاقتصادي التدريجي، ليس فقط في الجانب الخدمي بل في الاقتصاد الحقيقي بمختلف مكوناته. هذا ما أكد عليه الخبير والباحث في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المغربل، لافتاً إلى أن هذه الخطوة العملية ستتبعها خطوات لاحقة من شأنها استكمال عملية النهوض بالاقتصاد السوري.
آثار إيجابية شاملة
ورداً على تساؤلات “الثورة” عن الأثر الذي يمكن أن يحدثه تدفق الغاز الطبيعي إلى سوريا بالقطاعات الحيوية وغيرها؟. قال المغربل: على مستوى قطاع الكهرباء، الذي لطالما شكل العصب الأضعف في حياة المواطن السوري اليومية، فإن استقرار التغذية الكهربائية سينعكس مباشرة في تحسين نوعية حياة السكان وتيسير النشاط الإنتاجي، سواء في الأحياء السكنية أو في المناطق الصناعية، فالفجوة بين الطلب والعرض لن تُردم مباشرة، لكن هذا التحول النوعي سيعيد الثقة بإمكانية بناء شبكة طاقة وطنية أكثر استقراراً واستدامة. وتابع: أما في القطاع الصناعي، فإن توفر الكهرباء بصورة أكثر انتظاماً يحرّر المعامل من اعتمادها على الوقود التقليدي والمولدات، ما يعني خفضاً في التكاليف التشغيلية وتحسناً في جودة الإنتاج.
وهذا من شأنه أن يعيد الأمل لإعادة تشغيل آلاف الورش والمصانع، توقفت بسبب أزمة الطاقة، خاصة في المدن الكبرى التي كانت تشكّل سابقاً قواعد إنتاج محورية. في القطاع الزراعي، وبحسب الباحث الاقتصادي، لا تبدو التأثيرات مباشرة على الزراعة ذاتها، لكنها تتجلى في دعم الصناعات المرتبطة بها، كالتوضيب والتخزين والنقل البارد، وهي عناصر مهمة في تحسين القيمة المضافة للمنتجات الزراعية وتقليل الهدر، كما أن هذا الاستقرار في الطاقة سيسهم في دعم مشاريع ضخ المياه والري الحديثة، وهو أمر جوهري في ظل التغيرات المناخية وشح الموارد المائية. وفيما يتعلق بقطاع الخدمات، خصوصاً التعليم والصحة يشير إلى أن التغذية الكهربائية المنتظمة ستمكّن من تشغيل الأجهزة الحيوية والمخابر، وتسهم في استقرار العملية التعليمية، ولا سيما في المناطق التي أرهقتها الانقطاعات المستمرة، وهذا ينعكس بدوره على نوعية الخدمات المقدمة وعلى كفاءة الموارد البشرية في المدى المتوسط. وينوه إلى ان القطاع التجاري يستفيد بدوره من مرونة أكبر في التشغيل، فالمحال التجارية، والأسواق، والمرافق الخدمية الصغيرة، ستتمكن من العمل بساعات أطول وكفاءة أعلى، مما يعيد تنشيط الحركة الاقتصادية المحلية ويخلق فرص عمل غير مباشرة.
أما على صعيد الأثر البعيد المدى، يرى المغربل أنه سياسي واقتصادي في آن معاً، إذ إن استقرار قطاع الطاقة يبعث برسائل طمأنة للمستثمرين المحليين والدوليين، ويعزز مناخ الثقة في قدرة سوريا على استعادة حد أدنى من استقرار البنية التحتية، وهذا أمر جوهري في أي مسار لإعادة الإعمار أو الانفتاح الاقتصادي المستقبلي.