الثورة – رفاه الدروبي:
“يمكن إخراج العمل سينمائياً فيما لو أتيحت له الفرصة من قبل جهة إنتاجية تُموِّله”، هذا ما أكده المخرج محمد عبد العزيز خلال حديثه مع الإعلاميين في حفل توقيع روايته الجديدة :”الجمال العظيم” في مقهى الروضة بحضور جمهور كبير من الفنانين والمثقفين والمبدعين.
عبد العزيز الذي لم يكتفِ بالإخراج، بل طرق باب التأليف ،تحمل روايته الصادرة عن “دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع” بين دفتيها ٢٠٥ صفحات من القطع المتوسط، وتُركِّز على الشمال السوري من خلال مشهدية سينمائية عالية، ولغة بصرية خاصة به، وجد فيها الفرصة لحدث اجتماعي- سياسي في منطقة متعددة الثقافات والحريات كتبها عام ٢٠٠٩، وعمد لإعادة صياغة فصل كامل منها مُبدياً تفاؤله في المجال الثقافي الراهن.
حمل الغلاف الأخير للرواية مغزاها الجميل والعبر من خلال السيرة الذاتية للمخرج والكاتب نفسه، وورد في النص.. أنَّه كمَن يتدلَّى نحو بئر، يغوص محمد عبد العزيز في مياه عميقة، كاشفاً عن كنوز وطقوس وأساطير بيئة الشمال المُهملة بعيني طفل يرى ما لا يراه الآخرون..
يتأمَّل حركة الكائنات في وحدتها، وإذا به بالتفاتة جانبية يُحَوِّل الطين إلى صلصال كأنه لم يقطع حبل المشيمة مع أمه يوماً، بغياب الأب الذي نطق عبارةً أخيرةً ثم غفا إلى الأبد “ما أحلى رائحة الدنيا”.
هكذا بات قبر الأب فوق تلة عالية مزاراً للعائلة تستمدُّ منه قوةً غامضةً تمنحهم جميعاً أسباب النجاة.
وعلى المقلب الآخر تتشتَّت دروب المتاهة بين قريةٍ يعصف بها الغبار ومدينةٍ تُهديه مشهداً مغايراً، تتدفَّق الصورأمامه مثل شريط سينمائي مدهش سيعيد تركيبه بوعي لاحق تبعاً لعمل الغريزة ويقظة الحواس.
في المدرسة الابتدائية تُعانده اللغة في فهم الشعارات الجوفاء التي يُردِّدها المعلم أمام التلاميذ، فيلجأ الطفل إلى الرسم كتعويض عن هذه الهجنة اللغوية التي كانت “كحجرٍ في الفم”.
ليس ما يُدوِّنه محمد عبد العزيز في هذه الرواية سيرة ذاتية خالصة، بقدر ما هي مشهديات تنطوي على روح متوثِّبة هي حراثة أرض بكر لم تقربها الرواية السورية بمثل هذه البراءة والعذوبة والألم.