بعد تزايد ساعات التقنين .. المواطن يتوجه لسوق المولدات الكهربائية ثانية هــــــــــــل أصبح التاجـر عرافا يستنبط نوع الازمة قبل حدوثها ؟…
ثورة أون لاين: رزح المواطن تحت ضغط كبير خلال الفترة الماضية؛ من ضغط نفسي جرّاء ما يحدث من خراب ودمار ، إلى ضغط مالي جرّاء استغلال مَن يمكن وصفهم بـ «اللامنتمين» إلى سورية و الوطن ، وضغط جسدي بسبب ما عاناه المواطن مِن تعب للحصول على ما يؤمِّن له ولأسرته أبسط المستلزمات اليومية
أنَّ الاستغلال والاحتيال التجاري أضحيا سيّد الموقف، حتى وصلا إلى قوت وأمان المواطن. فبعد أن قام بفعلته مَن قام بتفجيرٍ أو تخريبٍ، أو لنقُل قام بالمساس بموارد محطات الكهرباء ومخصَّصات التوليد، رزح المواطن السوري تحت العتمة والظلام الذي أضاء الطريق للناخرين في جدار البيت السوري عن طريق الاحتكار والتجارة والتلاعب بالأسواق خاصة في هذه الايام الشديدة الحر و حاجة المواطن فيها للتبريد كحاجته للتدفئة شتاء و ربما أكثر و أمام عودة تزايد ساعات التقنين عاد المواطن للتوجه الى سوق المولدات الكهربائية
تجارة أم عرافة
يقول السيد (سامر حداد ) هو و أحد تجار المفرق في دمشق: «بدأ مندوبو المبيعات بالاتصال بنا للاستفسار عما إذا كنا نريد الحصول على المولدات لبيعها للمواطنين، وكان في نبرته اطمئنان غير مسبوق إلى أننا لن نرفض أيَّ سعر يقدِّمه لنا، فنحن التجار نعلم تماماً كيف يتكلَّم مندوب المبيعات حين يكون مضطرَّاً إلى البيع، أو حين يريد أن يفرض السعر».. يكمل سامر وفي عينيه تلميح إلى أنَّ المولدات قد وُجدت في سورية مع بداية أزمة الكهرباء مباشرةً؛ أي كما يقول: يبدو أنَّ التجار الكبار توقَّعوا أنَّ هناك نظامَ تقنين سيُتَّبع في جميع المناطق السورية، في إشارة منه إلى أنَّ المولدات وصلت إلى البلاد مع بداية التقنين.. ويوافقه الرأي أحد كبار تجار المفرق في منطقة زقاق الجن، حيث يؤكِّد أنَّ «أيّ عملية استيراد وشراء وتفاوض ونقل للمولدات، ستحتاج إلى أشهر، إلا في حال كان مَن يقوم بهذه المفاوضات قد بدأ بها قبل فترة، ومن ثم استجرَّ المولدات على عجل».. واستبعد التاجر أن تكون المولدات موجودة مسبقاً في سورية، على اعتبار أنها بضائع رائجة في المناطق الزراعية، مؤكِّداً أنَّ المولدات، التي ملأت الأسواق من حيث الكمية والموديلات، تؤكِّد بما لايدع مجالاً للشك أنها محدثة التصنيع، وليست قديمة، كما هو حال المولدات الرائجة في المناطق الزراعية، ما يحمل معنى وحيداً؛ أنَّ هذه المولدات دخلت إلى السوق السورية مع بداية التقنين.. ويضيف التاجر: «حتى إنَّ هناك بعض الماركات تمَّ بيعها في سنة الإنتاج نفسها؛ أي 2012»..
كثير مِن تجار زقاق الجن والتجار الموزّعين في أسواق دمشق وريفها، أكَّدوا أنه يتمُّ استغلالهم، حتى إنَّ هوامش ربحهم قليلة، عدا بعض أنواع المولدات التي لايمكن ضمانة جودة عملها. يقول محمد عمر ، (بائع ألبسة رجالية) الذي يضع خمسة أو ستة مولدات أمام محله لبيعها: «لقد أصبحت تجارة المولدات جيدة ومربحة.. صحيح أنَّ هوامش الربح المُعطاة من الشركة الموزّعة قليلة، لكننا نضيف ما نريده إلى السعر، فلارقابة على الأسعار، لأنه لايوجد توصيف صريح لكلِّ مولد واستطاعته، والسوق أصبح بازاراً
انواع سيئة
بينما يسخر مهندس الكهرباء خالد الباشا، من المولدات الموجودة في السوق للاستعمالات المنزلية بقوله: «هذه المولِّدات زبالة الإنتاج في مصانع الصين وتايوان، ويُكتب عليها (صنع في اليابان أو ألمانيا أو أوروبا الشرقية)، وهي غير صالحة للعمل في بيئات صعبة، عدا عن سرعة الاهتراء في الأجزاء المتحرّكة فيها، وكأنه قد تمَّ استيرادها على عجل من دون تمحيص في مواصفاتها».. وهنا نستحضر الشكّ الذي طرحه التاجر سامر حداد ، في أنَّ هناك عرّافين يعملون لدى التجار الكبار، حيث أكَّد ضمن حديثه أنه لاحظ، مع رفاقه من تجار المفرق، أنَّ عمليات تسويق المولدات قد انخفضت، وأنَّ الكميات أصبحت قليلة
قبل البدء بتخفيض ساعات التقنين الذي قامت به الوزارة وأعلن عنه وزير الكهرباء في الإعلام، بينما ارتفع سعر المولدات بشكل كبير قبل تخفيض ساعات التقنين بأسبوع فقط، فسعر المولدات المنزلية ارتفع أكثر من 40 % بحسب استطاعة كلِّ مولد وقدرته التوليدية
ارتفاع 100 %
ما ذكره السيد سامر حداد كان توطئة للواقع الذي وصفه عدد من التجار، حيث إنَّ التهافت الكبير على المولدات أدَّى إلى زيادة أسعارها بنسبة وصلت إلى 100 %، ووصلت نسب البيع في بعض محلات زقاق الجن إلى أكثر من ثمانين مولّداً في أسبوع واحد.. مقارنة بالفترة الزمنية نفسها في السنوات الماضية، كانت المولدات من البضائع «التنويعية» لا الأساسية، كما هو الحال الآن.
يقول تاجر في منطقة المرجة اثر عدم ذكر اسمه: «زبائننا ليسوا من المواطنين فقط، بل كلّ مَن لديه محل تجاري، سواء كان لبيع اللحم أم الملابس.. وهؤلاء، يأتي أحدهم ليشتري أربعة أو خمسة مولدات؛ واحدة للاستعمال، والمولدات المتبقّية يضعها أمام باب محله ويسترزق منها، بعد أن أصبحت حاجة ضرورية».. مضيفاً: «أنا شخصياً أعتمد على تنبّؤات بائعي الجملة وما يقومون به من عمليات توزيع، ولديّ تساؤلات كثيرة بيني وبين نفسي حول شطارة المستوردين في قراءة المستقبل، وما ستصدره الحكومة من قرارات بخصوص تقنين عدد الساعات، والمناطق التي سينخفض التقنين أو يزيد فيها»..
ويؤكِّد هذا التاجر أنهم باتوا يدركون ما سيحدث في مناطق عدة مِن طريقة عرض المولدات والعروض التي تُقدّم لهم. ويعطي مثالاً على ذلك: «في إحدى المرات اتَّصل بي أحد مندوبي المستوردين ليعرض عليَّ مولدات كهربائية تعمل على الغاز، وقال لي إنها متوافرة بكميات كبيرة، وهي توفِّر على الجيب بشكل أكبر، فاتَّصلت بأحد أصدقائي وقلت له، أراهنك على أنَّ أزمة بنزين ستحدث في البلاد بعد أقل من أسبوع، وبالفعل بعد عشرة أيام حدث ما توقّعتُه، وهذا لايمكن ربطه بالواقع، لكن هناك الكثير من إشارات الاستفهام حول الموضوع
مصروف جديد
الاعتماد على المولدات خلق مشكلةَ مصروفٍ أكبر على المواطن. وبما أنَّ ساعات التقنين قد انخفضت حالياً، اختفت هذه المشكلة تقريباً، فبينما كان مقدّراً على المواطن دفع أكثر من 300 ليرة يومياً ثمن بنزين لتشغيل المولّدة، أصبح يدفع بين 80 و120 ليرة؛ لانخفاض الفترات- طبعاً الكلام هنا عن دمشق وبعض المناطق في ريفها- وهنا يكون المواطن قد اشترى سلعة بضعف ثمنها وتكلَّف عليها ليركنها في سقيفة المنزل، أو لنأتي إلى المشكلة الثانية؛ ألا وهي إعادة بيع المولّدات المستعملة.
يقول (غازي- ك): «وصل إليَّ خبر، أنَّ الحكومة ستسمح باستيراد المستعمل من المولدات، وذلك بعد أسبوع تقريباً من عرض قدَّمه بعض التجار بأن نشتري المولّدات المستعملة إذا كنا نرغب في بيعها، وهي بحالة جيدة (طبعاً كلّ المولدات جيدة لأنها لم تُستعمل لأكثر من خمسة أشهر) ونشتريها بنصف السعر تقريباً».. يقول المواطن أحمد علايا: «اضطررت إلى شراء مولّدة حتى لايجنّ أهلي من طول فترة انقطاع الكهرباء، فابنتي في الثالث الثانوي، وزوجتي مصابة برهاب المناطق المغلقة والمظلمة، ولدي طفلان بعمر خمسة وسبعة أعوام.. دفعت ثمن المولدة 22 ألف ليرة؛ لأكتشف بعدها أنَّ السعر الحقيقي في السوق العالمية لايتجاوز 10 آلاف ليرة، والآن عُرض عليَّ بيعها مستعملة بعشرة آلاف، علماً بأنني لم أستعملها أكثر من ثلاثة أشهر ».. مضيفاً: «كلُّ الناس الذين تورَّطوا واشتروا مولدات منزلية، اتَّجهوا إلى البيع، فانخفضت الأسعار أكثر.. نحن عُرضة إلى أكبر عملية استغلال يمكن أن نشهدها
مشهد حكومي
و اذا ما تابعت الموضوع حكوميا لاستنباط معطيات توضيحية حول الامر لن تجد من يرغب باعطائك أي توضيح رسمي و لكن بالتوجُّه إلى الجهات المسؤولة عن توليد الكهرباء في سورية، فوجئنا باعتمادها الأسلوب العالمي في التصريح، ، وأنَّ مسألة العرَّافين والتوقّعات التي يقوم بها المستوردون هي مسألة يتوهَّمها بعض المشكِّكين والمتضرِّرين، الذين لم يستطيعوا الاصطياد في الماء العكر.. في الوقت الذي أكَّد فيه موظف في إحدى الوزارات المعنية أنَّ هناك تواصلاً غير شرعي بين بعض ضعاف النفوذ والمستوردين، حيث يعطونهم بعض المعلومات عن الوضع الكهربائي وأوضاع التقنين في المراحل المقبلة، والتي يبني عليها المستوردون خططهم في التوزيع والاستيراد ورفع الأسعار وخفضها، والمناطق التي يجب تكثيف الترويج فيها، وكلُّ هذا- بحسب ما يؤكِّده المصدر- يحدث بطريقة غير مباشرة وغير رسمية، ومَن يقوم به يعرِّض نفسه إلى المعاقبة والمحاسبة.. وأكَّد أنَّ «هناك أزمة كهربائية كبيرة، حتى لو تمَّ حلُّها بشكل جزئي والاتجاه إلى تخفيض ساعات التقنين، فهذا لايعني أنه لايوجد خطر مستقبلي، فحاجة البلاد من الكهرباء تصل إلى سبعة آلاف ميغاواط، والمتوافر هو ستة آلاف، والعجز يُوزَّع على المحافظات»..
وعند الاستفسار منه عن أنَّ هناك مناطق انقطعت عنها الكهرباء بشكل متواصل، خلال الأزمة، لمدة أكثر من عشرين يوماً، أوضح المصدر أنه «لولا هذه الفترات الطويلة في هذه المناطق، لكانت دمشق ترزح تحت الظلام لفترات طويلة جداً». وتابع المصدر: «تحتاج سورية إلى أكثر من 5 مليارات يورو للاستثمار في مجال التوليد خلال السنوات السبع القادمة، حيث سيصل عدد المشتركين في الطاقة الكهربائية إلى 7 ملايين مشترك، وهو في ازدياد مطرد، من دون حساب أو خطة، خاصة مع زيادة البناء العشوائي.
الثورة أون لاين – موسى الشماس