شغلت قضية التسول ضمير ووجدان المجتمع السوري لسنوات طوال، ومازالت تطل بأنفها العالي على حوافي الشقاء والقهر والحاجة، بعدما أصبحت ظاهرة لا يمكن تغطيتها بغربال الواقع.
ففي كل زاوية ومفترق طرق، وفسحة من ساحات وشوارع المدن والبلدات، تلهث الأنفس وراء ضغط الحاجة من صغار وكبار، وجوه يعلوها غبار البؤس تحار في أمرها اليومي، وهي تقتات على ذل السؤال بين المارة في العرض والطلب..
عيون ترمقهم من دون اكتراث، وأخرى على استحياء من تواضع العطاء..
متسولون على أبواب هدنة الأيام التي لم ترحمهم، الظروف القاسية فعلت فعلها في سنوات الحرب ومازالت، ورمت بسهامها الاجتماعية في أحضان المجهول.
لطالما نامت القوانين وغفلت الجهات المعنية على أن تفعل فعلها بتطبيق ما يلزم تجاه تسول الصغار على الأقل، وبدل أن تكون وجهتهم البحث في دروب العلم والمعرفة من خلال المدارس ودورات التدريب والتأهيل في المعاهد والمراكز وغيرها لتعويض الفاقد التعليمي، نراهم تائهين بين حاجة أسرية من الصعب تجاهلها، وفوضى مجتمع فرضت عليه الظروف أن يكون مثقلاً بكل أعباء الحياة الضاغطة، على النفس والجسد من دون استراحة تجبر الخاطر وتعلل الأرواح بالآمال.