مع الحديث عن انفتاح البلد وتحسن الجو الاستثماري، بدأت تعلو أصوات المنتجين المحليين عن صعوبة المنافسة مع المنتجات المستوردة في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات، وفي تأكيد على ذلك فقد أظهرت المعطيات أن المنشآت التي تعتمد على الطاقات المتجددة هي وحدها مَن فازت بمناقصات المنظمات الدولية ولاسيما الألبسة والمنظفات، وذلك لأن ورشها تعتمد على منظومات الطاقة الشمسية في تأمين الكهرباء لتشغيل ماكينات الخياطة وخلط ومزج المنظفات.
المنشآت السياحية أيضاً تعتمد على الطاقات المتجددة بشكل كبير، لأن كهرباء الشبكة- عدا عن كونها محدودة المدة، وكذلك الأمبيرات أسعارها مرتفعة، وهذا ينعكس بالنهاية على فاتورة الزبون.
ما سبق يعني أن الطاقات المتجددة لم تعد خياراً للبقاء والمنافسة، وإنما حتمية، ولاسيما في ظل ثورة التقنيات في هذا المجال، والتي كان آخرها جيل جديد من ألواح الطاقة الشمسية بحجم كف اليد يفوق بقدرته الألواح التقليدية بـ (1000) ضعف، وهذا من شأنه تغيير معادلة الطاقة في العالم، ويحدد أشكال السباق في الإنتاج بمعايير بيئية، إذ بدأت بعض الجهات تشترط على مَن يقدم لها المنتجات أن يكون منتجة على طاقات متجددة، ولو كانت أعلى سعراً، حتى أن ذلك أصبح بنداً رئيساً في شروط التقدم لبعض المناقصات.
تتوفر لدينا طاقة الشمس والرياح بكثرة، وهذا يجعل الطاقة المتجددة فرصة ثمينة للمشاريع الصغيرة كونه يخفض التكاليف التشغيلية (فواتير الكهرباء) بنسبة تصل إلى 70 بالمئة، عدا عن استقرار العمل بمواجهة انقطاع الكهرباء وتقلبات أسعارها.
في ضوء ما سبق ذكره، وفي ضوء ما يتم الإعلان عن مشاريع استثمارية فإن- وإن هنا حتمية- إقامة استثمارات لتوطين صناعة تجهيزات الطاقة الشمسية والريحية (ألواح، انفيرترات، مدخرات، عنفات ريحية منزلية أو محدودة الاستطاعات..الخ) سيكون من أهم المشاريع الاستثمارية والأعلى إيراداً والأكثر طلباً في الأسواق، على أن تكون هذه الاستثمارات مدروسة بطريقة تواكب آخر التقنيات والأجيال في هذا المجال، كما أنه يوفر الكثير من فرص العمل، ويوفر القطع الأجنبي ويضمن مراقبة الجودة.
الاستثمار في تجهيزات الطاقات المتجددة من أعلى الاستثمارات ربحاً وديمومة، وربما الأقل مخاطرة، وعلى رأي جارنا طلال صاحب ورشة خياطة (طواقي وقبعات)، “طول ما في شمس، وطول ما في برد بدك تلبس طاقية، ورأس مالها ماكينة خياطة.. وعد مصاري”، وهي هكذا بالنسبة للطاقة تماماً.
